17/01/2014, 08:05 PM
|
 | زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 04/09/2008 المكان: حى منفوحة الجديدة - الرياض
مشاركات: 26,476
| |
فى الفترةمن29 أغسطس إلى أول سبتمبر1967 ،عقد بالخرطوم مؤتمر قمة لدول الجامعة العربية وقد خصص اللقاء بأكملة بغرض إجراء مصالحة بين دول عربية معينة جرت بينها خلافات شديدة أدت إلى قطيعة تامة وإنقسام إلى معسكرات متباينة فى رؤاها وسياساتها .
وللإحاطة بذلك يحسن الرجوع إلى إطلالة مختصرة على واقع حال العالم العربى قبل المؤتمر المذكور بداية بعام 1952 ، ففى مصر حدث انقلاب عسكرى قام به ضباط جيش مصريون ضد الحكم الملكي في 23 يوليو 1952 وعرف في البداية بالحركة المباركة ثم أطلق عليها البعض فيما بعد لفظ ثورة 23 يوليو ، والإنقلاب قام به تنظيم الضباط الأحرار في الجيش المصري بزعامة اللواء محمد نجيب وقيادة البكباشي جمال عبد الناصر ، ونجح في السيطرة على الأمور وعلى المرافق الحيوية في البلاد وأذاع البيان الأول للثورة بصوت أنور السادات وأجبرت الحركة الملك فاروق على التنازل عن العرش لولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد في 26 يوليو1952 ثم الغيت الملكية وأعلنت الجمهورية في 1953 .
ظاهريا كان قائد الحركة هو اللواء محمد نجيب والواقع أن اختياره تم - من قبل الضباط الأحرار – ليكون واجهة للثورة إبان ليلة 23 يوليو وذلك لسنه الكبير وسمعته الحسنة في الجيش. لكن صراعا على السلطة نشأ بينه وبين جمال عبد الناصر، استطاع جمال أن يحسمة إلى صفه في النهاية ، وتولى بعد ذلك حكم مصر من 1954 حتى وفاته عام 1970 واستمد شرعية حكمه من ثورة يوليو.
كانت الطبيعة السياسية لثورة يوليو أنها ذات بعد قومى عربى ، تهدف إلى توحيد الأمة العربية وحشد طاقات دولها من الخليج إلى المحيط ، وأن السبيل لجعل الأمة فى موقف القوة والعزة هى في توحد الشعب العربى فى بوتقة واحدة ، وهذه الفكرة تقوم على أسس :
أولا : التاريخ المشترك والتراث الفكرى والثقافى للعرب .
ثانيا : الوضع الديمغرافى حيث أن أقطار الأمة العربية تتكامل أرضا وسكاناً .
ثالثا : عامل اللغة وماله من تأثيرفى وجدان الفرد وترابط الأمة شعورا وتلاحماً .
رابعا : المصير المشترك بالنظر للمستقبل فى عصر التكتلات الإقليمية والعالمية .
ولذلك تحركت بهذا الفهم وبنت سياستها على نحو يتجاوزحدود مصر:
· دخلت فى تجربة الوحدة مع سوريا في فبراير 1958 ولم تستمر طويلا لعوامل عديدة .
· ساهمت الثورة في استقلال الكويت .
· قامت بدعم الثورة العراقية التى قضت على حكم الملك فيصل عام 1958 .
· ساعدت مصر شعب اليمن الجنوبي في ثورته ضد المحتل الإنجليزى حتى النصر وإعلان الجمهورية .
· دعمث الثورة فى الجزائر ضد الإستعمار الفرنسى ماديا ومعنويا وساندت حركات الإستقلال فى تونس والمغرب .
· قامت بتعبئة معنوية ضخمة غذتها بمنتوج ثقافى هائل وإعلام كان له أثر بالغ فى المنطقة العربية .
· ثورة اليمن 1962 :
يمكن القول بأن التغيير الذى جرى فى اليمن عام 62 كان له أثر بالغ فى تحول علاقة مصر بالدول التى تحكمها الملكية فى العالم العربى السعودية والأردن بالتحديد نحو الخلاف والتدابر وسيأتى تفصيله .
بدأ الأمر بانقلاب عسكرى فى اليمن يوم 26 مايو 1962 على يد العميد عبدالله السلال الذى أطاح بنظام الإمامة ، وبعد ذلك بيومين سارع جمال عبدالناصر للاعتراف بالنظام الجديد وأعلن عن دعمه الصريح للنظام الجديد وحذرت فى خطابها القوى الأجنبية من التدخل فى الشأن الداخلى لليمن . .
السلال طلب من مصر أن تساعده عسكرياً وسياسياً فقرر عبدالناصر التدخل المباشر لمساندته وفى 27 سبتمبر 1962 أرسلت مصر كتائب صاعقة وسرب طائرات معادلة لقذف القنابل والصواريخ، فقد أعتقد جمال عبدالناصر أن قرار التدخل العسكرى السريع فى اليمن يمكن أن يمنع احتمالات التدخل الخارجى المضاد، ووجد فى التدخل العسكرى فى اليمن عملاً يستعيد به توازنه ويرد إليه اعتباره بعد انهيار الوحدة بين مصر وسوريا مما سدد ضربة عنيفة إلى وضع القيادة المصرية للعالم العربى.
اتفقت كل من السعودية والأردن على مناهضة النظام الجمهورى فى اليمن وقبلت الأولى (الإمام البدر)لاجئا فى أراضيها وصرحت بتصميمها على مساعدته فى استرداد الحكم لأنها اعتقدت أن عبدالناصر يسعى إلى الحصول على موطئ قدم فى شبه الجزيرة العربية ليطيح بالحكم السعودى .
أما الملك حسين فقد كان على علاقة متوترة بعبد الناصر بعد سقوط مُلك عمه فيصل بالعراق فأرسل مساعدات عسكرية وأنشأت السعودية والأردن قيادة عسكرية مشتركة انتقلت إلى منطقة نجران فى جنوب السعودية فردت القيادة المصرية على ذلك بإرسال وحدات عسكرية متكاملة إلى اليمن للدفاع عن الثورة ، ومن هنا بدأت الحرب المسماة (حرب اليمن ) .
استمرت المواجهة العسكرية بين الفريقين على أرض اليمن وكلفت الكثير من الضحايا والمال وكانت بالنسبة لعبد الناصر بمثابة ورطة حقيقية لم يخرج منها بسهولة ،نسبة لما واجهه الجيش المصرى من صعوبات فى مناطق جبلية لم يعهدها من قبل ، وكلما زاد عدد أفراده واسلحته زاد تورطاً وخسائراً ، وصحب ذلك حرب إعلامية شرسة كان الصوت المصرى فيها أعلى (إذاعة صوت العرب ) مما أفضى إلى شحناء وبغض يبن قادة المعسكرين .
على الضفة الأخرى كان الغرب حاضرا فى المشهد فبريطانيا وفرنسا لم تنسيا الضربة الإقتصادية التى جاءت من عبدالناصر بتأميم قناة السويس1956 ، والفشل الذى لازمهما إثر ذلك فى العدوان الثلاثى العسكرى بالإشتراك مع إسرائيل فانسحبوا خوفا من التهديد الروسى الصريح بالتدخل المساند لمصر، وأيضا لعدم رضا أمريكا عن العدوان رغم موقفها المتأزم مع مصر ، وزاد من حنقهم على مصر توجهها الإشتراكى بتأميم الشركات والمصالح الإجنبية فى مصر1961وإخضاعها بالكامل لسيادة القطاع العام الوطنى ، والموقف القوى المؤيد لشعب فلسطين فى صراعه مع العدو الصهيونى .
باقتراب عام 1967 كانت مصر بقيادة عبدالناصر قد توسعت فى سياستها الخارجية بما حملت من طموحات فتوجهت بخلاف عالمها العربى نحو قارتى آسيا وأفريقيا دعما ومساندة لحركات التحرر من أجل الإستقلال تحت صيغة التضامن الآسيوى الأفريقى ، وكان عبدالناصر من أبرز ثلاثة زعماء أسسوا حركة عدم الإنحياز أو بمسماها الآخر ( الحياد الإيجابى ) بغرض إبعاد الدول النامية من صراع الحرب الباردة بين القطبين أمريكا وروسيا ،( والزعيمين الآخرين هما الهندى نهرو واليوغسلافى تيتو الذى نأى ببلده من الدخول فى منظومة دول شرق أوربا الموالية لروسيا ).
ومثل هذا التوجه لا بد وأن يترك أثره على إقتصاد دولة ناشئة تحتاج إلى إرساء بنيات أساسية واستقرارسياسى واقتصادى يحقق تنمية وعدالة اجتماعية وهو من أبرز مبادىء ثورة يوليو ، وفى الجانب السياسى الداخلى برزت خلافات بين قادة الثورة أدت لابتعاد بعضهم نأياً بأنفسهم عن الصراعات أوبإبعادهم وبالتالى قويت قبضة عبدالناصر على السلطة.
كذلك لم يتمكن النظام من الوفاء بمبدأ آخر من أهم ميادىء الثورة الذى تعهدت به ألا وهو بناء نظام ديمقراطى معافى وسليم يقوم على الحرية والتعددية ، وبدلا من ذلك تم يناء نظام الحزب الواحد وهو الإتحاد القومى وسمى فيما بعد بالإتحاد الإشتراكى .
فظهرت سلبيات الجنوح نحو حكم الفرد والزعيم الواحد الملهم ، ومراكز القوى والشلليات داخل التنظيم ، والتسيب والفساد فى إدارة مرافق القطاع العام الذى احتكر معظم الإنتاج والتوزيع ، وامتد التراخى للجيش بما حصل عليه من امتيازات وترف ، وترسيخ إعلام الإتجاه الواحد الموالى للسلطة وحجب الحقائق وعدم القدرة على النقد السليم .
هزيمة يونيو 1967 :
كانت إسرائيل تعد العدة - بمعاونة أمريكا وحلفاءها - لتوجيه ضربة قاضية لنظام ناصر باعتباره رأس الرمح فى مقاومة المشروع الصهيونى وبسط النفوذ الغربى على منطقة الشرق الأوسط ، ومهدت لذلك بمجموعة من الأحداث ( تصريحات ، تهديدات ، تحركات عسكرية على الحدود ، تعبئةعامة داخلية ، ) فأشاعت جوا من التوتر فى المنطقة مما حدا بالدول المتاخمة لها ( مصر وسوريا والأردن ) للتحرك والتنسيق رغم الخلاف المصرى الأردنى .
وبخدعة سياسية استطاعت أمريكا تغييب أو تحييد روسيا من الدخول فى المعترك ، وتحت هذا الغطاء وجهت إسرائيل ضربة خاطفة فى 5/6/1967 لثلاث دول مجتمعة ، أفلحت فى هزيمة الجيوش العربية الثلاثة وتوسعت باحتلال أراضى جديدة ، سميت بحرب الأيام الستة حين تدخل مجلس الأمن ليوقف القتال على واقع جديد فرضته إسرائيل .
بالنسبة لمصر كانت الهزيمة قاسية حيث انكسر الجيش المصرى تماما قواتة الجوية والبرية ، وبدا النظام السياسى عاجزا عن الحركة وقيادة البلد ، وأعلن عبد الناصر تحمله لكافة المسئولية بتنحيه عن السلطة ولكنه عاد بعد تظاهرات كبيرة من الشعب الذى تعاطف معه فى محنته ، وقد حاول الإعلام المصرى بعد أن استفاق من هول الصدمة أن يخفف من وقع الهزيمة بإطلاق تسمية ما حدث بـ ( نكسة 5 يونيو ) وليست هزيمة وهو مجرد تلاعب بالألفاظ .
مؤتمر القمة العربى بالخرطوم :
نعود لأصل الموضوع الذى بدأنا به لنبين أن الكارثة التى حدثت جعلت جميع القادة العرب يميلون إلى ضرورة نبذ الخلافات والخصومات لأن الشعب العربى هو المتضرر الفعلى ، فبدأت الدعوة لعقد قمة عربية وهنا برز دور السودان فى هذا الخصوص ، حينها كان على رأس السلطة حكومة ائتلافية مكونة من الحزب الإتحادى الديمقراطى بزعامة السيد على الميرغنى ويمثل الزعيم الأزهرى الحزب كرئيس لمجلس السيادة ، والطرف الثانى هو حزب الأمة الذى يقوده الإمام الهادى المهدى ويمثله مترئسا لوزراء الحكومة السيساسى المحنك محمد أحمد محجوب.
بذل الأزهرى والمحجوب جهودا كبيرة أولا فى أن تكون القمة حقيقية بحضور الزعماء العرب الذين بيدهم زمام الأمرلتتحقق ضمانة الخروج بقرارات حاسمة ، خاصة زعماء الدول التى كانت بينها توترات ، وتم النجاح فى ذلك بدرجة كبيرة فكان حضوراُ :
الملك حسين( الأردن )عبدالرحمن عارف( العراق ) الملك فيصل( السعودية) جمال عبدالناصر (مصر ) عبدالله السلال ( اليمن) صباح السالم الصباح(الكويت)شارل الحلو ( لبنان) الأميرالحسن الرضاولي عهد ( ليبيا) الباهي الأدغم ممثل لبورقيبة( تونس ) عبدالعزيزبوتفليقة وزيرخارجية ( الجزائر) الدكتورمحمد بن هيمارئيس وزراء( المغرب) .
تواصلت جلسات المؤتمر و جرت مباحاثات طويلة لتقريب الشقة وإجراء مصالحة حقيقية فى جولات جانبية مضنية لعدة أيام نتيجة لجهود الأزهرى والمحجوب وقدرتهما على التواصل وموقف السودان المبنى على تجنب الدخول فى الخلاف بين الأشقاء مما أضفى أجواءً إيجابية فى أروقة المؤتمر فتكللت جهودهما بالنجاح فى هذا الجانب فسرعان ما عاد الصفاء بين القادة العرب . جاء فى إعلان المؤتمر الختامى للقادة العرب: (ولقد ساد اجتماعاتهم شعورمشترك بعبء المسؤولية التاريخية التي تواجهها الشعوب العربية في هذه المرحلة الحاسمة والدقيقة من مراحل نضالنا ،مؤكدين تصميمهم على الوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات المصيرية وماتلقيه على الشعوب العربية من مسؤوليات. وتدارس أصحاب الجلالة والفخامة الملوك والرؤساء وممثلوهم أبعاد العدوان الذي تعرضت له الدول العربية فى الخامس من يونيو الماضى ، وقرروا إن إزالة آثار العدوان من الأراضى
العربية هى مسئوليةبين جميع الدول العربية تحتم تعبئة الطاقات العربية مع إيمانهم بأن هذه الطاقات كفيلة بإزالة آثار العدوان ، وبأن النكسـة اتى تعرضت لها الشعوب العربية يجب أن
تكون حافزاً قويا لوحدة الصف دعما للعمل العربى المشترك . ) أهم نتائج قمة الخرطوم : أولا : قررت الدول المنتجة للبترول ( السعودية ، الكويت ، ليبيا ) تقديم دعم مالى للدول المتضررة من العدوان الإسرائيلى ، وقد نص البيان الختامى على (اتفق أصحاب الجلالة والفخامةالملوك والرؤساء وممثلوهم على الوسائل الفعالة التي تكفل تحقيق إزالةآثارالعدوان، ومن بينها دعم الدول التي تأثرت مواردهاالاقتصاديةمباشرةنتيجةللعدوان، وذلك لتمكين هذه الدول من الصمود في وجه الضغوط الاقتصادية. ) ثانيا : كانت هناك محاولات من الدول الغربية لإنتزاع إعتراف بدولة إسرائيل مقابل عرض بالإنسحاب من الأراضى المحتلة ولكن جاء رد المؤتمر حاسما بأنه ( لا اعتراف ، لا تفاوض ، لا صلح ) وبذلك عرفت هذه القمة بمسمى ( قمة الخرطوم ذات اللاآت الثلاثة ) . يعتبر مؤتمر القمة بالخرطوم من أنجح مؤتمرات القمة بحساب النتائج التى تحققت وعززت بدورها التضامن الحقيقى بين الدول العربية .
المصدر : بعض الوثائق القديمة
|
4Likes
اليوم السابع : قرارات مؤتمر جامعة الدول العربية بالخرطوم سنة 1967م (وثائق) 
الوضع العادي
