القرارات الصارمة بالشطب والإيقافات والإبعاد أعادت التوهج للكرة السعودية قبل ٤٢ عاماً
المنتخب السعودي الذي شرف المملكة في دورة الخليج الثانية بالرياض ١٣٩٢هـ وخسر اللقب بفعل فاعل (من اليسار وقوفاً) الكابتن عبدالرزاق أبو داود، النور موسى (رحمه الله)، ميمي أبو داود، عبداله يحيى، صالح عبدالكريم، علي عسيري، وجلوساً من اليسار: الغراب، ساعد رزق (رحمه الله) أحمد عيد، الصاروخ، مبارك الناصر
الرياض - فهد الدوس
كان المدير العام لرعاية الشباب الأمير خالد الفيصل حازماً للغاية تجاه الممارسات السلبية والتهاون في أداء الواجب الرياضي للاعبي المنتخب الأول الذين مثلوا (الأخضر) في أول دورة لكأس الخليج العربي جرت منافساتها على أرض المنامة مطلع عام١٣٩٠ه.
وجاء في حيثيات القرار التاريخي الذي نشرته «الرياض» الرياضية إبان إشراف الأستاذ تركي السديري في عددها الصادر يوم الجمعة ١٠ صفر ١٣٩٠ه الموافق ١٧ ابريل ١٩٧٠م أنه بعد دراسة التقارير الخاصة ببعثة المملكة لدورة الخليج التي أقيمت في البحرين ونظراً لما بدر من بعض اللاعبين من سوء في السلوك والتصرف واستهتار بالمسؤولية والواجب داخل الملاعب وخارجها، وبما أن هذا السلوك والتصرف يختلف بين فرد وآخر من حيث درجته أو نوعيته وبناء على مقتضيات المصلحة العامة كان أقسى تلك القرارات توقيف اللاعبين سعيد مذكور (الغراب) ومحمد النور موسى عن اللعب في أية لعبة رياضية مدى الحياة وشطبهما من كشوفات الأندية ومنعهما من الانتساب إليها أو ممارسة أي نشاط رياضي، إضافة إلى عدم اختيار مجموعة من اللاعبين في جميع المنتخبات الداخلية أو الخارجية للمملكة.
وإيقاف عدد آخر من اللاعبين وإنذار مجموعة ثالثة منهم وسحب بطاقة اللاعب الدولي من جميع اللاعبين المشتركين في البعثة عدا أحمد عيد.
قرارات صارمة ودرس تربوي
وأعطى ذلك المدير الرائع بقراراته الصارمة درساً تربوياً تاريخياً لا تزال أصداؤه تتردد حين يأتي الحديث على دورة الخليج الأولى برغم مرور ٤٤ عاماً على أحداثها عندما عاقب مجموعة ذلك المنتخب الهزيل بقرارات حازمة تراوحت بين الإيقافات والشطب والإنذار، ولم ينجُ من تلك المقصلة غير لاعب واحد كان حارس المنتخب العملاق والنجم الخلوق أحمد عيد الذي يتبوأ اليوم سدة رئاسة لاتحاد السعودي لكرة القدم.
تلك القرارات الحازمة شكلت الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح نحو إعادة بناء المنتخب السعودي الأول باستراتيجية سليمة ومنهجية علمية وآتت ثمار ذلك الأسلوب التربوي في معالجة تقصير اللاعبين وتراخيهم في أداء مهمتهم الوطنية بعد عامين في دورة كأس الخليج - التالية - الثانية التي دارت رحى منافساتها في بيت العرب - الرياض - في خليجي (٢) عام ١٣٩٢ه وتفوق المنتخب السعودي فيها على نفسه وظهر بمستوى أدهش الجميع وتميز بأقوى حضور له في تاريخ دورات الخليج إلى عهد قريب.
الأمير عبدالله الفيصل سر النجاح وأشرف على إعداد ذلك المنتخب رائد الرياضة السعودية الأول الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) ووقتها كان أخوه الأمير خالد الفيصل قد ترك رعاية الشباب للأمير الشاب فيصل بن فهد (رحمه الله) بعد أن عينه والده الملك فيصل (طيب الله ثراه) أميراً لمنطقة عسير، وقد تولى تدريب المنتخب السعودي المدرب المصري طه اسماعيل الملقب ب «الشيخ طه» واستعان بمجموعة من اللاعبين الذين مثلوا المنتخب في الدورة االأولى بالبحرين وكان في مقدمتهم عملاق الحراسة وأفضل حارس في خليجي (١) أحمد عيد مع زميله الحارس الاحتياط طارق التميمي الذي يرأس حالياً الاتحاد السعودي للاسكواش.
كما استعان بالمهاجمين سعيد غراب أسطورة الملاعب السعودية الذي أُلغي قرار شطبه بعد أشهر قليلة لكنه عدّل مساره فلم يعد لناديه السابق (النصر) واختار الانضمام لصفوف أهلي جدة.. حاله كحال زميله السابق في الاتحاد النور محمد موسى (رحمه الله) الذي لم يعد للعميد بعد إلغاء شطبه مفضلاً ارتداء شعار نادي الهلال.
أما بقية اللاعبين الذين اختارهم المدرب المصري الشيخ طه فكان بينهم حامد صومالي وعبدالله يحيى (النمنم) ومبارك الناصر وسليمان مطر (الكبش) وساعد رزق (رحمه الله) وناصر الجوهر.
غربلة دفاعية
وأجرى المدرب تغييراً على بعض خطوط الفريق حين غربل رباعي الدفاع الذي مثل المنتخب في الدورة الأولى واستدعى قائد الأهلي عبدالرزاق أبو داود الذي سبق أن استدعي لتمثيل المنتخب في الدورة الأولى واعتذر لارتباطاته الدراسية وصدر بحقه قرار بالإيقاف لفترة وحمل شارة كبتنية المنتخب في الدورة الثانية ولعب بجانبه كمتوسط دفاع ابن شقيقه مدافع الأهلي سليمان أبو داود المعروف آنذاك بلقب ميمي أبو داود واكتمل عقد الرباعي الدفاعي بظهيري الجنب علي عسيري من الأهلي وعيد الصغير من النصر.
ضخ دماء جديدة
ودعم الوسط بدماء جديدة مثل نجم النهضة السابق الذي انتقل فيما بعد للأهلي صالح العبدالكريم ومبروك الفيصل نجم الأهلي وصالح هندي (مسمار) من الأهلي (رحمه الله).
(الصاروخ).. والرقم القياسي
كما دعم الهجوم بموهبة جديدة تميز بالسرعة والمهارة والمراوغة.. الوجه الشبابي الهداف محمد المغنم (الصاروخ) الذي سجل في خليجي (٢) أسرع هدف في تاريخ دورات الخليجي حتى اليوم في مرمى الإمارات بعد مضي (١٧) ثانية على بداية المباراة من تمريرة ثلاثية بدأها علي عسيري إلى محسن بخيت الذي هيأها للصاروخ ليحرز منها هدفه التاريخي وكان محسن بخيت الوجه الهلالي الجديد هو الآخر هدافا لامعا اختير وبرز في هذه الدورة، كما اختار الشيخ طه موهبة شبابية أخرى تميزت بلمساتها الفنية العالية.. وهو خالد سرور.
مباريات الأخضر في خليجي (٢) بالرياض عام ١٣٩٢ه التي رعى افتتاحها الملك فيصل (طيب الله ثراه) بحضور قرابة ٣٠ ألف متفرج ومشاركة ٣٧٦٠ فرداً من طلاب مدارس قدموا عروضاً ميدانية ولوحات تشكيلية بديعة في حفل الافتتاح.. استهل الصقور مشوارهم الناحج بمواجهة الكويت (حامل اللعب) الذي تقدم على الأخضر بهدفين وسرعان ما عاد المنتخب السعودي بالروح العالية والاصرار الكبير والأداء القتالي الذي تميز به أفراده بهدفين عن طريق (الصاروخ) والنور (رحمه الله) لتنتهي تلك المواجهة التاريخية بالتعادل (٢/٢) فكانت هذه المباراة نقطة انطلاقة جاسم يعقوب جوهرة الخليج نحو عالم النجومية.
الأخضر يصعق الإمارات برباعية
فيما كانت المباراة التالية للأخضر أمام الإمارات في أول حضور لها في تاريخ دورات الخليج وانتهت لصالح المنتخب السعودي ٤/ صفر أولها كان الهدف التاريخي الأسرع في تاريخ دورات الخليج للصاروخ بعد مضي ١٧ ثانية على صافرة البداية وأضاف الغراب ثلاثة أهداف «هاتريك».
.. ورباعية قطرية
تلاها مواجهة الصقور مع منتخب قطر وكرروا نتيجة الإمارات برباعية جديدة عن طريق الغراب (هدفين) والصاروخ (هدفين أيضاً).
نهاية غير متوقعة
بعدها جاءت مباراة الأخضر والبحرين التاريخية التي ظلت ذكراها عالقة في الأدهان إلى اليوم، حين انتهت بأول انسحاب يسجل للبحرين في تاريخ المسابقة بعدما تقدم الفريق السعودي على شقيقه البحريني ١/٢ عن طريق الغراب وكانت مصيرية للفريق الأخضر الباحث عن خمسة أهداف ليتساوى في الرصيد مع الفريق الكويتي ويتجدد أمله في كأس البطولة لكن حدثت إشكالات بين بعض اللاعبين البحرينيين وحكم المباراة السوداني عابدين انتهت بقيام كابتن البحرين إبراهيم بوجيري بسحب منتخب بلاده لتلغى كل نتائج البحرين في الدورة وتذهب الكأس للكويت للمرة الثانية بفارق الأهداف وسط آلام وحسرات سعودية على نهاية الحلم الجميل بالفوز بلقب خليجي (٢) وتتويج مسيرة العطاء الكروي المتميز لأفراده بكأس المجد.. والخليج.. ولكن..!!
ثلاثة إنجازات مشرفة
فيما سجل التاريخ للمنتخب السعودي ثلاثة إنجازات فردية مشرفة حين ظفر (الغراب) بلقب هداف الدورة ب (٧) أهداف ونال أحمد عيد جائزة أحسن حارس مرمى للمرة الثانية على التوالي وفاز لمهاجم الحريف محمد المغنم (الصاروخ) بلقب صاحب أسرع هدف في تاريخ دورات الخليج (١٧ ثانية) ولا زال رقمه صامداً حتى اليوم.
الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله)مع الأمير خالد الفيصل ١٤٠٠هـ
ضوئية لتغطية الرياض للقرارات الإدارية الصارمة بحق لاعبي منتخب المملكة في خليجي (١) بالبحرين (الجمعة ١٠/٢/١٣٩٠هـ)
سعيد غراب هداف خليجي الرياض بـ ٧ أهداف يؤدي رقصة المزمار مع العمدة ١٣٩٤ هـ
ميمي أبو داود ١٣٩١هـ
عيد الصغير ١٣٩١هـ
محسن بخيت ١٣٩٢هـ
الصاروخ ١٣٩٢هـ
مرشد العتيبي ١٣٩١هـ
صالح العبدالكريم ١٣٩١هـ
المصدر : الرياض نت
5Likes 
صحيفة الرياض : القرارات الصارمة بالشطب والإيقاف قبل 42 عاماً 
الوضع العادي
