[c]
بسماللهالرحمنالرحيم[/c]
أقطعوا الاتصال و جهزوا زمزمية الشاهي و الشابورة عشان تقرون هالقصة صح
لأفضل قراءة اضبط دقة الشاشة على 200 * 370 <-- أصلا ما راح تلقون هالقياس في أجهزتكم
[c]
_________________________________
[/c]
نجي للجد:
قبل 3 سنوات تقريبا، سافرت أنا و ثلاثة من أخوياي في الإجازة الصيفية للمنطقة الجنوبية .. إلى أبها بالتحديد ..
مدينة خلابة بمعنى الكلمة، بجبالها و ضبابها و طقوسها، في الليل يبرد الجو لدرجة إننا أحيانا نلبس البالطو.. و لا تحس إنك بصيف! و هي جميلة أيضا بأهلها و ناسها و سكانها.
هذي الرحلة أقدر أعتبرها رحلة انتحارية
، لأننا كنا رايحين بدون أي تجهيزات تسوى! السيارة اللي سافرنا بها موديلها 83، و كان فيها شق بالراديتر قعدنا ساعة نرقعه!
سافرنا و ما كان معنا خيمة، و كنا ننام بالبر بالعراء، و نقوم بنص الليل على أصوات القرودة !! و أحيانا على أصوات الرشاشات
.. إلى درجة إنه في أحد الأيام كنا في منطقة أعتقد إن اسمها ( بني مالك ) .. حسينا بمثل الهزة الأرضية الساعة 2 الصبح، و قمنا من النوم و الا نشوف السماء حمراء من طلق الرشاشات !!! ما قدرنا ننام هذيك الليلة خير شر.
يوم صلينا الفجر، أصر واحد من أخوياي إننا نزور متحف موجود بمنطقة تسمى ( رجال ألمع ) -- هالمنطقة نازلة تحت عن أبها! و جوّها حار لأبعد درجة، بالرغم من قربها لأبها سبحان الله!! المهم إننا مشينا بسيارتنا المدردعة نبي نروح لرجال ألمع، إلا و نشوف هذاك الطريق الوعر اللي نازل بشكل لا يمكن وصفه !! أخطر بكثير من قطار الموت اللي بالملاهي !! ترددنا بالنزول مع هالطريق، و ترجلنا من السيارة و كلمنا واحد من الشيبان الموجودين عند هالطريق قاعدين يتقهوون، و قال "وش لون فرامل سيارتكم؟"، رديت أنا و قلت إنها زفت.. مع إني ما كنت أسوق
.. عصب صاحب السيارة و قال إن الفرامل زينة، و ما عليك من هالورع
قال الشايب "ما أنصحكم تنزلون من هنا"، و قال إن فيه طريق ثاني يودي لرجال ألمع، بس هالطريق طويل مرة. أخونا السواق أصرّ إلا ينزل مع الطريق الوعر ! بصراحة أنا وواحد معي كنا معارضين ننزل، لأن المسألة كانت حياة أو موت!! و فيه أجزاء من هالطريق ما فيها كتافات، يعني لو تزلق خلاص !!
و الله و ننزل، و أنا طول الطريق أتشهد "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، "اللهم إني بريء مما يفعله هالسواق بنا" ...
.. لكن الحمد لله عدّت هالنزلة بسلام، ووصلنا لرجال ألمع و زرنا المتحف،، و أنواع سحب الفلوس، كل ما تدخل مكان يقولون ادفع !! يحول وش هالسياحة اللي تجيب المرض !! يوم في الأخير قالوا إن فيه مكتبة أثرية نبي نزورها في داخل المتحف، و الا البواب يقول ادفعوا !!! أنا وواحد ما دخلنا، لأننا استسخفنا سالفة إن كل مكان نبي نروح له لازم ندفع فيه!
جلست أنا و خويي بعز الحر ننتظر هالثنين يطلعون، و يوم طلعوا رجعنا لأبها مرة ثانية.
رحنا لأحد المناطق الغير معروفة بأبها ! و فرشنا فيها و صلينا الظهر. و يوم جت الساعة 1 الظهر، و الا واحد من أخوياي شاف دحديرة عميقة ! و أصر إنه ينزل لهالدحديرة و يستكشف ويش فيها، لأنه لو تطل تحت تشوف شجر متراكمة و خلافها. كلهم وافقوا ينزلون لهالدحديرة، إلا أنا بصراحة رفضت و صرّفتها قلت عشان أطبخ لكم الغدا، و الحق إني ما كنت مقتنع أصلا بهالنزلة.. بس إني وصيتهم ياخذون حسابي بالبرشومي
المهم إنهم نزلوا و أنا قاعد أزهّب الغدا، و بين فترة و فترة أسمع أصوات قرودة
و أقول الله يستر على أخوياي، لأن هالنزلة كانت تروع من جد!
تأخروا كثير، إلين ما جت الساعة 3 و ما قدرت أتحمل !! رحت لطرف الدحديرة و قعدت أنادي ! يا فلان !!! يا هووووه !! أين أنتم
!! و يصوت واحد منهم يقول "نحن هنا!" .. قلت لهم "الغداء زاااهب"!!
جو يركضون للغدا، و جابوا معهم موز و برشومي و أشجار ما أدري وش سنعها ! و يقولون إن فاتني نص عمري! المهم إنهم تغدوا و بعدين ناموا على طول.
أنا ما قدرت أنام! طول الوقت أهوجس بهالدحديرة! يوم جت الساعة 4 العصر تجرأت إني أنزل لحالي، و هم نايمين. كتبت لهم ورقة إني نزلت، و إنهم ينتظروني و ما يمشون إلى ما أرجع
و إني إذا تأخرت ينزلون لي أو يصوتون لي
نزلت بهدوء، النزلة كانت مخيفة لدرجة ما تتصورونها! مع كل خطوة أنزلها تحت يطيح حصى كثير!
و فجأة يوم نزلت مسافة طويلة نوعا ما، و الا أسمع إطلاق نار .. و حسيت بالرصاصة إنها مرت من جنبي !! لأني أشوف الحصى اللي جنبي اهتز و طلع منه غبار كثيف ! وقفت، و حاولت إني ما أصدر أي صوت، نزلت بهدوء عجيب، و بدون أي تنفس ! و فجأة و الا أشوف واحد تحتي بمسافة بعيدة نوعا ما مصوب البارود لأعلى! تعجبت كثيرا لهيئة هالرجل، فهو يبدو كبير في السن، و قصير جدا في القامة! و له لحية بيضاء، و شعر أبيض ! أكاد أجزم بأنه لم يقصّه طول حياته!
المشكلة إني الآن علقت في هالمكان، لا أنا أستطيع الرجوع لأعلى لبعد المسافة! و لا أستطيع النزول لوجود هذا الشخص. فما كان فيه أي حل غير إني أطلب ودّه! فأشرت له بيدي و قلت له إني جاي أدور مكان أنام فيه بعيد عن القرودة
بعدها حسيت إني قلت كلام شين بحق أخوياي اللي معي
المهم إني قررت أنزل يوم شفت إنه نزل البارود، و كل ما تطيح حصاة و انا أنزل كل ما رفع البارود !!
يوم نزلت للأخير و وطأت أقدامي الأرض
سلمت عليه .
"السلام عليكم يا خال".
هو: "انت ويش تبغى!".
"كنت أدور مكان أنام فيه، بعيد عن القرودة.. و أعجبتني هالمنطقة قلت أبي أنام فيها".
هو:"الله لا يحييك انت و نخرتك، و لو شفتك هانا مرة ثانية أطخّك!".
"آسف و الله ما كان قصدي أضايقك، بس انت ساكن هنا؟!".
هو: "إيوة و الأرض أرضي و الحلال حلالي".
-- و بعد كل جملة أتكلم فيها معه يرفع البارود بوجهي! و أشوف على وجهه علامات الارتباك و الترقب لأي حركة أسويها! حسيت إنه عدواني و لا يهمه أي شيء! حتى إني كنت أشوف جيف قرودة تحت أجزم 100% إنه هو اللي قتلها. سألته:
"وش اسمك؟!".
رد: "أبو مشبب".
"وين هو مشبب، ساكن هنا معك ؟"
هو:"لا هذا اسمي، و انا ما قط تزوجت"!
يوم دخلنا بالرومنسيات و الزواج، حسيت إني بديت شوي أتأقلم معه-- و سألته إذا ممكن أشوف وين ينام و وين يسكن! أخذني و قعدت أنا و إياه نمشي عشر دقايق تقريبا إلين ما وصلنا لمغارة أشبه ما تكون بالكهف! و قال لي إنه يسكن هنا و ينام هنا! بصراحة أنا ما صدقته لأن هالمكان اللي جابني له ما فيه أي أثر للمعيشة!
المهم إننا جلسنا نسولف، و قعدت أطالع الساعة و أتذكر صلاة العصر.. سألته قلت له انت تصلي؟ قال "إيوة أصلي".. سألته وش هي السور اللي يحفظها من القرآن.. قال أحفظ سورة "الأحد" ..
جلست ساعة أحاول أقنع فيه إن ما فيه سورة بالقرآن اسمها الأحد
و هو يقول إلا "قل هو الله أحد.." .. الحقيقة هو قرأها بشكل خاطئ! و لم يكن حتى يحفظ سورة الإخلاص! توضينا على العموم و صليت أنا و هو صلى معي، حسيت إنه ما يعرف شيء بالصلاة.. لكن المهم إننا صلينا!
بعد الصلاة قال لي بأنه ما عمره حس بهالطمأنينة و الارتياح من عشرات السنين! و إني دخلت في قلبه و إنه راح يوريني بعض الأسرار اللي ما "قط" ورّاها أحد قبل!
أنا خفت من هالكلام و قاطعته على طول و سألته: هل يزورك أحد بالعادة ؟! و الا انت طو عمرك وحيد ؟!
قال لي إن فيه واحد يعرفه و يزوره بعض الأحيان و يجيب له "رصاص" !!( ما أذكراسمه لصعوبته ) ...
سألته وش تسوي بهالرصاص !! تدري إني بغيت أموت بسببه !!
رد و قال: أدافع عن حلالي !!
أي حلال الله أكبر و انت عايش في مغارة !!
بعدها سكت شوي، و قال لي تذكر يوم أقول لك أبوريك أشياء ما "قط" اطلع عليها أحد قبلك؟!
قلت له إيه!!
قال لي تعال! و مشينا داخل هالمغارة .. و مشينا و أنا على أعصابي
مشينا و تعدينا المغارة بكثير، إلين ما وصلنا لمنطقة لا يمكن إني أصفها بأي وصف إلا بأنها جنة الله في أرضه!! ما شاء الله-- الأشجار و المراعي الخيالية، اللي مستحيل أتخيل وجودها في منطقتنا! نمت هالطبيعة مع تزايد هطول الأمطار في تلك المناطق.
بعد هالمنظر اللي شاهدته أصبت بصعقة عنيفة! أصبحت كالأبكم تماما!
جلسنا في هالمزرعة، و كان يقول لي أبو مشبب: "أتحدى تلقى شخص أسعد مني و أنا أملك كل هذا"!
استأذنت أبو مشبب لأن الوقت تأخر و صارت الساعة 6 و نصف المغرب تقريبا!
و طلعت لأخوياي و أنا مبيّت النية إني أبغى أرجع لأبو مشبب مرة ثانية! لأن المنظر اللي شاهدته كان منظر تاريخي !
يوم وصلت لأخوياي و الا هم يطبون فيني و يتوطون في بطني لأني ما جبت لهم شيء مثل ما هم جابوا لي
ما أظني جبت لهم إلا الهم! لأني بعد هالمشهد اللي رأيته أصبت بصعقة غير بسيطة.
رجعنا للرياض من دون ما تسنح لي الفرصة إني أشوف أبو مشبب مرة ثانية
جت في بالي فكرة ممكن إنها تنقذ أبو مشبب من هالوهم اللي هو عايش فيه. فرحت لجريدة الرياض، و كلمت أحد المسئولين فيها عن أبو مشبب، و تحمسوا لموضوع أبو مشبب لدرجة ما تتخيلونها! حتى إنهم أرسلوني مع أحد مندوبي الجريدة بالطيارة عشان نتعرف على أبو مشبب و نحاول نفك أسراره.
فيوم وصلنا قعدنا ندور ساعة عشان نلقى هالدحديرة، لأني بصراحة ما كنت أدل زين بالجنوب ! و بصعوبة و بعد 3 أيام من البحث لقيناها! و كنت قبلها محذر جريدة الرياض إن هالشايب عدواني لأبعد الحدود، و لازم ناخذ كل الاحتياطات! عشان كذا لبسنا سترة واقية من الرصاص، خوفا من أي طارئ.
نزلنا مع هالدحديرة، و يوم قربنا نوصل الأرض سمعنا إطلاق نار عنيف !! بس ما كنا نعرف وين اتجاه هالرصاصة و من وين انطلقت!! نزلنا أكثر و الا أشوف واحد غريب ما قد شفته قبل، طايح على الأرض يتلوّى و عليه دم من كل جهة! سألته "من انت، و من أطلق عليك!!" .. قال أنا فلان بن فلان، يوم قال اسمه تذكرت الإسم اللي قال لي إياه أبو مشبب بأنه الشخص الوحيد اللي يزوره ! سألت هالشخص ( صديق أبو مشبب ) "من اللي أطلق عليك ؟!" .. قال: "أنا أطلقت على نفسي، و قبلها أطلقت على أبو مشبب"
و الحين أبو مشبب مات، و حلاله يحترق! مسكته بكل عفوية و قلت له: "ليش تسوي كذا؟؟!!" .. قال لي "المفروض إننا مسوين هالشيء من زمان"-- و بعدها فقدناه، و لفظ نفسه الأخيرة.
رحنا ندور أبو مشبب، و لقيناه ميت لا حول و لا قوة إلا بالله... و رحت أدور حلاله اللي كان طول هالوقت يدافع عنه ... لقيناه احترق عن بكرة أبيه !! صاحبي مندوب الجريدة تأثر كثير من هول المصيبة .. و بانت عليه العبرة، و كلمنا الدفاع المدني يطفون الحريقة.. و ينظفون هالمنطقة.
شف سبحان الله أبو مشبب هذا صاحب كل هالنعيم الي يعتقد إنه يخليه أسعد واحد.. عاش طول حياته تعيسا.. و مات تعيسا.. لم يعرف ربه حق المعرفة .. أملاكه لم و لن تسعفه عند القبر و عند سؤال منكر و نكير..
هالقصة بشكل عام هي من نسج الخيال، لكن بالتأكيد لم أكتبها إلا بعد بعض المواقف اللي مررت بها في رحلتنا للمنطقة الجنوبية الساحرة!
دمتم بخير، و آسفين على الإطالة
..
و هذي دعاية للسياحة الداخلية الأبهاوية.