26/09/2012, 10:46 PM
|
زعيــم جديــد | | تاريخ التسجيل: 04/04/2012 المكان: مصر
مشاركات: 25
| |
فلسفة السلطة
إن الحق هو لعبة قوة كما قال ميشيل فوكو..أو بما يدندن به الإسلاميون من حديث رسول الله أن الله يَزع بالسلطانِ ما لا يَزع بالقرآن...كلاهما تقنين للقوة في عملية رصد "حصري" للحقيقة..بتوضيح أكثر أنه ولنفترض أن ثورة 25 يناير في مصر قد فشلت واستطاع النظام المصري كسب الجولة وهدم متاريس أعداءه بما لا يسمح بقيامها مرة أخرى- على الأقل في المنظور القريب...وقتها -ولنتخيل الوضع قليلاً..ما الذي كان سيُقال على قادة الثورة وماذا سيُقال أيضاً على الثورة نفسها..بتنبؤ"تاريخاني" أستطيع القول أن الرأي العام سيحكم على قادة الثورة بأنهم إرهابيون، وأن هذه الثورة كانت محاولة لقلب نظام الحُكم وبعدها يتسنى للنظام الحاكم الانتقام كيفما يشاء..وقتها لن يرحم التاريخ أحد، وسيُسجل التاريخ أنه في يوم كذا وكذا قامت مجموعة من المشاغبين بنشر الفساد والإفساد...لا تتعجبوا..فالتاريخ –غالبا-لا يكتب إلا رؤية السلطان.
هذا القالب من التفكير هو الذي يدفع قادة الثورات -غالباً -بتوسيع رقعة التضحية إيماناً بواقعية الخسارة في جميع الاحتمالات..وأن نُضحي بشرف ونُقلق عدونا خير لنا من انتظاره في ساعات الفجر ، وأن العمل الإبداعي يتولد من بين رحم الضغط والحركة مما يساعد في إمكانية تطوير الأفكار ومن ثم الأفعال تمهيداً لجولة أخرى من الصراع قد يقودها الأبناء أو الأحفاد...أنا لا أتعاطف مع تلك الدعاوى الجماهيرية التي تعتمد على الحشد والخَطَابة أكثر من اعتمادها على العقل والحكمة، فالتظاهرات هي في حقيقتها سلطة وليست ثورة ضد الظلم معدومة القوة..إذ السلطة في ذاتها لها عدة أشكال تتوزع ما بين سُلطة الحق أو الجمهور وما بين سلطة القوة والفرض، وكلا النوعين يُشكلان رافداً من روافد الحضارة في سلوكيات هذه الشعوب، فمن يجمع بين الُسلطتين هو نفسه من يقود الأمم لفترات طويلة بغض النظر عن انتكاساتها ونهضتها.
السلطة ليست فقط مقتصرة على القوة والفرض، بل هي صانع أصيل للأفكار والسلوكيات التربوية، والأخيرة هي الرابط الوحيد الذي سيجعل المجتمع متأثرا بحكومته، أما القوة والفرض فهما لزام الضبط والربط وهي مبعث الفُرقة بين الجمهور والحكومة، فمعلوم أن الإنسان نزعوي أصلي وعاطفته تسبق عقله في أغلب الأحكام، والمرات القليلة التي يستخدم فيها عقله تكون عاطفته في استرخاء، وبمجرد نشاطها فتؤثر سريعاً في الحُكم كأنها لم تخمل قط، فتكون هي المحرك الأصلي للفرد وهي المرجعية لديه في الرأي والتحليل، ولكن لكل قاعدة ولها شواذ..هناك أناساً لا تطولهم تلك الأشياء، والسبب في رأيي هو التمرين المستمر بالاحتكاك مما يُكسب الفرد مهارة الحوار والرؤية فتنزع لديه تصورات في منتهى الواقعية والحياد والصدق مع النفس.
أعترف أن هناك فارقاً جوهرياً بين الواقعية والتنظير، والجهل بهذا الفارق هو الذي يودي بأصحاب رؤى التصنيف والمزايدات والعنف اللفظي إلى آتون الجهل والعُزلة والصدام، وليس كل من طلب الحق قد بلغه، إنما كانت النزعوية والعاطفة والجهل –بمراتبه-يشكلون جميعاً قواسم مشتركة تُحطّ من قدر الأمة والجمهور والفرد،حتى عمل السلطة لتجنيب البلاد شرور الفتن في هذا الوقت سيكون عبر انتهاج لغة الحوار من منطق القوة"الفرضية" وليس من منطق الحق "الموكول"..وبالتالي تشوب لغة الحوار العاطفة بعيداً عن الرؤية العقلانية التي تقف على الداء-كتشخيص أولي-أملاً في علاجه أو استئصاله. |