في طفولتي وفي يوم الخميس صباحا بالتحديد استيقضت باكرا كعادتي حتى قبل ان يفتح التلفاز ففي ذلك الوقت لم يكن لدينا اطباق فضائية تبث على مدار الساعة ولشدة فراغي كنت اشاهد برنامج صباحي مع والدتي على القناة الأولى هنا سمعت تلك العبارة لأول مرة
"الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه الا المرضى"
بسذاجة الطفولة اخذت اتحسس على رأسي ابحث عن ذلك التاج وكيف يكون وكيف لم الحظة من قبل
لم اكن تلك الطفلة الذكية فقد كان الجميع يسخر من تصرفاتي الساذجة مما يجعلني احمر خجلا كل مرة
لا زلت اتصرف بسذاجة حتى الآن لكن اخف بكثير من الماضي حيث لا يلحظ ذلك الا من يعرفني حق المعرفة
اليوم ركبت السيارة مع اخي الأصغر واخذت معي الأطفال لنعود بوالدتي من المستشفى بعد انتهاء جلسة الغسيل
دخلت انا لأخراجها كانت زيارتي الثانية للمستشفى لم اتذكر اي طابق اخترت الأول متشككه كالعادة نسيت ان اسأل اخي عن الطابق خرجت من المصعد مشيت اتتبع خطواتي السابقة قابلتني الممرضة مبتسمة
بادرتني "السلام عليكم يبي ماما الجوهره"
رديت عليها السلام براحة حيث لم اظل الطريق اوصلتني لأمي مبتسمة
لم تكن قد انهت الغسيل بعد سلمت عليها رفعت عيني لأرى المكان لم اكن منتبهه له قبل ذلك
لم يأتي الكثير فواحدة سقطت على يدها وتعطل الجهاز وبعد ان ركبوا لها الجهاز الآخر في المعصم تعطل ايضا واتصلوا بذويها ليأخذوا موعد لعلاج المشكلة
اما الأخرى لا اتذكر سبب عدم حضورها
امامها ام ممدوح كانت ضخمة الجثة خفيفة الظل ارتاحت والدتي لأحاديثها وتقطع عليها وقت الأنتظارحاولت كثيرا ان تخفف من وزنها لكن دون جدوى وفي اول الممر عجوز فضولية كثيرة التذمر وبجانب والدتي عجوز اخرى خرفة ليس على لسانها الا "وين الرومي "
الرومي هو ابنها وهو بار بها صبور عليها
الممرضات دمثات اخلاق لازلن يتوددن لها ويسايرونها بأن الرومي ينتظرها في الرواق ولم يدخل لأن النساء يحتجبن عنه
نظام المستشفى لا يسمح بمرافق لذا ندخل الوالدة وقت الغسيل ونعود لها بعد نهاية الجلسة
فجأة بعد ان حملت اغراض والدتي وهممنا بالخروج رأيت قطرات دم ثم حدث نزيف اصاب رأسي بالدوار فأشحت بصري حتى لا افقد وعيي تحلقن حولها الممرضات ولا زالت ام الرومي تبحث عن الرومي وتسألهن ان يهاتفنه
تقدمت اليها قبلت رأسها كانت تفوح منة رائحة الحناء والمسك بادرتها "كيفك اليوم يا خالة "سألتني بتهجم من انتي " كدت اقول لها انا عريب لكن تذكرت صعوبة اسمي والأسئلة التي تدور حولة وتنسي المتحدث الموضوع الأساسي الذي اتيت له من أجله
تداركت الأمر قلت لها انا بنت ام عصام جاية اخذ امي لان جلستها خلصت وهنا بدأت ببعض الكذبات البيضاء لأخفف توترها
اردفت بأن الممرضات اتصلوا على الرومي وانه ينتظرها خارجا باغتتني خلوني اشوفة هو ما يدري اني هنا عدت لكذبتي وقلت هو مايقدر يدخل هنا يا خالة عشان الحريم كاشفات اخذت تقبلني لاني لازلت منحنية عليها احدثها وتدعوا لي بدعوات صادقة من قلب وكأنما عاد اليه نبضه بعودة الرومي لها
ابتلعت عبرتي وشعرت بالذنب لتلك الكذبة خرجت مسرعة قابلت فتى يشبه الرومي لكن يبدوا انه ابنه كان يناسبة اسم الرومي تماما تخيلته حفيدها اخذت اغراض امي للسيارة وارسلت اخي ليحظرها فمنظر الدماء اصابتني بالدوار وطلبت مني والدتي الذهاب كي لا اصاب بالأغماء
اخبرتني والدتي بأنه فعلا حفيدها واني اصبت في تكهني
تذكرت حينها ذلك التاج وكيف يتربع على رؤسنا دون ان ندرك
نتذمر من انهاكات الحياة متناسين النعم التي من الله بها علينا
فلنشكر الله ونبتسم فنحن في نعمة لا نقدرها الا بالنظر للمساحة البيضاء من حولنا
بالحب والإشراق