والليل من فرحه عريس ليلة خميس
مشاهدات غريبة تصادف كلً منّا يوميا ً بعضها يفقع المرارة وتشتاط معه غضبا ً والبعض الآخر لا يجعل أمامك خياراً آخر سوى الانبطاح من شدة الضحك , بين هذا وذاك تجد نفسك محرجا ً أحيانا ً بل في قمة الإحراج لدرجة تشعر معها أن وجهك الجميل قلّ حجمه وأصبح صغيرا ً من هول ما أنت فيه .
خرجت كعادتي في أي مناسبة زواج لقريب أو صديق وأنا في قمة الأناقة ورائحة الطيب والعطر تفوح حتى آخر الشارع !! , متوجها ً إلى زواج أحد أصدقائي المقربين جدا ً وأنا الذي لم ألتقي به منذ ما يربو على العام , وحقيقة لم يذكرّني به إلا كرت الدعوة حينما وصلني يحمله أخيه !! , وصلت إلى قاعة الاحتفال وهي قد امتلأت عن بكرة أبيها , أشق الصفوف والممرات بصعوبة حتى وصلت إليه وصافحته واحتضنته فرحا ً بزواجه الذي لم أعتقد أنه سيحصل يوما ً رغم أنه تجاوز الثلاثين ببضع سنين .
بعد العشاء تفرق الناس كالعادة وبدأ الضجيج يخفت فكانت فرصة سانحة للتحدث معه وممازحته , فجرنا الحديث بين الذكريات وبعض المواقف مرورا ً بالقفشات والنكات , حتى وصلنا إلى زواجه ومدى ما تكبده من تكاليف وخسائر وديون حتى وصل إلى هذه القاعة بسيارة مستأجرة بعد أن اضطر لبيع سيارته حتى يستأجر هذه القاعة !
صديقي حسّان لم يجد حرجا ً وهو يخبرنا بأنه لم يكن يصل إلى هذه القاعة لولا أن تحصل على قرضين ومعونات من أشقائه ومساعدة من والدة وبعضا ً من ذهب والدته مرورا ً على ما جمعته أخته الصغيرة في حصالتها الصغيرة أيضا ً , مع تعهد كتابي منه بإعادة ذلك المبلغ البسيط بعد أقل من عام محمولا ً في حصالة جديدة أكبر حجما ً من الأولى كفائدة عن ذلك المبلغ .
قلت له ممازحا ً يا رجال الخير واجد ولا تخاف مانبي سلف , فرد سريعا ً : ترى رجل أختي اللي تكفل بالطقاقة وإلا ما كان فيه تنكس اليوم !
مسكين حسّان فعش الزوجية الذي سينتقل إليه بعد يومين يقضيها في أحد الفنادق غرفة صغيرة في منزل والده كانت تستخدم مستودعا ً قام بتنظيفها والدته وشقيقاته فهو لم يعد يملك شيئا ً حتى سيتأجر ولو شقة صغيرة يقضي فيها أهم مراحل حياته الزوجية .
بعد برهة أتى رجل طاعن في السن ليخبره بالاستعداد فموعد الزفة قد اقترب فسألته بلقافة معتادة أبوك ؟ فرد وقد غابت ابتسامته هذا اللي اغتنى من وراي !!
رحمته المسكين فلم يكد ينتهي من قص ّ معاناته حتى حضر من تسبب فيها .
حاولت المباغتة حتى لا ينهكه التفكير وهو على مشارف حياة جديدة لا يفصل بينهما إلا قليل من الوقت .
هيّص ياعم طلقت العزوبية بالثلاث وأظنه طلاق بيّن لا رجعة فيه , فلم يمهلني طويلا ً حتى أتاني الرد الصاعق : بل بواحدة حتى أضع لنفسي خط رجعة فربما لا يستقر بي المقام طويلا ً ( وليالي العيد تبان من عصاريها ) !
ذهلت بل صدمت برد لم أكن أتوقعه ولم يدر بخلدي مطلقا ً كيف وهو لازال على عتبة حياته الزوجية وينطق بهذا .
في خضم التفكير والرحيل بين رده وبين ما حُمّل الضعيف من هموم أثقلت كاهله والتزامات فوق طاقته , نهض مستعدا ً للدخول إلى القاعة الأخرى استعدادا ً لزفافه , فاحتضنته بحرارة وقلت له بل طلاق بيّن إن شاء الله لا رجعة فيه .
ومازحته مودعا ً لا تغتر فأنا حتى العطر الذي تشم رائحته الآن قد استعرته من صديق كما استعرت الشماغ من قريب وحتى بنزين سيارتي قد تكفلت به والدتي .
ودمتم في رعاية الله