01/03/2012, 08:20 AM
|
زعيــم جديــد | | تاريخ التسجيل: 07/04/2006
مشاركات: 49
| |
رجل الحسبة الأول في لندن "ماركة مسجلة" وبعد أن نجحت خطتي مع الشريرة مليكة وتمكنت من إنقاذ تاجر الشعير المتهور معاشي من براثن الساحرة الشمطاء، دخلت مزاجي شغلة "الهيئة" وعرفت أنها مسلية وبسيطة لا تحتاج إلى TechHigh أو أي مؤهلات... فأصبحت "والله وتالله وبالله"... لا... لا... صدق والله ما أكذب عليكم... أصبحت، بل إني أمسيت كذلك آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر في لندن. وركزت في البداية عمليات المداهمة في الفترة الصباحية في شارع "الكوينـز واي"، وخصوصاً عند بار "برنس ألفرد"، المقابل لسوق "الوايت ليز"، الذي كان مغلقاً تلك الأيام وحيث يكثر عنده الاختلاط والخلوة المشبوهة، عافانا الله وإياكم. أما فترة المساء فركزت أكثر على شارع "الادجوررود"، في طريق عودتي من زيارة أخي اليومية ولوجود الكثير من العرب يتجولون بثيابهم البالية وهم صيد ثمين للغواني. والذي شجعني على ذلك عوامل عدة، دينية في أساسها، plus لقافة وشباب وحب التسلط. وقد كنت محظوظاً "كرجل حسبة تحت التمرين"، عندما تزامنت مبادرتي مع ظهور مرض خطير وفتاك في تلك الحقبة من الزمان الغابر، ألا وهو اكتشاف مرض "الإيدز"، لأول مرة وانتشاره كوباء مع بداية العام 1985، حيث أصبح المرض شغل الصحافة البريطانية والعربية الشاغل وحديث الساعة لكل اثنين اجتمعا صدفة أو على ميعاد في لندن. وللحقيقة والتاريخ فقد كنت محتسباً واقعياً في فرض تلك الشعيرة المهمة فطبقتها على العرب والمسلمين فقط، ولم أكره عليها اليهود ومن هاودهم والنصارى ومن ناصرهم والشيوعيين ومن شايعهم والوثنيين ومن ثنى عليهم والماسونيين ومن مسى عليهم بالخير!!! فقد كنت في جولاتي الميدانية أسير راجلاً بدون "الجمس" في "ادجوررود"، لأني رجل حسبة صديق للبيئة، وعندما أرى غانية تتحدث مع خليجي أبله، أختلي بالخليجي فأناصحه بأن هذه الفتاة مريضة بالإيدز ومن الأفضل له أن يبتعد عنها ليحفظ نفسه من الهلاك وغضب الله عليه كذلك، فيكفهر وجه الأبله ويشكرني من أعماق قلبه ويتوارى سريعاً من المكان. أما الفتاة فإن تلكأت وحاولت الاستفسار عن سبب لقافتي، وتطفيش الزبون فأخبرها بكل ثقة بأني قد خدمتها من حيث لا تدري، فالشخص الذي كان في معيتها قبل قليل، ما هو إلّا رجل يعاني من انفصام الشخصية وسفاح هارب من حكم صادر غيابياً ضده في بلاده وقد يتحول من شخص وديع إلى وحش كاسر في أي لحظة معها، وقد أخبرته بأنك أنت من الشرطة السرّية البريطانية لكي يدعك وشأنك، وهذا يفسر فراره السريع منك. وكما أذكر الآن، فقد نجحت هذه الفكرة لدرجة لا بأس بها في بدايتها وحميت الفضيلة ما استطعت لذلك سبيلاً في "Zone One"، من لندن. ولكن بعد أقل من أسبوعين فقط وللأسف الشديد انكشف أمري وتأكد الجميع أنني لست عضواً رسمياً في الهيئة ولكنني متعاون غير شرعي معها، ولا أتبع لأي من المراكز الرسمية، ولا حتى هيئة حفر الباطن أو هيئة طبرجل. فطفقت الغانيات تحذرنني من التدخل في شؤونهن وتطفيش الزبائن وإلّا فإن عقابي سيكون قاسياً جداً. وفي الحقيقة أذكر أنني في محاولة يائسة للمضي قدماً في المشروع النبيل، جربت تغيير الخطة وتحسين نوعية الخدمات التي أقدمها بالمجان لتكون الجودة أشمل، فأدخلت بعض التحسينات عليها، فأضفت إلى نشاطي الحسبوي مهمة أخرى وهي مكافحة التسول. والله ما أكذب عليكم، فكنت أصد جميع من يحاول من الشحاتين العرب أن ينصب على الخليجيين ويطلب منهم أموالاً كمساعدة بحجة ضيق ذات اليد واتساع الرجل. وكنت ألاحق جل الشحاتين بلا هوادة، وأصبحت حقنة لهم بمعنى الكلمة وأطلع لهم من تحت الأرض قبل أن يخرج الخليجي يده من جيبه فيمد لهم الدراهم، لأنهم شحاتون دجالون ونصابون من الدرجة الأولى، ينصبون على الخليجي الغشيم الذي يسير عادة كالفقمة في شوارع لندن، خليجي الثمانينات التعيس الأبله، الذي هبطت عليه الثروة فجأة فوجد نفسه بين ليلة وضحاها في فندق الدروشستر الوثير يتنعم بالحياة الباذخة. فقد كنت أرى هؤلاء الشحاتين لاحقاً وبعد ساعات دوامهم الرسمية من خلال حياتي اليومية وهم يتسوقون من المحال نفسها التي أتسوق منها ويأكلون من المطاعم الجميلة نفسها التي آكل فيها، لكن الفرق أنهم يأخذون الطلب "سفري"، مستعجلين حسبي الله عليهم حتى لا يطيروا الزبائن. لذلك كنت متأكداً أنهم نصابون فكنت أحذِّر الخليجيين منهم في كل شارع، وعند كل مطعم أو مقهى. ولكن عندما طفح الكيل بغانيات لندن وشحاتيها من العرب المستعربة، اتحدوا جميعاً وكونوا "حلف الفجار" ضدي، فأحاطوا بي ذات يوم بجوار "ملهى الرمال" في "ادجوررود"، والذي كانت ملكيته تعود للفنانة الكويتية المعتزلة "ليلى عبد العزيز"، ومن أشهر أغانيها القديمة الجميلة "وش علامك يالاسمرانيه"، وأغنية "أستحلفك بالله ما تسيبني بحالي" وكانت تعلق صورتها أمام الملهى طول مدة بقائي في لندن وهي ترتدي "الهامة"، وهو الذهب الخليجي الذي يُوضع فوق الرأس ويتدلى مثل خصلات الشعر، الفنانة ليلى اعتزلت الغناء الآن وهي تعيش في جدة مع ابنتها، والكازينو اندثر الآن وتحول إلى كازينو "رنوش"، بجوار مطعم "رنوش" كذلك، الملاصق "للكوافير" النسائي اللبناني حالياً، المهم يا أحبتي تحلق حولي الشحاتون من كل صنف والغانيات من كل لون، فإذا نظرت نحو اليمين، نحو الشحاتين فأشمئز من الوجوه الكالحة القذرة والشعور المنكوشة والملابس الممزقة كأنهم خارجون من تحت أنقاض عمارة هوت على رؤوسهم. لكن إن نظرت ناحية الشمال فأرى أبهى الخصوم بعيون كحيلة وجمال مغربي آسر وفتان وفساتين سهرة براقة وروائح عطرية جذابة، فأسقط بيدي كيف يمكن أن أتعامل مع نقيضين في وقت واحد، وأي لغة يمكن أن تحاجج وتلاجج هذا الجمع المتنافر. وأدركت أنني في معضلة وورطة لا يمكن حلها وعذرت والله رجال الحسبة عندما يقعون في مواقف لا يحسدون عليها، كما رأيت لاحقاًً في الملاهي والمنتزهات عندما يتعارك رجال الحسبة وتدخل النساء والولدان في المناوشات الدائرة ويحمى وطيس الصولة الجهادية. بيد أن إحدى الغانيات انبرت فقالت لي بكل وقاحة: "يا أخي قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق بتتركنا نشوف رزقنا وإلّا بنتصرف معاك تصرف ثاني." صمت لبرهة ثم أطلقت ضحكة بلهاء وصفراء لا معنى لها وأكدت لهم بأنني كنت أتسلى فقط بالتخريب عليهم، وتماديت بفعلتي عندما أعجبتني التجربة خصوصاً وأن الجميع كان ينصاع لأوامري بطريقة غريبة، بس خلاص، توبة... والله توبة ما عاد أعودها مرة ثانية. وقررت الانسحاب وتوديع المهنة إلى غير رجعة، واعتذرت من الغانيات بأدب جم والدعاء لهن بالستر وأن يتوب الله عليهن، ثم أدرت بصري نحو الشحاتين وبصقت في وجوههم لأن الغانيات أشرف منهم ألف مرة. وسرعان ما قدمت استقالتي من فوري إلى نفسي وقبلتها من دون تردد وبناءً على طلبي كما جرت العادة، وتركت اللقافة التي لم أجنِ منها سوى التسلية ومضيعة الوقت. ولكن بقي شيء واحد مهم للغاية، وذلك لحفظ الحقوق الأدبية الخاصة بي، وهو أنه إذا ما قدر الله عز وجل ودخلت جحافل القوات السلفية المؤزرة إلى لندن وافتتحتها وضمتها كولاية تابعة لأمة الإسلام، بمساندة من الطابور الإسلامي الخامس الذي تغلغل وعشش في بريطانيا منذ زمن، ولا أستبعد أن يكون عام الحسم بحدود العام 2040 على أبعد تقدير، أن يُنسب إلي وبكل تواضع أنا محدثكم "نديم الهوى"، بأني أنا أول من أقام شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عقر دار الإمبريالية الغربية لندن. على أن يُسجل اسمي كرائد الحسبة في سجلات "المملكة المتحدة الإسلامية"، وحبذا لو كُرمت بتمثال بسيط لن يُكلف كثيراً خزينة "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فرع نايتس بريدج" الذي سيتغير حتماً إلى فرع "جسر إخوان من طاع الله"، ونظراً لوجود الأساس مبنياً وجاهزاً في ميدان الطرف الأغر "Trafalgar Square" فيمكن فقط تحطيم تمثال الأدميرال اللورد نيلسون الذي يقع في أعلى السارية في ساحة الحمام أو سحبه بسلسة تربط في طرف صدام "جمس الهيئة الخلفي"، لكي يهوى نحو الأرض ويُستبدل بتمثال لي شخصياً وأنا أتمنطق بالبشت الملكي وأحمل بيدي خيزرانة الميدان المطورة المضادة للبلوتوث بدلاً من سيف نيلسون، وإن كانت الميزانية تسمح، حبذا لو تم تحوير النوافير التي تعمل تحت نعلي الزبيرية إلى نواعير ترش دهن العود والورد الطائفي لإخوتنا السياح عافاهم الله مما هم فيه من غفلة. |