الحالات مشابهة .. المواد واللوائح نفسها .. والقرارات مختلفة
لجنة الانضباط سقطت بين اتهام النعناع وإساءة (فعل فاعل) .. والكرسي يكشف رئيس الهلال

ناصر الجديع



يبدو أن لجنة الانضباط مازالت ورغم اختلاف رؤسائها وأعضائها وتعدد الوقائع واللوائح توقع نفسها في مواقف محرجة، والواضح للكثيرين بعد سنوات من حوادث الانضباط وقصصها الموسمية، أن العلة ليست في المواد واللوائح التي لطالما تم تعديلها و(تمييلها) و(تطويرها) و(تدويرها) .. لكن العلة في (تطبيقها) و (تحويرها) !!

بالأمس القريب .. أوقفت لجنة الانضباط علي كميخ 3 مباريات وغرمته 75 ألف ريال بعد أن صرح إعلاميا عن حكم لقاء فريقه النصر أمام التعاون مؤكدا أنه (استقصد نادي النصر وبـأنه يوزع الكروت بكرم وكأنه يوزع الحبق والنعناع بالمجان)، واعتمدت اللجنة في قرارها على المادة (28/2) من لائحة العقوبات والتي تعاقب على مخالفة الإساءة في وسائل الإعلام، والمادة (64) من لائحة العقوبات والتي تضاعف العقوبة على المخالفات المرتكبة بحق الحكام، وجاء قرار لجنة الانضباط بحق كميخ دون سابق إنذار أو (تحذير) وهو الإجراء المنطقي والنظامي، لأن الإنذار والتحذير لم يرد في المادة الصريحة والواضحة، كما أن نص القرار الذي صدر من اللجنة حينها نص على أن العقوبة التي أقرتها على كميخ بسبب مخالفته التي هي (الإساءة) .. وعلى القارئ الكريم أن يتذكر هذا الأمر للحظات .. لأنه سيكتشف بعد عدة أسطر أن اللجنة اعتمدت في حادثة أخرى المادة نفسها من اللائحة نفسها .. لكن التفسير والتحوير و(الاختراع) طالها ليجعل منها مادة أخرى، وليوقع الإعلام والجماهير مجددا في حالة من الذهول !!

فاللجنة بعد أسابيع قليلة من عقوبة كميخ واجهت اختبارا جديدا حين خرج الأمير الوليد بن بدر المشرف العام على الفريق الأول لكرة القدم بنادي النصر بعد لقاء فريقه أمام الأهلي منتقدا حكم المباراة ولجنة الحكام، وقال للقناة الرياضية: (تعودنا كلما جاء النصر يوقف على قدميه يتم إسقاطه بفعل فاعل)، وليت اللجنة هذه المرة صمتت كما فعلت في حالات مشابهة، لكنها (جابت العيد) حين أصدرت قرارا (دون قرار) بتوجيه (تحذير) للأمير الوليد بن بدر، مع أنها أقرت في نص القرار أن ما قام به هو (إساءة) لحكم المباراة، فلماذا عوقب كميخ على إساءته للحكم واكتفي بـ(تحذير) الوليد على إساءته للحكم؟ المساء إليه واحد .. والمادة واحدة .. واللائحة واحدة .. فهل لاختلاف هوية المسيء دور في اختلاف العقوبة ؟!

ويبدو أن اللجنة استشعرت تناقض قراراتها و (استحت) من الجمهور الكريم، فتكرمت عليه بإيضاح زاد من قلق هذا الجمهور وضاعف من ذهوله وحيرته .. حين أكدت اللجنة في نص قرارها الأخير أن اختلاف عقوبة (الوليد) عن عقوبة (كميخ) بسبب أن مخالفة الأول (إساءة) ومخالفة الثاني (اتهام) !! رغم أن القارئ الفطن الذي اطلع على نص قرار اللجنة بحق كميخ لم يجد كلمة (اتهام) في نص العقوبة بل كانت المخالفة في حينها (إساءة) فكيف تحولت مع الأيام إلى (اتهام) ؟!

لا شك أن اللجنة سقطت من جديد .. وهو أمر لا يستغرب .. لأن الجمهور الذي أصبح واعيا أكثر من كثير من المسؤولين وصناع القرار بات يعلم أن اللجنة في الكثير من قراراتها لجنة منفذة .. مهمتها أن تتلقى القرار من الصوت الأعلى سواء كان مسؤولا أو كاتبا أو إعلاميا .. وأن تضع له الصيغة القانونية المناسبة .. ولطالما فشلت اللجنة في النجاة من فخ التناقض بين القرارات لأنها (تبررها) ولا (تصنعها) !!

بالأمس .. وضع الأمير عبدالرحمن بن مساعد رئيس نادي الهلال (بذكاء غير مستغرب) لجنة الانضباط في اختبار جديد، حين خرج بعد لقاء فريقه أمام التعاون ممتدحا حكم المباراة مطرف القحطاني ومرشحا الحكام السعوديين لقيادة كلاسيكو برشلونة وريال مدريد وموجها انتقادا للجمهور الهلال واصفا إياه بالعاطفي، مؤكدا أن التعاون هو من ظلم وأن له ضربة جزاء، وأن حكم اللقاء تساهل مع لاعبي فريقه بالبطاقات، كل هذا الحديث قاله رئيس الهلال وهو يعلم أن الجميع سيستوعب السخرية في كلامه وسيأخذه بالعكس، واضعا لجنة الانضباط في اختبار هو الأصعب: هل ستأخذ بـ(نص) الكلام الذي قاله رئيس الهلال ؟! بالتأكيد أنها لن تجد في كلامه (ألفاظا) تستحق العقوبة، فلا يوجد في حديثه (اتهام) ولا (إساءة) .. فهل ستجنح لجنة الانضباط إلى محاولة (تحليل) تصريح الرئيس الهلالي (كما نقلت إحدى الصحف عن مصدر مسؤول في لجنة الانضباط) ؟! ومن يدري .. ربما أيضا تستعين اللجنة بـ(خبير أصوات) و (جهاز كشف الكذب) لتتحول من لجنة الانضباط إلى وكالة استخبارات !!

لجنة الانضباط مارست التناقض قبل ذلك أيضا حين عاقبت الهلال بغرامة مالية بسبب جماهيره على أعقاب أحداث مباراة الشعلة والهلال في الخرج، رغم أن الهلال لم يكن المستضيف ولا علاقة له بالتنظيم، ثم غرمت الهلال مجددا بسبب هتافات جماهيره في مباراة الاتحاد، واعترضت إدارة الهلال رسميا على تجاهل هتافات جماهير الاتحاد التي وثقتها بالصوت والصورة وأرفقتها ضمن خطاب رسمي لاتحاد القدم، وفي العقوبة الثانية للهلال ضمنت لجنة الانضباط عقوبتها بإنذار الهلال باللعب بدون جماهير في حال تكرار المخالفة للمرة الثالثة، رغم أن اللجنة نفسها هذا الموسم عاقبت الأهلي 3 مرات بسبب جماهيره ولم تهدده بالحرمان من جماهيره إلا في العقوبة الثالثة !!

الوسط الرياضي بأكمله سيكون موعودا دائما بحلقات متكررة من مسلسل ممل تلعب بطولته (لجنة الانضباط) .. والأكيد أن العلاج لن ينحصر أبدا باللائحة الجديدة التي ردت على أعقابها بعد أن فضحت قدرات البعض المتواضعة في التنظيم والتقنين .. لأن الجميع تأكد أن الخلل ليس في اللوائح بل في تطبيقها !!



وللمـزيد من الأخبــار والمــواد الأخـرى :: اضغـط هنــا ::