نسمع اليوم كثيرا عن التغريب والحرب الثقافية والفكرية ضد الاسلام واهله ونرى شبابنا كيف لبسوا لباس الغرب وتأثروا بهم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ)) وهذا ما نراه فعلا بين شبابنا لقد اتبعوا الغرب شبرا بشبر وذراعا بذراع فتراهم يلبسون لبسهم ويتخلقون باخلاقهم وينتهجون نهجهم . حتى اصبحوا يركضون وراء كل ناعق يتحدث باسم الحرية والتقدم . لكنهم نسوا او تناسوا ان هذه الحرية المزعومة تعني مسخ الثقافة والهوية والاخلاق ارادوا بالحرية المزعومة جر شبابنا نحو الغناء والخنا والمجون وترك ما خلقوامن اجله الا وهو عبادة الله الواحد القهار حيث قال تعالى : (( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون )) وترك ما يحيط بالامة من مخاطر ومصائب يندى لها جبين كل غيور عل هذه الامة الجريحة التي ما تلبث ان تنهض من مصيبة الا وتقع بمصيبة اعظم وا صبحنا تتكالب علينا الامم كما تتكالب الاكلة على قصعتها ؛كل هذا لاننا تركنا الجادة الصحيحة والطريق القويم . ونسينا اسلافنا وما سطروه من امور ومآثر خلدها التاريخ واصبح العالم يدين لهم ونشروا الثقافة والعلم في ارجاء المعمورة .فهلم معي ايها القارئ العزيز برحلة سريعة الى ماضينا المجيد نستذكر منه العبر ونرفع الهمم ونعيد الثقة الى شبابنا بانفسهم وتاريخهم وجعلهم يعتزون بماضيهم كي ينهضوا بهذه الامة نحو الرقي والتقدم كما كنا .فدعنا نتوقف بمحطات من الماضي . المحطة الاولى نتوقف عند الارقم بن ابي الارقم الذي كان بيته مأوى لانطلاق نور الاسلام واشعاعه على العالم .العجيب في هذا الشاب الشهم ان عمره لم يتجاوز ال17 سنة ومع ذلك فقد اخذ النصيب الكبير من التاريخ واصبح اسمه مرتبطا بالدعوة السرية حيث تحمل مسؤولية عظيمة تعجز عن حملها الجبال الشم . حيث جعل داره مقرا للرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه .



ودعنا نغادر هذه المحطة لنتوقف بمحطة اخرى وعنوانها الصحابي الشاب اسامة بن زيد رضي الله عنه حيث امره النبي صلى الله عليه وسلم على جيش يغزوا فيه امبراطورية الروم . والاعجب من هذا الامر انه كان في الجيش كبار الصحابة والقادة كابي بكر وعمر رضي الله عنهم .وعندما توفي الرسول قال اراد الصحابة ان لا ينفذوا جيش اسامة لكن ابا بكر ابى الا ان يمضي واستاذنه ببقاء عمر معه ليدير امور الخلافة معه فاذن له . فتصور ايها القارئ الكريم ما مدى النضج ورجاحة الراي التي توفرت في اسامة حتى يامره صلى الله عليه وسلم الجيش وهو ابن سبعة عشر. وهناك محطات كثيرة وكثيرة في طريقنا لكننا نقتصر على القصتين اللتين ذكرناهما . لان المواقف لا تنتهي مع اولئك الرجال .فهلا تفكرنا قليلا في ما ضينا حتى نستمد منه العبر والهمم. فمن هذا المنطلق هممت ان اكتب هذه الكلمات علها تستوقف شبابنا ويعودوا الى صوابهم من ترك الملهيات والعودة الى الدين الحق وما امرهم الله به من صلاة وذكر وعبادة. وان بقينا على هذه الحال ولم ننهض بواقعنا نحو الاحسن لضل الهوان والذل وتكالب الامم علينا قائم مصداقا لقوله تعالى (( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم )) فهلا وقفنا مع انفسنا وقفة متامل لواقعه وسالنا انفسنا بعض الاسئلة من هو وراء دفع الشباب نحو هذه المور التي يزينها لهم الغرب؟ هل هو بسبب ضعف الخطاب الديني ؟ ام هو بسبب قلة الثقافة والوعي لدى شبابنا ؟ هل لانحسار الدعوة الى الله عزوجل والامر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لما وصلنا اليه من حال مزري يحزن له العدو قبل الصديق كلها اسئلة تدور بذهن كل مسلم غيور حريص على دينه وعلى امته وعلى شباب امته الذين هم رصيدها والقاعدة التي تعتمد عليها في نهضتها نحو مستقبل مشرق فنحن اليوم في امس الحاجة الى وقفة صادقة وجدية من قبل شيوخنا وشبابنا ومثقفينا للارتقاء بواقعنا نحو الافضل وجعل شبابنا شباب على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم من حمل امانة الدين ونشر الشريعة السمحاء في ربوع العالم فلقد كان شباب الصحابة اعمارهم صغيرة وهممهم عالية تعانق السحاب .فهل تفكرنا في السبب الذي جعل هؤلاء هممهم تلك ونحن هممنا ان يحقق احدنا رغباته في العيش الهانئ والاستمتاع بملذات الدنيا الفانية وعدم التفكير فيما يواجه طريق الاسلام من صعوبات وعراقيل تقف في طريق انتشاره هل استسلمنا للغرب وما يريدوه منا من همم متدنية وركض وراء الملهيات حتى اوصلونا الى الغثائية فتفكر وتامل اخي الحبيب فيما سبق ذكره . اترك لك التفكير في ما تقدم وقبل ان اختم كلامي اود ان اذكرك اخي الشاب واخي القارئ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والبشرى التي بشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (يحشر المرء مع من احب)) او كما قال صلى الله عليه وسلم .فهل تحب ان تحشر مع من تحبهم من شخصيات صورها لك الغرب على انها قدوة يقتدى بها هل تحب ان تحشر يوم القيامة مع فنانين ومطربين ام هل تحب ان تحشر يوم القيامة مع لاعبين اجانب ملئ قلبك حبا واجلالا لهم والذين تعرف عن حياتهم اكثر مما تعرف عن حياة قدوة البشر صلى الله عليه وسلم اترك لك المجال في التفكير واسال الله عزوجل ان يوفقنا لفعل الخيرات واجتناب المنكرات ويجعل شبابا صالحين مصلحين ينهضوا بواقع الامة من حالها الى حال افضل انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .