منذ نعومة أظفارنا وليونتها ونحن نُلقن تلقيناً لا تعليماً أن الجزاء من جنس العمل, مرّت السنين وشَاختّ بنا الايام فشهدنا في أوطاننا خِلاف ذلك .الكل كان شاهد على حادثة إعتقال الناشط الحقوقي والشاب السعودي فارس بقنه المتهم بتهمة تشوية صورة البلد الناصعة البياض! الحاصل أن هذا المواطن الذي كان يُوجسه ويقضُ مضجعه الفقر المُدقع في أغنى بقاع الأرض أراد أن يوصل أنين حناجر أكثر من ثلاث مليون شخص يقبعون تحت خط الفقر في السعودية, يُصبّحون على هواء ويُمسّون على مثيله, راجياً من الله أن يسلط أعين المسؤولين على النهب والإختلاس الحاصل لدينا فإذا به يتفاجىء بتهمةٍ تُلفق له ويردى في السجن معتقلاً مع القاتل والسارق والرعاع من المجتمع, وكل هذا من أجل إتمام فصول المسرحية المحبوكة أمام الرأي العام.

.في الحقيقة أن تقدم خدمة لأكثر من ثلاث مليون مسلم فأنت تستحق كل الشكر والتقدير وأن توضع تاجاً فوق الهامات العالية بل بالأصح تستحق جزاءً لايفوقه جزاء بينما نحن هنا نقلب الأية فنعتقل المُصلح ونُطلق سراح المجرم.

مكمن المشكلة أننا نحاول أن نُكذب عقولنا الباطنة ونستمر في محاولة تصديق عبارة “أننا على أتم مايرام” بينما الواقع يحكي خلاف ذلك, فنسبياً 22% ورقميا ثلاث مليون قابع تحت خط الفقر لاتبشر بخير إطلاقا وفي ظل غياب الرقابة التجارية والتضخم المستمر للأسعار والمنتجات الغذائية فأجزم أننا سنصبح نقرضُ خبزا بلا ماء في قادم السنين والثلاثون عاماً القادمة ستعزز كلامي.من المؤسف للغاية حينما يؤدي بنا التعتيم على تردي أحوالنا المعيشية من أجل أهداف ومصالح شخصية من بعض المسؤولين إلى أن يُتحور مفهوم الإجرام لدينا من شخص ناهب لثروات البلد إلى مواطن مخلص يبتغي كل خير للبلاد والعباد, وبلا شك إذا استمر الوضع بهذا السوء واستشرت الإعتقالات لكل ناشط حقوقي سنشهد عما قريب إنقراض الطبقة الوسطى ويصبح المجتمع بين مطرقة الطبقة الاستقراطية وسندان الطبقة الكادحه. والحمد لله على كُلٍ حال.

منصور بن فهد
2011-10-25
mnsour.tumblr.com