
13/02/2003, 01:54 AM
|
زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 19/08/2000
مشاركات: 930
| |
الإخوان سراب الدمع وغروده ويزيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أشكر مروركم هنا وأهدي لكم قصة وردت ضمن الكتاب وهي لا تعتبر الأفضل ضمن المجموعة بل أن هناك قصصا أخرى أكثر إثارة منها . عنوان القصة " البحث عن معنى "
أنا إنسان بسيط. لا أعرف قراءة ما بين السطور. لا أحب اللغة المجازية. المعنى الحرفي الظاهر هو ضالتي وحتى أنني أحيانا أجد صعوبة في استنتاج هذا المعنى الظاهر البسيط. أرجو ألا تذهبوا بعيدا فتنسبوا هذا العبد الفقير إلى هذه المدرسة الفلسفية أو تلك. أنا لا أعرف هذه المدارس ولا أريد أن أتعرف إليها. كأني سمعت أحدهم يوما ما يتشدق بالحديث عنها. لكم أن تقولوا ما شئتم. جاهل أو حتى غبي. لا يهم. لهذا السبب أنا أبحث عن معنى لموقف بسيط حدث لي دون أن أستطيع إدراك معناه. أنا أحب أن أكون واضحا. المعنى الظاهر أو الحرفي هو ما أقصده.
ذهبت مرة إلى دائرة حكومية لإنهاء موضوع بسيط. لم يدر بخلدي أي شيء، فذهني صاف ولا أسمح بالمعاني المجازية أن تقلقه. كما أن من عادتي أن أنام مبكرا. لقد قلت لكم أنني إنسان بسيط. وقفت أنتظر المصعد لكي ينقلني إلى القسم الذي أريده. انفتح الباب فدخلت. دخل شخص آخر بعدي. نظر في وجهي. تفحّصني. لم يلق السلام. أشاح بوجهه عني كمن يكتشف شيئا فيقرر الهرب منه. لم يكن بمقدروه ذلك فقد انتهى الأمر وبدأ المصعد القديم رحلته القصيرة إلى حيث لا أعلم. لم يكن بوجهي ما يلفت الانتباه فلا توجد علامات فارقة من تلك التي تُكتب في البطاقات الشخصية. كما أنني هذا الصباح مارست نفس الطقوس التي يمارسها الناس عادة قبل أن يبدأوا يومهم المعتاد. كان مظهري حياديا. لست قبيحا، ولست جميلاً أيضاً، كما يقول ذلك كل من حولي. لم أغضب لأنه لم يلق السلام فلكلٍّ ظروفه. لعل له عذرا وأنت تلوم. أنا إنسان بسيط كما قلت لكم. حاولت أن أسأله عن الدور الذي يقع به القسم الذي أنشده. السلام عليكم. لو سمحت. أين قسم شؤون الموظفين؟ أي دور؟ لم يرد السلام. ذهبت كلماتي من جانبه واصطدمت بجدار المصعد الفولاذي خلفه وارتدت نحوي. قلت لكم أنا إنسان بسيط ودائما ما أبحث عن مبررات لأي موقف مثل هذا من دون أن أحمل على الأشخاص بعينهم وأتهجم عليهم. كررت السؤال مرة أخرى فلعله منشغل التفكير. ارتدت كلماتي نحوي مرة أخرى، قلت لكم أنا إنسان بسيط ولهذا استنتجت انه ربما يكون أصماً ولهذا لم يسمعني. حاولت مرة أخرى. ربتّ على كتفه برفق. أنت؟ يا أخي، أين شؤون الموظفين؟ لم تجد كلماتي أي صدى. أدار جسمه بعيدا عني. حاولت أن أنظر في وجهه لعله ينتبه لوجودي. لم أفلح. كأني سمعته يردد كلمات لا أتبيّنها. أكملنا نصف دائرة بالمصعد. هو يحاول أن يهرب وأنا أحاول أن أشعره بوجودي دون جدوى. توقّفت. بساطتي تدفعني إلى إدراك أن الأمر بسيط لا يحتمل معاني أخرى، رغم أني لا أكتمكم فقد بدأت أغضب. ما الذي يجعل هذا الشخص يرفضني بهذه الطريقة؟ إنها أشد أنواع المقاطعة. بدأت أيضا أتضايق من نفسي. لكني صبرت فأنا إنسان بسيط كما قلت لكم. هو بحاجة إلى من ينبهه بشكل أكثر فاعلية. تعرفون أنتم كم هي الحياة صعبة في هذا العصر. المشتّتات كثيرة والفتن كبيرة. لذلك استجمعت قواي للمرة الرابعة وهززته من ناحية كتفه بطريقة أشد من السابقة. أنت! يا أخي؟ أين شؤون الموظفين؟ لم يلق لي بالا، وبَدَا لي وكأنه يندب الساعة التي اجتمع بها مع هذا الإنسان في هذا المكان. أكملنا الدورة كاملة في المصعد الآن. كأني سمعته يتفوّه بكلمات. اندهشت للموقف. الوقت مر سريعاً. لم أستطع أن أستنتج المعنى الظاهر أمامي. أنا كما قلت لكم إنسان بسيط ولا أستطيع أن أحمّل الموقف أكثر مما ينبغي. توقف المصعد. انفتح الباب. لم يصدق الرجل وغادر مسرعاً من دون أن يلقي السلام أيضاً. أمر محير فعلاً. فإذا افترضنا أنه لم يسمعني فعلى الأقل كان عليه أن. وهل بدأه أولا حتى يقوله ثانيةً؟ بقيت وحيدا في المصعد. احساس بالكآبة سيطر علي. ضغطت على الرقم صفر. عدت من حيث أتيت. |