31/05/2011, 11:32 AM
|
| مشرف منتدى المجلس العام | | تاريخ التسجيل: 02/08/2005 المكان: بين الحلم والأسوار !
مشاركات: 13,589
| |
[ قهوة الثلاثاء - 23 ] .. ذكرياتي مع سوريـا ( الجزء الثاني ) ؟!
ساحة المرجة ! .. لمن لا يعرف دمشق .. تقع هذه الساحة في قلب المنطقة التاريخية لدى العاصمة السورية وهي على بعد مسافة قريبة من سوق الحميدية التاريخي والجامع الأموي .. هنالك مقهى يروقني أن أذهب اليه مساء عندما لا أجد ما أفعله .. مقهى جدا قديم بمقاعده وطاولاته ووجوه من يقبعون بداخله وذلك المذياع الروسي القديم وهو يتلو آيات من الذكر الحكيم بصوت المقرئ المفضل لدي محمد صديق المنشاوي .. أزور ذلك المقهى الذي لم افكر يوما ان اعرف ما اسمه في كل مرة اجد نفسي احتضن دمشق الحبيبة .. آتي بمقعدي والطاولة وافترش الرصيف واطلب قدح زهورات واجوب بناظري المكان مساء ! .. امامي مباشرة محل لبيع الخمور في الجانب الآخر من الشارع ! .. هنالك قواد ( وانتم بكرامة ) في الناصية يحيط به بعض ازلامه ممن تجد لديهم كل ما يريده أحدهم بدء من الشقق المفروشة الى تبديل العملات الى النساء والشراب وسجائر الكيف ! .. في ذلك المبنى حجرات اكتست باللون الأحمر في دلالة على وجود الغرف المشبوهة .. وتلك بضع فتيات يرتدين اسمالا بالية ومساحيق فاقعه وروائح عطرية تصيب من يستنشقها بذبحة صدرية لا مفر منها ! .. كل ذلك وانا لا زلت استمع للصوت الرخيم للشيخ : المنشاوي وهو يتلو قوله تعالى : ( طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى ) .. أعدت ناظري مرة أخرى للمكان ولكن بصورة أخرى أستشرفها من الماضي .. من هذا المكان كانت جيوش المسلمون تسير نحو الفتوحات أو تعود حاملة للبشارات .. في قلب الساحة هنالك حديقة صغيرة بهندسة بديعة بوجود قناة لنهر بردى وصرح رخامي بناه العثمانيون ويحمل أعلاه مجسم يقال إنه للكعبة المشرفة .. في هذه الحديقة الصغيرة كان تعلق رؤوس الشهداء السوريون الذين قاوموا الوجود الفرنسي في بلاد الشام .. على مسافة ليست بالبعيدة من هذه الساحة يقبع قبر القائد المسلم العظيم صلاح الدين الأيوبي الذي زاره القائد الفرنسي عند احتلال سوريا وهو يتحدث اليه قائلا : لقد عدنا يا صلاح ! .. تخيلت للحظات انني تمكنت من مسح آثار الأتربة وعوادم السيارات ووسائل النقل التي كست تلك المباني التي تحيط بساحة المرجة وأحالتها كالأرملة التي أكتست عينيها وثيابها السواد ! .. قمت بعملية تنظيف ذهنية بالتعاون مع وظائفي البصرية فظهرت تلك المباني امامي غاية في الفن المعماري والإبداع الهندسي التي تظهر مدنية هذه المدينة التاريخية وحضارتها منذ آلاف السنين ! تلك المشاهدات اعلاه والتي سوف تشاهدها في اقطار عربية أخرى .. جعلتني اتسائل : لماذا لم يمنح الوطن تلك المومس ما يكفيها ومن تعولهم شر العمل في الرذيلة ؟ .. ولماذا لم يتصدى الوطن امام اولئك النافذين الذين يتاجرون في قيمه واخلاقه ؟ .. ولماذا لا يعتني الوطن في الحفاظ على نظافته ومن يسكنه ؟ .. ولماذا يهدم الوطن تاريخنا العظيم ليفرض علينا واقع مخزي ؟ .. لماذا ؟ .. ولماذا ؟ .. الخ التساؤلات التي لا تنتهي !
في اقطار عربية عدة : أمناء الوطن عار على الوطن ! يتبع الاسبوع القادم بإذن الله ... ودمتـم فـي خيـر |