هذه فتاة لطيفة تعيش وسط عائلة غنية وكل طلباتها مجابة ولا ينقصها شيء.. إلا أن الفراغ كان يملأ جنبات حياتها وقلبها ويصيبها بالملل..
في البداية كانت تتسلى على التلفزيون والألعاب الإلكترونية مثل رزدنت إيفل وكراش وسباق السيارات إلا أنها شيئاً فشيئاً لم تعد تستهويها تلك التسالي البريئة فدخلت من جديد في دائرة الملل؛ وللأسف كانت لديها عادة شريرة فقد كانت تحب قراءة الرويات البوليسية والمتحررة والتي تظهر المرأة بمظهر البطل فلطالما كانت تتخيل نفسها في وضع بطلات الروايات فترى نفسها مرة تقود طائرة إف خمسطعش الحربية ومرة ترى أنها تقتل وتسحل شباب سعوديين قاموا بمعاكستها ومرة تتخيل نفسها قائدة لمتظاهرات في إحدى الشوارع الرئيسية في المملكة ضد الحكومة ورجال الدين وتحرق العباءة في الشارع..!!
إضافه إلى ذلك كانت كثيراً ما تتابع البرامج التلفزيونيه التي تعرض تحرر المرأة وتعرضها للظلم المزعوم في الوطن السعودي فامتلأ قلبها بالكراهية للرجال السعوديين وأصبحت أحلامها تتخذ وضعيات متطرفة فتتخيل نفسها تقوم بقتل الشباب السعودي المسكين وتضربهم وتقوم كذلك بقياده المظاهرات التي تحرق الشباب والعباية في الساحات والميادين العامة؛ وكانت تحب البرامج التي تتحدث عن بطلتها هدى عشراوي المصرية التي قامت بحرق العباية قبل خمسين عاماً في مصر وكانت أول مصرية مجنونة تقوم بحركه التحرر..!!
تخيل هذه الامور بشكل يومي في أحلامها كان يضفي عليها السعاده والفرح ولكن بعد فترة أصبحت تضجر من هذه الاحلام التي كانت لذتها وقتية وأصبحت مثل المخدرات لا تهدئ من حقدها الذي تغذت به ضد مجتمعها فاصبحت تتطلع الى المزيد ولا يكفيها ذلك؛ فالمخدرات كلما أعتاد الشخص على كمية أصبح يطلب زيادة الجرعة وهذا ما حدث مع هذه الفتاة التي لم تعد الاحلام تكفيها لتهدئة أحقادها وأصبحت تتطلع لتغذية هذه الأحقاد بطريقة مغايرة.
فما كان منها إلا أن صممت على أن تتخذ خطوات متقدمة وأن لا تكتفي بالأحلام فوضعت خطتها التي تقوم على الآتي:
الخروج من منزل والدها بالاتفاق مع عدد من صديقاتها اللائي يوافقنها في أفكارها الهدامة ضد المجتمع.
ثم يذهبن إلى إحدى الشوارع الكبرى
وفي الميدان العام يقم بإشعال مظاهرة يخلعن فيها العباءة ويحرقنها في الشارع ويقلدن بذلك هدى شعراوي..!!
كن يعلمن أن ذلك سيتم التعامل معه بعنف من قبل السلطات السعودية إلا أنهن أخذن يفكرن في التاريخ الذي سيخلد ذكراهن مثل قائدات التحرر في الدول الغربيه والعربيه مثل زكية زكاريا وكونزاليزا روس وغيرهن..
استيقظت في صباح ذلك اليوم المشئوم وادعت أنها ستذهب الى صديقاتها فركبت السيارة مع السائق إلى منزل صديقتها الواقع بالقرب من مكان الجريمة التي يردن القيام بها فوجدت هناك الشلة كاملة وقد لبسن أجمل الثياب وانهمكن وبتركيز شديد في وضع المكياج عكسها هي فهي لم تضع أي مساحيق على وجهها..!!
قالت لهن: نحن ذاهبات في مهمة وطنية لتحرير بنات جنسنا ضد الاستعباد والقهر وظلم الرجال ولسنا ذاهبات إلى حفله كي تتزين هكذا..؟؟؟؟
ضحكن الفتيات وقلن لها: ولكن احتمال كبير أن تقوم وسائل الإعلام بتصويرنا وكذلك الشباب قد يتجمعون حولنا ولا نريد أن يروننا في شكل سيء..!!
عندما رأتهن يقلن ويفعلن ذلك علمت أنهن لا يحملن الجدية التي تحملها هي في التحرير إلا انها احتاجت للدعم اللوجستي المتمثل فيهن فقبلت كلامهن على مضض وأخذت تجهز الخطبة التي ستلقيها في الميدان الذي تتوقع أنهم سيسمونه بإسمها بعد أن تقوم بفعلتها الشنيعة مثلما حدث مع هدى عاشور وتتخيل وسائل الاعلام وهي تحاول أن تقوم بأخذ تصريحها فتذكر هي وضع المرأه في السعودية وإنعدام الحرية وغيرها من الأمور التي لا أساس لها من الصحة..!!
انطلقن الفتيات الى ذلك الميدان الذي يردن أن يقمن بحرق العبايات فيه في ساعه الظهيره - وهي ساعه الذروه - وما إن وصلن إلى منتصف الدوار حتى قمن بجريمة خلع العبايات فأخذ الناس ينظرون إليهن بإستغراب وإندهاش شديد..!!
وصادف خلعهن للعبايات مرور حافلة في ذلك الطريق فأخذ سائق الحافلة ينظر بذهول إلى الفتيات الخالعات العباءة ففقد سيطرته على الحافلة واتجه إليهن مباشرة واصطدم بالفتاة السعودية قائدة المظاهرة التي تعرضت لرضوض وسقطت على الأرض..
تجمهر الناس واخذوا ينظرون إليهن بذهول فدخل رجل سكران وأخذ يصرخ فيهن بأنهن غبيات ويأمرهن بإحضار المسكر إليه فظن الناس بأنهن تابعات له وأنهن سكرانات فقاموا بإبلاغ "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي حضرت إلى المكان بعد نحو خمس دقائق وأمرت الجمهور بالتفرق لرؤية حيثيات الوضع.
وما إن سمعن الفتيات صوت جمس الهيئة حتى لبسن العباءات وهربن واختفين وسط الجمهور تاركات صديقتهن القائدة لوحدها وسط الجمهور والفضيحه ولم تستطع القائدة الهرب بسبب الكدمات التي في جسمها فحملها رجال الهيئه الأشاوس إلى السيارة وغطوها بالعباءة التي خلعتها وأرادت أن تحرقها وذهبوا بها إلى المستشفى واصطحبوا الرجل السكران إلى السجن..
بعد أن عالجوا في المستشفى الرضوض والكسور التي في جسمها بسبب الحادث أتى رجل من الهيئه طيب القلب ومهيب الطلعة وذو وقار وقال لها: يا ابنتي أنا أعلم السبب الذي ذهبتي بسببه إلى الميدان العام إلا أني لن اخبر أباك ولا أهلك وأرجو أن تأخذي من ذلك درسا لن تنسيه؛ وقد قمنا باستدعاء والدك لأخذك من المستشفى ولم نخبره أننا من رجال الهيئه بل أخبرناه بأننا من الإسعاف وأنك كنت مع زميلاتك حين اصطدمت حافله بك؛ إلا أني أريد أن آخذ عهداً منك بأنك ستتركين الأفكار الهدامة تلك التي تعشعش في رأسك وتتركين رفقة السوء اللاتي زين لك سوء عملك وهربوا عندما جد الجد..
بكت الفتاة السعودية بمرارة وقالت للشيخ الجليل: أشهد الله يا عماه أني تبت إلى الله وأني لن أعود إلى مثل هذه الأفعال الشريرة أبداً..
وجاء والدها فبكت بين ذراعيه وأخذها إلى المنزل وقد أصبحت منذ ذلك اليوم فتاة طيبة تفعل الخير وتجتنب صديقات السوء وتحب الطبخ وخدمة الأهل.