الاقزام الهاربون من اكلة لحوم البشر

ترجمة: بديع ابو عيدة

كاماندا واكاماندا

“لقد رأيت امي وهي تموت, ثم تقطع اربا اربا, وتطبخ على نار متقدة” هذا ما قاله القزم اموتزاتي, الصياد الذي لا يزيد طول قامته عن متر واحد وعشرين سنتمترا.

وكان قد وصل للتو الى بلدة مانجينا الواقعة في الشمال الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية ثم اردف قائلا: “اننا هاربون من الوحش” مثله في ذلك مثل ستمائة قزم اخرين كانوا قد وصلوا في الفترة الاخيرة الى مانجينا, بعد ان تخلوا لأول مرة عن عيشهم في الغابة الاستوائية. اما الوحش فهو المتمثل بجيش تحرير الكونغو, الذي لم يتوان مقاتلوه في الاشهر الاخيرة من ارتكاب عمليات اغتصاب للقاصرات, واكل لحوم الاقزام من السكان. ومن بين الشهادات الكثيرة التي جمعت في مانجينا, لم تكن فقط تلك التي ادلى بها اموتزاتي, الذي رأى بالاضافة الى والدته عملية ذبح شقيقته واثنين من اخوانه, وجميع احفاده قبل ان يراهم يؤكلون من قبل الجنود المتمردين, بل هناك كذلك رواية لقزم آخر يعمل في الزراعة, يقول فيها انه كان شاهدا على منظر مطابق, وكانت الوجبة في هذه المرة زوجتيه وابناءه الاربعة.

ولم ينته الامر عند هذا الحد: فهناك ابولليني, احدى النساء من قبيلة ناندي التي اجبرت على الأكل من لحم زوجها. وكذلك القائد مافوتا, الضابط في الجيش المناوىء لجيش تحرير الكونغو, الذي يروي ما حدث له يوم ان تم القاء القبض عليه من قبل اعدائه حيث اثخنوا جسده بالجراح بواسطة الحراب لهدف اسالة دمه. ثم يضيف قائلا: “لقد قاموا بجمع دمي وشربوه مقتنعين ان هذا يجعلهم اشد بأسا وشجاعة”.

وشهادات اخرى جرى التأكيد عليها من خلال تحقيق اجرته الامم المتحدة, وكان قد ادلى بها ثلاثة من رجال الدين المسيحي الذين احتجزوا لدى المقاتلين لمدة عشرين يوما. ويتحدث عن ذلك احدهم, الايطالي, الاب فرانكو فيقول:”لقد شاهدت الجنود وهم يعرضون رؤوس الاقزام واعضاءهم التناسلية, كما لو كانت غنائم حرب. والمبشرون الثلاثة الذين التقيناهم في كنسية سان روزاريو الرعوية, بمدينة مومياسا حيث يعيشون تحت حماية بعثة الامم المتحدة الى الكونغو, لا يترددون في الحديث عن معتقدات المتمردين. وكان مما قاله الاب فرانكو: “انهم يأكلون اللحوم البشرية ويشربون الدم الآدمي نتيجة اعتقادهم ان هذا يعطيهم القوة والبأس”.

وهو اعتقاد سخيف ومناف للعقل .. ولكنه راسخ لديهم على اعتبار ان أكل لحوم الاقزام يحولهم الى جبابرة لا يقهرون. ويسخر من ذلك احد افراد قبيلة ناندي, الذي التقيناه في مانجينا فيقول: “والان وبما ان الشبه كبير ما بين الاقزام والناندي الى الحد الذي يصعب معه التمييز بين العرقين, فانهم يأكلون كلاهما”.

وتثير الروايات الكثير من الرعب والفزع بحيث دفعت المئات من الاقزام الى هجر بيوتهم المشيدة من اوراق الموز وسط الغابة الكونغولية. واقدم قسم كبير منهم على ذلك نتيجة الاشاعات التي تطلق هنا وهناك. ويحدثنا عن ذلك القزم موريشو يونغو الذي يعيش وسط الغابات الواقعة الى الغرب من الحدود مع اوغندا, فيقول: “لقد هربنا خوفا من الحرب, ويتملكنا الرعب الشديد نتيجة لما يشاع وما سمعناه من الاقزام الاخرين. لقد التهموا اصدقاءنا. وفي حالة امساكهم بنا, فسوف نلقى نفس المصير وعليه فلم يكن امامنا الا الهرب”.

ويتم التعرف بسهولة على الاقزام في مانجينا, نظرا لقاماتهم القصيرة ووجهوهم الموشومة ويؤكد المتطوعون في المنظمات الانسانية العاملة هناك انهم لا يشعرون بالراحة كما الاخرين. ولا يحبذون الانضمام الى مجموعات واناس مختلفين وهم قلقون جراء الاطعمة المجهولة التي تقدم لهم. فهم تواقون الى حد كبير الى العودة لنمط الحياة الخاصة بهم. وبيوتهم والى رحلات الصيد والقنص, وجني ثمار اشجار الغابة.

ان قبائلهم معرضة للخطر, وكانت عملية ازالة الغابات والاستيلاء على المزيد من الاراضي لتحويلها الى زراعية قد جردتهم من جزء كبير من الغابات حيث يعيشون حياة قصيرة جدا, وبمعدلات وفاة عالية.

وفي المركز المخصص لمساعدة الاقزام في بيني, الواقعة على مسافة ثلاثين كيلو مترا الى الجنوب من مانجينا, كنا قد التقينا بينويت كالومي, الذي اكد على ان المشكلة الرئيسية التي تجابه هذا الشعب هي المتمثلة في الانخراط ببرامج صحية وتعليمية جادة. فلقد تعرضوا لسنوات طويلة لسوء المعاملة من قبل الكونغوليين الاخرين.

ثم يضيف قائلا: “انهم يعاملون بسوء من قبل الجميع, ويجري التعامل معهم على اعتبار انهم جنس من غير بني البشر. ولا يجدون شيئا تقريبا يقتاتون عليه, نتيجة لعجزهم عن الخروج للصيد داخل الغابة المستباحة بفعل القائمين على الزراعة. وبالنسبة للاقزام, او ابناء الغابة كما يحبون ان يوصفوا فانها المرة الاولى التي يجازفون بها بالخروج من الغابة لمدة طويلة نسبيا”.

يعطيك الف عافيه اخوي البحار000على المجهود00

واللي لفت نظري00اعتقادهم بامن ياكل لحوم الاقزام يصبح جبارولا يقهر00

راحوفيهاالاقزام00!!

تقبل تحياتي00

الله يعافيك .......