لماذا نختلف ؟ سألت نفسي في إحدى الليال، لأني رأيت أنه السبب الوحيد الذي لايوحدنا ويجعلنا صفا واحدا
فأجبت بعد تفكير :
تختلف لأن أولوياتنا مختلفة ، فالذي أراه مهما يراه صديقي عكس ذلك، والذي أرى لاغنى عنه غيري يستطيع ان يتركه بسهولة ، عندما اختلف الصحابة في أول اختلاف لهم لم يختلفوا لمصلحة ولا لولاية، بل اختلفوا لأولوية ، فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- كان يرى ان المبايعة واستقرار المسلمين وعدم تفرقهم هو الأولى والأحق أولا ، أما عبدالله بن الزبير –رضي الله عنه - كان يرى أن الأولى أن يقتل قتلة عثمان أولاً ، ثم جرت الفتن و حوادث القتل على خلاف كان هذا ابتداءه.
وبعض رجال الدين في السعودية يرون أن استقرار الدولة وابقاء الأمر كما هو عليه هو الأولى من أي شيء اخر ، أما بعض الاصلاحيون فيرون أن الاصلاح هو الأولى وهو الأهم ترتب علي تحقيققه ماترتب !
وفي المنزل ، يرى أبي ان ابنه لايجب أن يضيع حقه مهما حصل حتى لو كان ذلك على حساب ضرب ابن الجيران ، أما امي ترى أنه حتى لو ضاع حقك فالأهم أن تحترم جارك !
ثم تأملت قليلا ولم يرق لي ماقلت لأني وجدت سبباً آخر :
نختلف لأن تعريفاتنا مختلفة ، فأنا أريد الحرية وأنت تريد الحرية فنتفق على أساس ذلك زمناً ثم بعد ذلك تجد اني اريد حرية بنظرك هي إلحاد وحريتك بنظري هي ليس الا استعباد .
عندما يستدل أحد الخطباء باآية (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا ) على حرمة التظاهر ، يراها اخر أنها دليل على اننا يجب ان نتظاهر من باب الاعتصام.
عندما يتفق اثنان على أنهم يريدون حياة كريمة وعزيزة للمرأة ، يختلفون هم أنفسهم حين يقول الأول ان كرامتها في ان تبقى في بيتها ويقوم زوجها على خدمتها ، في حين يرى الآخر أن كرامتها في خدمتها للمجتمع من خلال العمل.
بعد أن سئمت من نفسي وتبريراتها وتحليلاتها قلت بدون تفكير :
وماذا اذا لم نختلف ؟ اذا اتفقنا على كل شيء ، لن يكون هناك حوار فلن يكون هناك تلاقح أفكار فلن نتطور وسنبقى من أهل الكهوف.
وماذا سينتج لي – بعد كل هذا – ان شاركتموني التفكير ؟
اضغط هنا -
عبدالله بن خالد