حدث معي ذات مرة موقف طريف ومستفز في آن معا .. حيث اقترحت على احدهم ان يشاركني رحلة سفر .. فوافق على الفور لأنه حسب افادته كان ( يحلم ) بزيارة تلك المدينة التي نريد أن نقصدها وقد كان يبحث عن من يشاركه الرحلة ! .. بعد عدة ايام طرحت عليه الموضوع مجددا لعله كان متحمسا في ذلك اليوم ولم يكن مستعد للرحلة فعاتبني لماذا لم اباشر اجراءات السفر لنا سوية ! .. في اليوم المحدد للسفر وبعد اكتمال كافة الإجراءات وسداد الرسوم أختفى الرجل عن سطح الأرض ! .. بحثت عنه حتى اصابني القلق من احتمال ان يكون قد تعرض لمكروه .. ثم انتهى الأمر في اليوم التالي بمجموعة اعذار حتى عندما وجد نفسه يناقض نفسه صرح بالقول : لم أحب أن أردك .. لم أكن مهيئا وهنالك ظروف كانت تعيقني ولكنني حدثت نفسي لعل هنالك ما يطرأ جديد يمكنني من مرافقتك !

في حياتنا الإجتماعية كثير ما تنتهي العلاقة بين طرفين سواء زوج وزوجة أو صديق وآخر أو موظف ومديره أو زملاء عمل ... الخ من اشكال العلاقات الاجتماعية نتيجة حدث أو تصرف ما قام به احد الأطراف وظن الآخر ان ذلك التصرف كان مسيئا له وأكتفى بالصمت أو اتخاذ موقف شخصي دون ابلاغ الطرف المعني بالأمر .. وايضا عندما يفقد احد الأطراف القدرة على الاعتذار من طرف آخر يطلب منه خدمة ،،،

تميل مجتمعاتنا العربية الى كثرة المجاملات في علاقاتها الاجتماعية والتي قد تصل في بعض الاحيان الى التكلف فوق طاقتها او التجاوز عن ما يظن احدهم انه اساءة نحوه .. ولكون المجتمعات العربية في طبيعتها لديها شعور بالكرامة والاعتزاز بذاتها فأنها تستمر في هذه العادة الاجتماعية ( المجاملة ) حتى تصل الى مرحلة الرفض والقطيعة .. وتتحول ما كان يظنه الآخرين إنها علاقة إجتماعية متميزة بين طرفين الى النقيض تماما من التنافر والتباعد !

من وجهة نظري وعطفا على علاقات عديدة مع احبة مختلفين في عالمنا العربي .. بدى لي أن مجتمعاتنا العربية تفتقد الى عاملين جوهريين في علاقاتهم الإجتماعية .. وهما :


من واقع تجارب عديدة يفتقد الكثيرين في مجتمعاتنا الى الشجاعة الأدبية في ابداء اعتراضهم أو استفسارهم أو انتقادهم لمسألة ما ويتم الاستعاضة عن ذلك اما بالتجاهل أو الفرار ! .. ولطالما في حياتنا كنا نحمل في أنفسنا سوء فهم أو سوء تقدير نحو أحدهم واتضح من لقاء مصارحة أو عتاب أو إي شكل من أشكال التواصل الإجتماعي اننا كنا مخطئين في تقديرنا لتصرف أو قول ذلك الشخص .. أو تجد أن الطرف الاخر يبادر الى الإعتذار عندما يعرض عليه الأمر لأنه قد خانه التقدير أو حسن التصرف ايضا ولم يطرأ في باله أن تصرفه قد يفسر بشكل خاطئ لم يكن يعنيه حقيقة .. لذلك من الجميل دوما ان نتمتع بقدر من الشجاعة الأدبية في مواجهة ما نظنه اساءة من احدهم أو تصرف غير لائق فذلك يحفظ الود والتواصل ويوطد دعائم العلاقة بين طرفين أو أكثر ،،،

من جانب آخر تطل علينا ثقافة عدم القدرة على الأعتذار عندما يطلب احدهم منا خدمة أو مساعدة ما ويتم ايضا الاستعاضة عنها بالرغم من ابداء الموافقة بالتجاهل أو الفرار ! .. فتتعطل مصالح الطالب ويضع المطلوب نفسه في حرج كان في غنى عنه .. بل ان الأعتذار في هكذا مواقف يعد خدمة جليلة ! .. لأنك تمنح الآخر فرصة البحث عن شخص آخر أو وسيلة ما يحقق من خلالها الخدمة أو المساعدة التي ينشدها قبل أن يجد نفسه في مأزق أو ورطه نتيجة انتظار الخدمة التي تعهد احدهم على الوفاء بها ولم يوفي بالتزامه نتيجة انه لم يستطيع أن يعتذر !


ودمتـم في خيـر