الهلال...فيه لاعب اسمه يوسف الثنيان هذه هي العبارة التي أجيب بها أي شخص يسألني عن اهتماماتي الكروية...حتى لو كان السؤال من نفسي لنفسي! ليعذرني الزعماء على كتابة هذا الموضوع الذي قد لا يضيف أي معلومة قيمة لهم، ولكن كونها مشاركتي الأولى، سأتطفل عليكم وأفترض اعتباطاً أنني "أمون" على كل زعيم يتصفح هذا الموقع، لأحكي لكم قصتي مع الهلال.
كانت الساعة تشير إلى الثامنة وأربعين دقيقة في صباحٍ من صباحات الرياض الصيفية الحارة، وبالتحديد أثناء الفسحة الأولى في يومٍ مدرسي لا أتذكر تاريخه تحديداً ولكنه كان في بدايات العام 1412هـ، حينها كنت في الصف الثالث الابتدائي.
كان لي صديق اسمه "عاشور" الله يذكره بالخير، وكان يتحدث مع طالب آخر من أقربائه في الصف الخامس الابتدائي عن مباراة كرة قدم وكنت أحس بحرارة المحادثة فيما بينهم، فقادني الفضول لأسأله "وش فيك متحمس؟"، فأجابني بسؤالٍ آخر "ما شفت مباراة أمس؟"، أجبته ببراءة "أنا ما أحب المباريات، ودائماً يوم أكون منتظر أفلام كرتون يكون فيه مباراة، وأطفى التلفزيون"، وما كدت أجيبه عن سؤاله حتى ألقى علي سؤالاً آخر بصيغة استنكارية، مع ارتفاع ملحوظ في حدة صوته، "يعني ما تشجع أحد؟!"، أجبته بلا، وكان علي أن أوجه له سؤالاً لا لشيئ إلا خوفاً من سؤالٍ آخر وبصوتٍ أعلى، فسألته: "طيب...أنت وش تشجع؟"، فكانت إجابته "أنا أشجع الهلال... فيه لاعب اسمه يوسف الثنيان".
بصراحة لم أستغرب الاسم، ولازلت لا أدري لماذا، لكن قد أكون سمعته أكثر من مرة ولكن دون أن أعرف من هو هذا الشخص، ثم اقترب مني وقال: أنصحك تشوف المباراة الجاية للهلال ضد الاستقلال الإيراني، فقلت له: لماذا فريق إيراني؟ أقصد لماذا لا يكون فريق من الفرق التي أسمع عنها دائماً كالنصر أو الشباب أو أو أو....
فأجابني موضحاً: الهلال يلعب بطولة آسيوية، يعني اللي يفوز يصير أقوى فريق في قارة آسيا "ماشاء الله عليه، رغم صغر سنه في ذلك الوقت إلا انه استطاع أن يشرح مالم يستطع الإتحاد الآسيوي فهمه حتى الآن".
استفسرت منه عن توقيت المباراة، وعن رقم الفانيلة للاعب يوسف الثنيان حتى أستطيع تمييزه في الملعب، أعطاني المعلومات وقالي لي "ما يحتاج تعرف رقم الفانيلة، شف أحسن لاعب في الهلال، تراه يوسف الثنيان".
تابعت المباراة بشغف وحماس كبيرين، رغم أنها أول مباراة، وأحسست بالمتعة فعلاً، ولازلت أذكر "فاول أبو يعقوب اللي من عند علم الركنية"، وضربة الجزاء التي تصدى لها خالد الدايل "الله يذكره بالخير"، والتتويج على المنصة، كان حينها منصور الأحمد "كابتن الفريق".
كانت هذه الخطوة الأولى في طريق الهلال...
دارت الأيام، وسافرت إلى الخارج للدراسة الجامعية، كان ذلك في النصف الثاني من العام 2001م، وتعرفت على صديق من أهل البلد هناك، وكان على غير العادة مهتماً بكرة القدم بشكل كبير، فلما علم أني قادم من السعودية، سألني وبنفس الجملة التي علمتني الهلال، ولكن هذه المرة باللغة الإنجليزية، وعلى بعد 4 ساعات طيران من الرياض "معقل الزعيم"، كان سؤاله: There is a team called Al Hilal, they have a good player named "Al Thunayan". Do you cheer for that team? أجبت على الفور بإنجليزية ركيكة من بقايا المرحلة المتوسطة والثانوية يشوبها شيئ من كبرياء العظمة: Off Course!، كان هذا موقفاً آخراً جسد في نفسي الانتماء للزعيم الآسيوي.
في شهر مايو من العام 2007 هاتفني نفس الزميل ولكن هذه المرة من السعودية، وعلمت منه بأنه قد حصل على وظيفة في المملكة وأنه ينوي المكوث لمدة لا تزيد على السنة، نظراً لظروفه العائلية التي لن تسمح له بأكثر من ذلك.
كنا نتقابل بين الفينة والأخرى، ولكن في مرةٍ من المرات خطرت ببالي فكرة أن آخذه لمباراة للهلال، ليقف بنفسه على هذا الفريق الذي كان يتحدث عنه قبل 6 سنوات من ذلك التاريخ، ووقع الاختيار على مباراة الهلال والوحدة في الدور الثاني من الدوري الفائت، والذي توج به الهلال ، كانت البرودة شديدة حد التجمد تلك الليلة، وخرجت من المنزل معتمراً شماغي ومتلحفاً فروتي، وخرج هو من شقته كالبطريق، فيداه مغطتان بقفازين صوفيين، ورأسه يغطيه "منكي كاب"، ويلف حول عنقه شالاً صوفياً من صنع بلده، ولا أزال أذكر الهدف الأول الذي سجله ليلو مبيلي "رفع الله عنه"، من تمريرةٍ ولا أروع من التايب "فك الله أسره"، حينها قفز صديقي مصفقاً وملوحاً للتايب الذي كان يحيي الجماهير القليلة الحاضرة تلك الليلة.
بعدها بفترةٍ قصيرة، كان اعتزال سامي الجابر، وفاجأني هذا الصديق باتصالٍ هاتفي يخبرني بأنه قد اشترى تذكرتين، له واحدة ولي الأخرى، وذلك لحضور الحفل، سعدت يومها سعادة غامرة لأن صديقي سيرى استاد الملك فهد الدولي وقد توشح الأزرق والأبيض ليزف عريسه تلك الليلة. حضرنا في الملعب قبل ساعيتن من بداية الحفل، وأحس صديقي بقشعريرةٍ تسري في جسده وهو يرى 75 ألف مشجع، يتعطشون لرؤية الزعيم على أرض الملعب...
حينها همست في أذنه "أهذا هو الهلال الذي سألتني عنه؟ فأجاب: بالتأكيد هو" |