عندما كنت في سن المراهقة زارتنا ذات مرة امرأة غربية برفقة زوجها السعودي لحضور زفاف أحد أشقائي. كنت معبأ من قبل المدرسة بفكرة التغريب* و بالتالي اتخذت فكرة مسبقة بأن أفكار هذه السيدة خاطئة حتى تثبت صحتها. لذا ضجرت حينما سألت أخي عن كيفة لقاءه بزوجته المقبلة . رأيت الخجل و الاحراج في قسمات وجهه و تفاصيل ملامحه بينما أنا شعرت أنها فكرة تآمرية لافساد عائلتنا.
مرت السنون و جاء سن البحث و الزواج و خارت قواي العاطفية و استوحشتني وحدتي في غربتي. استجمعت قواي العقلية لقياس صحة طريقة الزواج في مجتمعنا فما قدرت على ذلك. أدركت أن تلك السيدة الغربية لم تكن ذات فكر تآمري لافسادانا و إنما سألت سؤالاً منطقيا.
احترم أمي كثيراً و شعرت بالأسى بعد رؤيتها حزينة لأني بحت لها جهراً بأني أكره الزواج التقليدي و لا أرغب بأن تبحث لي لأني لا أفضل رؤية " النسوان " فيما يخص الرجال. فمن وجهة نظري أن النساء ينتقين الفتيات في المقام الأول لأنهن وجدن عاملا مشتركاً بينهن و بين الزوجة المرتقبة.
ازداد ابتعادي عن فكرة الزواج التقليدي بعد أن تطاولت مدة اقامتي في الغرب و اختلطت الأفكار و تقلبت الرؤى مع الثبات على أن المودة و الرحمة تقوى بالزواج المتين.
سأتزوج قريباً إذا كتب الله لي ذلك. و لكن لا أعرف من و كيف سألقاها. ربما بالطريقة التقليدية المتمدنة.
ماهي الطريقة التقليدية المتمدنة ؟
هي طريقة تجمع ما بين التقليد السائد و التمدن الحاضر. يبحث النساء عن فتاة لابنهن و تبدأ المفاوضات. يصل الطرفان إلى اتفاق بشأن جمع الرأسين بالحلال. تتم الخطبة – الخطبة ليست ملزمة بالزواج – حيث يجب أن يسمح أهل الطرفين بأن يلتقي الشاب و الفتاة لوحدهما سواء في داخل المجالس في بيت الفتاة أو حتى في خارج البيت إذا كان الثقة فائضة لدى الأهل. . فالخطبة هي فترة تسمح بأن يتم فيها التعارف الجيد على الطرف الآخر واختبار مدى كفاءته ليكون شريكا للحياة . وهذا هو الهدف الأول من فترة الخطوبة. و هي ليست وعد بالزواج يصعب التراجع عنه . وهنا تظهر الحكمة في إخفاءها وعدم الإعلان عنها لأنها فترة اختبار قد تنجح وقد لا تنجح ولذلك يكون في إخفائها منعا للحرج من الطرفين وإعطائهم الفرصة لفسخها إن ثبت فشلها .
هذا ما أراه تفضيلاً لحالتي و قررت أن أبحث عن تلك العوائل ذات الطابع الأكاديمي العالي لتطبيق رؤيتي المتواضعة.
شكر الله لكم . .
* ربما كان المدرسون على حق. لأن بعضاً من الأمريكيين يقولون بأن لديهم مشروع فرض قيمهم و ثقافتهم على بعض شعوب الأرض. Imposing our culture and values