الموضوع: إبداع رشيد
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 22/09/2008, 02:27 AM
Abufaisal Abufaisal غير متواجد حالياً
النائب السابق لرئيس رابطة الجمهور الهلالي في الشرقية
تاريخ التسجيل: 17/12/2000
المكان: Dhahran
مشاركات: 2,285
إبداع رشيد


الكاتب/ إيهاب عبدالجبار



إبداع رشيد

كان يوم الجمعة هو اليوم المفضل لنا كطلبة من دول مختلفة، منها الآسيوية، و الأفريقية، و الأمريكية اللاتينية.. جميعهم قدموا للولايات المتحدة الأمريكية في منتصف التسعينات بهدف الدراسة. في هذا اليوم الفضيل، و بعد نهاية صلاة الجمعة و الفراغ من ما تبقى من محاضرات جامعية.. كنا نلتقي مساء على ملاعب الجامعة لقضاء يوما ترفيهيا رياضيا، نبدأه باللعبة الشعبية الأولى في العالم، كرة القدم، ثم نتجه إلى الصالة المغلقة لنستمتع بلعب كرة السلة، و بعدها نقضي بعض الوقت مع كرة الطائرة قبل أن نختم اليوم بالإسترخاء في مسبح الجامعة.

إختلاف الأهواء و المواهب كان بالطبع سببا خلف بروز مجموعة من الطلبة في لعبة عن الأخرى، فمن يكون مبدعا في كرة القدم مثلا، تجده أقل مستوى في كرة السلة لدرجة قد تجعل منه "علة" على المجموعة التي يلعب معها. حتى على مستوى نفس اللعبة، ربما تجد لاعبا في كرة الطائرة مثلا مبدعا كضارب، و لكنه لا يجيد إستقبال الكرة و هكذا. الإستثناء الوحيد كان في زميل لنا من دولة نيجيريا يدعى "رشيد" أو "الجني"، كما كنا نلقبه، بسبب تميزه الملحوظ و في كافة الألعاب التي كنا نمارسها.

نبدأ بكرة القدم، لا أحد يقف في وجه زميلنا المبدع رشيد.. يصول و يجول، يمرر بحرفنة، يتخطى الدفاع بمهارة، يحرز الأهداف بإقتدار.. و بعد أن يمنح فريقه التقدم بفارق مريح يعود للخلف مدافعا عن المرمى ليقف كالصخرة أمام المرمى. بل حتى إن تحول للحراسة يكون كالأسد في عرينه و كان من الصعب على أحد من الزملاء أن ينجح في التسجيل في مرماه. المهاجم يجد نفسه على بعد سنتيمترات من المرمي و يسدد "بالبوز أحيانا"، فيطير رشيد لإبعاد الكرة عن المرمى، و هذا ما كان يدفع البعض للشعور بالإنتصار إن توفق في التسجيل على رشيد بغض النظر عن النتيجة النهائية. في كرة السلة، كان رشيد أيضا بارعا في إحراز السكورات، و صد الهجمات، و صناعة اللعب.. كما هو في الطائرة في الإرسال، و الإستقبال، و الإعداد، و الضرب. أما في السباحة، فكان يتحدى البعض و يدخل معهم في سباق على جميع أنواع السباحة، الصدر، أو الظهر، أو الفراشة، أو الحره، لا يهم فالنهاية واحده.. يصل رشيد للنهاية و من بعده بمراحل يأتي البقية، فيما يقف البعض الآخر متفرجا فقط في المناطق التي لا يتعدى الإرتفاع فيها مستوى الصدر.

دفعني الفضول للتقرب من رشيد منتظرا إنتهاز الوقت المناسب للحديث معه، و الإستفسار عن سر تفوقه الدائم في كافة الألعاب الرياضية. يقول رشيد: "الرياضة في مدارسنا كالصناعة، تبدأ من السنة الأولى، فيتم إعداد الطالب رياضيا، يمارس كل لعبة و يتدرب على جميع الخانات، فلا ينتقل من مركز لآخر قبل أن يبدع فيه.. و بالتالي لا ينتقل من لعبة لأخرى قبل أن يجيدها حد الإتقان. في النهاية، الموهبة هي الفاصل في تحديد اللعبة المثالية الأصلح لتفجير طاقته و الإستفادة من موهبته". أنتهى كلام رشيد و بدأت معها حيرتي المغلفة بالإعجاب و التقدير لمثل هذا التخطيط الجميل. ترى ما الذي يدفع دولة مثل نيجيريا أن ترعى أبناءها منذ الصغر و تحرص على تنمية قدراتهم و تطوير مواهبهم؟ و هل توجد علاقة بين ذلك الحرص على إعداد أولئك الفتية الصغار و بين النتائج الإيجابية للمنتخب النيجيري في كرة القدم، سواء كان ذلك في كأس العالم، أو في الأولمبياد الذي حصدت من خلاله ذهبية أتلانتا 2004 و فضية بكين 2008؟ الأهم من كل ذلك، ألا يؤمن النيجيريون ببركة الفوز بدعاء الوالدين و نصائح "شدوا حيلكم يا شباب"؟

http://www.shaward.com//index.php?op...=289&Itemid=70

اخر تعديل كان بواسطة » Abufaisal في يوم » 23/09/2008 عند الساعة » 03:26 PM
اضافة رد مع اقتباس