مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 18/09/2008, 09:51 PM
alhawey alhawey غير متواجد حالياً
ناقد اجتماعي
تاريخ التسجيل: 05/12/2001
المكان: نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية
مشاركات: 2,053
هل أصبح الرقي في الحوار حجة ً للصغار؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،



صبحكم/مساكم الله بالخير.



يتردد على أسماعنا بين الفينة والأخرى عبارات جملية في شكلها، هادفة في مضمونها ومتناغمة في صياغتها، وبالرغم من جميل أوصافها إلا أنها قد تبدو بصورة مشوهة وقبيحة حين يتلاعب بها مخادع، أو يرددها مجادل، أو تخرج من فم جاهل ..


"دعونا نرتقي بحوارنا"

أتصور أن هذه العبارة هي إحدى الجميلات اللاتي تشوهن بألسنة وأقلام ثلة من الجهلة إجمالاً..

فحين يخرج لنا شاب مسلم انتهى للتو من قراءة روايتين إحداهما لعربي ملحد والأخرى لغربي مسيحي، ولم يقرأ سواهما، ثم يصرخ بأعلى صوته بأن إبليس غير موجود ولا يوجد دليل صريح على وجوده وإغواءه للبشر، ولا يتحرج من أن يطلب منك الرقي في الحوار حين تستشهد وتقرأ عليه آية قرآنية كريمة تدحض معتقده، فإن هذا هو الجهل بعينه وإن ذلك هو القبح الذي أعنيه..

وحين يخرج لنا آخر، وعلى خلفية أنه رجل مطلع وله عقل واع ومدرك، كيف لا وهو قد قرأ روايتين بمئات من الصفحات وأتبعهما بكتاب تاريخي، ويقول بأنه لا صحة على وجوب إعفاء اللحى ولا دليل على حرمة الإسبال، ويطلب منك الرقي في الحوار حين تستشهد بحديث نبوي صحيح ، فإن هذا هو الجهل والجدل الذي جعل من الرقي قبحاً نذمه ونستنكره..

وعندما تشوّه مبادئ الإسلام السمحة من قبل مثقفين ومطلعين ومتفتحين لم يأخذوا من حاضر الغرب سوى عدائهم للإسلام ومحاربتهم لمبادئه، ويفخرون بعلمانيتهم جهاراً نهارا، ويسوّقون لمبادئ العلمنة والماسونية، ويدّعون بذلك حبهم لأوطانهم ولصالح مجتمعاتهم ولأجل تقدمها وتحضرها، ويصدحون في المجالس والصحف والملتقيات والمنتديات بعبارات تهتم بالرقي بالحوار والبعد عن التطرف، فإن هذا هو الخداع والمكر الذي يجعلنا نحمد الله على أن جنبنا رقياً كرقيّهم ومكراً كمكرهم..

ولك أن تلحظ عزيزي القارئ أن كثيراً ممن يرددون عبارات الارتقاء بالحوار والعقلانية في النقاش ليسوا إلا أصحاب عقول فارغة أو مملوءة بفكر غير سوي، فلا يملكون الحجة لما يدّعون الإيمان به ، وتنقصهم الأمانة عند ذكر مراجعهم، ويعتمدون الكذب والخداع لإظهار جمال ورقي أهدافهم وتصوراتهم..

لو أن أحدهم كان صادقاَ مع نفسه ومعترفاً بضعفه وسيطرة أهواءه عليه، لما احتاج لعبارات مبرِّرة يُظهر فيها طلباً للرقي والتحضر والعقلانية في الحوار والنقاش، ويخفي في باطنه حقيقة بطلان دعواه وضعف حجته، ولقال إني عبد مسلم مقصر وأسأل الله أن يغفر لي ويمن علي بعفوه وهدايته..

أعيد ما أؤمن به بأن هناك فرق شاسع من حيث الصدق والإخلاص بين من يقع في الخطأ ويعترف به ويسعى لتجنب الوقوع فيه، وبين من يقع في الخطأ ويصر على صحته وتبريره..

هناك فرق شاسع بين من يستغفر الله العظيم ويتوب إليه عن ذنب اقترفه وبين من يذنب ويكابر ويتبنى أفكار الضلال أو يبحث هنا وهناك عن قول شاذ أو شبهة غامضة ليحلل لنفسه ما حرمه الله جل وعلا عليه أو يحرم ما أحله..

وتكون المصيبة أكبر والقبح أعظم حين تجد جاهلاً أو متجاهلاً لا يكتفي بذنوبه وإباحتها لنفسه، بل يتجاوز ذلك إلى الدعوة إليها بتحسين صورتها وإظهار لذتها وإبرازها كمظهر من مظاهر التقدم والتغير والتخلص من الرجعيات والتخلف..

سبحان الله العظيم!، كيف يجرأ على ذلك مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، يقرأ قول الله تعالى (( اقتربت الساعة وانشق القمر))، ألا تكفينا أوزارنا؟! كيف سنتحمل أوزار غيرنا؟! كيف نجعل من أنفسنا دعاةَ لتحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحله؟!

يجب أن نعترف بذنوبنا وتقصيرنا وأن لا نجعل من ضعف أنفسنا وإيماننا وغلبة أهوائنا سبباً في تهاوننا وتجاوزنا لأحكام الله سبحانه وتعالى، فالدنيا دار ممر وسنحاسب ممن لا يظلم مثقال ذرة..


نفرح جميعاً حين نرى شبابنا وفتياتنا يتوجهون نحو القراءة والاستزادة من شتى المجالات، ونسعد حين تكون المكتبات مكتظة بطالبي المعرفة، لكن أتصور أنه من الأولى أن يحصن الإنسان نفسه ويتزود من علوم دينه ويتيقن من إيمانه قبل أن يتفرغ لقراءة أي كتب متنوعة أخرى وبالذات تلك الكتب التي يتفنن كتابها في تشويه مبادئ الإسلام والتقليل من سماحته سواء كان ذلك بالتصريح أو التلميح..


أخيراً لست داعياً إلى تقديس شخص العلماء والدعاة أو تقديس أقوالهم وآرائهم ولكن أتسائل وبشكل عابر، أليس الذين حفظوا القرآن الكريم، وجمعوا صحيح الأحاديث النبوية وتدارسوها، وتعلموا العقيدة والفقه في الدين، وشهد لهم الناس بالهدى والتقى، أليسوا هم أهل الثقة لدينا وهم من نستمع إليهم ونستزيد منهم في أمور ديننا؟..



شكراً لكم.

في أمان الكريم،،،


اخر تعديل كان بواسطة » alhawey في يوم » 19/09/2008 عند الساعة » 03:48 AM السبب: تقديراً واحتراماً وتوافقاً مع رأي أخي بيرت بلس في عنوان الموضوع.
اضافة رد مع اقتباس