مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 30/08/2008, 10:10 PM
سامي صعب يتكرر سامي صعب يتكرر غير متواجد حالياً
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة المعارج (2)

‏{‏إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ‏}‏
أي‏:‏ هو العذاب الذي يخشى ويحذر‏.‏

‏{‏وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ‏}
‏ فلا يطأون بها وطأ محرما، من زنى أو لواط، أو وطء في دبر، أو حيض، ونحو ذلك، ويحفظونها أيضا من النظر إليها ومسها، ممن لا يجوز له ذلك، ويتركون أيضا وسائل المحرمات الداعية لفعل الفاحشة‏.‏

‏{‏إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم‏}
‏ أي‏:‏ سرياتهم

‏{‏فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ‏}
‏ في وطئهن في المحل الذي هو محل الحرث‏.‏

‏{‏فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ‏}‏
أي‏:‏ غير الزوجة وملك اليمين،

‏{‏فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ‏}
‏ أي‏:‏ المتجاوزون ما أحل الله إلى ما حرم الله، ودلت هذه الآية على تحريم ‏[‏نكاح‏]‏ المتعة، لكونها غير زوجة مقصودة، ولا ملك يمين‏.‏

‏{‏وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ‏}
‏ أي‏:‏ مراعون لها، حافظون مجتهدون على أدائها والوفاء بها، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربه، كالتكاليف السرية، التي لا يطلع عليها إلا الله، والأمانات التي بين العبد وبين الخلق، في الأموال والأسرار، وكذلك العهد، شامل للعهد الذي عاهد عليه الله، والعهد الذي عاهد عليه الخلق، فإن العهد يسأل عنه العبد، هل قام به ووفاه، أم رفضه وخانه فلم يقم به‏؟‏‏.‏

‏{‏وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ‏}‏
أي‏:‏ لا يشهدون إلا بما يعلمونه، من غير زيادة ولا نقص ولا كتمان، ولا يحابي فيها قريبا ولا صديقا ونحوه، ويكون القصد بها وجه الله‏.‏
قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ‏}‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ‏}‏‏.‏

‏{‏وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ‏}
‏ بمداومتها على أكمل وجوهها‏.‏

‏{‏أُولَئِكَ‏}‏ أي‏:‏ الموصوفون بتلك الصفات

‏{‏فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ‏}
‏ أي‏:‏ قد أوصل الله لهم من الكرامة والنعيم المقيم ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون‏.‏
وحاصل هذا، أن الله وصف أهل السعادة والخير بهذه الأوصاف الكاملة، والأخلاق الفاضلة، من العبادات البدنية، كالصلاة، والمداومة عليها، والأعمال القلبية، كخشية الله الداعية لكل خير، والعبادات المالية، والعقائد النافعة، والأخلاق الفاضلة، ومعاملة الله، ومعاملة خلقه، أحسن معاملة من إنصافهم، وحفظ عهودهم وأسرارهم ، والعفة التامة بحفظ الفروج عما يكره الله تعالى‏.‏

‏[‏36 ـ 39‏]‏‏{‏فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ * عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ * أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ * كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ‏}‏
يقول تعالى، مبينا اغترار الكافرين‏:‏

‏{‏فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ‏}‏
أي‏:‏ مسرعين‏.‏

‏{‏عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ‏}
‏ أي‏:‏ قطعا متفرقة وجماعات متوزعة ، كل منهم بما لديه فرح‏.‏

‏{‏أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ‏}‏
بأي‏:‏ سبب أطمعهم، وهم لم يقدموا سوى الكفر، والجحود برب العالمين، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏كلَّا‏}‏ ‏[‏أي‏:‏‏]‏ ليس الأمر بأمانيهم ولا إدراك ما يشتهون بقوتهم‏.‏

‏{‏إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ‏}‏
أي‏:‏ من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، فهم ضعفاء، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا‏.‏

‏[‏40 ـ 44‏]‏ ‏{‏فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ * يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ‏}‏
هذا إقسام منه تعالى بالمشارق والمغارب، للشمس والقمر والكواكب، لما فيها من الآيات الباهرات على البعث، وقدرته على تبديل أمثالهم، وهم بأعيانهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَنُنْشِئَكُمْ فِيمَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏.‏

‏{‏وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ‏}‏
أي‏:‏ ما أحد يسبقنا ويفوتنا ويعجزنا إذا أردنا أن نعيده‏.‏ فإذا تقرر البعث والجزاء، واستمروا على تكذيبهم، وعدم انقيادهم لآيات الله‏.‏

‏{‏فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا‏}
‏ أي‏:‏ يخوضوا بالأقوال الباطلة، والعقائد الفاسدة، ويلعبوا بدينهم، ويأكلوا ويشربوا، ويتمتعوا

‏{‏حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ‏}
‏ فإن الله قد أعد لهم فيه من النكال والوبال ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم‏.‏
ثم ذكر حال الخلق حين يلاقون يومهم الذي يوعدون، فقال‏:‏

‏{‏يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ‏}‏
أي‏:‏ القبور،

‏{‏سِرَاعًا‏}
‏ مجيبين لدعوة الداعي، مهطعين إليها

‏{‏كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ‏}‏
أي‏:‏ ‏[‏كأنهم إلى علم‏]‏ يؤمون ويسرعون أي‏:‏ فلا يتمكنون من الاستعصاء للداعي، والالتواء لنداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين للقيام بين يدي رب العالمين‏.‏

‏{‏خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ‏}
‏ وذلك أن الذلة والقلق قد ملك قلوبهم، واستولى على أفئدتهم، فخشعت منهم الأبصار، وسكنت منهم الحركات، وانقطعت الأصوات‏.‏
فهذه الحال والمآل، هو يومهم

‏{‏الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ‏}‏
ولا بد من الوفاء بوعد الله

‏[‏تمت والحمد لله‏]‏‏.‏

تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


استغفر الله استغفر الله استغفر الله
اضافة رد مع اقتباس