الموضوع: أثر الإخلاص
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 25/08/2008, 10:08 AM
أبو زارع المدني أبو زارع المدني غير متواجد حالياً
زعيــم جديــد
تاريخ التسجيل: 18/08/2008
المكان: جدة
مشاركات: 44
Thumbs up أثر الإخلاص

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

أثر الإخلاص
إن مما رفع علماءنا وسلفنا الصالح إخلاصهم وصدقهم مع الله, وكل شيء ينتهي إلا الصدق, فإنه ثابت مع صاحبه, مؤنس له في قبره.


قصة عبد الغني المقدسي


روى صاحب طبقات الحنابلة : أن عبد الغني المقدسي المحدث الشهير النحرير, كان مسجوناً في بـبيت المقدس في فلسطين , فقام من الليل صادقاً مع الله مخلصاً, فأخذ يصلي, ومعه في السجن قوم من اليهود والنصارى, فأخذ يبكي حتى الصباح, فلما أصبح الصباح, ورأى أولئك النفر هذا الصادق العابد المخلص, ذهبوا إلى السجان, وقالوا: أطلقنا فإنا قد أسلمنا, ودخلنا في دين هذا الرجل, قال: ولِمَ؟ أدعاكم للإسلام؟ قالوا: ما دعانا للإسلام, ولكن بتنا معه في ليلة ذكرنا بيوم القيامة..! كانت دَعْوَتُهم بإخلاصهم وبعبادتهم وبنسكهم.



رؤية أيوب السختياني تذكرِّ بالله


قال أهل العلم في ترجمة أيوب بن أبي تميمة السختياني : كان إذا خرج إلى السوق ورأى الناس وجهه, قالوا: لا إله إلا الله. لأنهم يُذكرون برؤيتهم الحي القيوم, ما كان يتحدث ولا يدعو, وإنما كان يخرج على الناس, فإذا رآه الناس قالوا: لا إله إلا الله, وكان يحفظ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عباده بالصدق والإخلاص.



إخلاص الإمام أحمد وصدقه



وما حفظ الإمام أحمد في المحنة إلا بالصدق والإخلاص، وهو القائل:
الإخلاص سيف إذا وضع على جرح برئ بإذن الله؛ لأنه دواء وعلاج.
دخل الإمام أحمد السجن، وعلم الله أنه صادق، ومكث في السجن ثمانية وعشرين شهراً, صائماً نهاره, قائماً ليله, صادقاً مع مولاه, ما أكل للسلطان لقمة, ولا شرب للمعتصم شربة, وإنما بقي صادقاً مع لا إله إلا الله, فجعل الله الرفعة لأهل لا إله إلا الله, وجعل الخزي لأهل البدع الذين حاربوا لا إله إلا الله.
أتي به فعرض على السيف خمس مرات, فأبى أن يلين, وأبى أن يهادن, وأبى أن يستسلم لأنه صادق, والصادق لم يكن له أن يستسلم, يقولون: أَلِن في الكلام.. اقرب في الخطاب..! فيأبى ويصبح بقوة الله أسداً هصوراً.
ولما حضرته الوفاة قال: اللهم سامح من شتمني, اللهم سامح من سجنني وضربني إلا صاحب البدعة -يعني ابن أبي دؤاد - فعذبه واحبسه في جسده, فكان جزاء الصدق مع الله أن ينكل الله بعدو هذا الصادق, فيحبس أحمد بن أبي دؤاد في جسده، ويصاب بمرض الفالج, نصفه يابس ميت, والنصف الآخر حي, قال له زواره وعواده: كيف تجدك؟ قال: دعوة أحمد بن حنبل وصلتني في هذه الحياة الدنيا, قالوا: وكيف؟ قال: دعا عليّ أن أحبس في جسمي, فأما نصفه فقد مات منذ زمن, والله ما أحس به ولو قطع بالمناشير, وأما نصفي الآخر فوالله لو وقع ذباب لآلمني ألماً أشد من ألم القتل. أو كما قال. ودعا الإمام أحمد على عدوه الآخر ابن زيات فنكل الله به, وقطعت يده وحبس, لأن الصادق لا بد أن يخرجه الله, ولا بد أن ينجيه الله عز وجل.



أصبع محمد بن واسع خير من ألف سيف



وهذا محمد بن واسع الأزدي ، العابد الذي يقول له تلاميذه: لماذا لا تتكئ؟ فقال: أنا خائف والخائف لا يتكئ, إنما يتكئ من أمن عذاب الله! قالوا: فمتى تأمن؟ قال: لا آمن حتى أدخل الجنة.
حضر فتح كابول ، التي فقدت من أيدينا يوم أن نقص صدقنا وإخلاصنا مع الله, التي ذهبت من أيدينا يوم لم نرفع لا إله إلا الله كما ينبغي.. كابول التي فتحها العباد الزهاد, والتي وقف على شرفاتها وعلى روابيها محمد بن واسع مع جيش قتيبة بن مسلم .
وكان في برنامج محمد بن واسع أن يصوم كل يوم, وأن يصلي لله ما يقارب أربعين ركعة, وأن يستغفر كذا من المئات التي يفتح الله بها عليه, ثم هو في تذكر لقاء الله.. حضر المعركة مجاهداً مستبشراً بفتح الله ونصره, ولما التقى أهل الإسلام وأهل الأصنام؛ أهل لا إله إلا الله وأعداء لا إله إلا الله؛ التقى أهل الحق وأهل الباطل, قال قتيبة بن مسلم : يا معشر الناس! أين محمد بن واسع الأزدي ؟ قالوا: لا ندري. فقال: أسألكم بالله أن تبحثوا لي عنه.. -ذكر هذا ابن كثير - فذهبوا يبحثون عنه, فوجدوه قد صلَّى صلاة الضحى, ووقف على رمحه رافعاً أصبعه يقول: يا حي يا قيوم..!يا حي يا قيوم..!يا حي يا قيوم..!
فعادوا إلى قتيبة بن مسلم فأخبروه, فقال: الحمد لله أبشروا بالنصر!
والله الذي لا إله إلا هو لأصبع محمد بن واسع خير عندي من ألف سيف شهير وألف شاب طرير.
وانتصر المسلمون, وتقدم قتيبة بن مسلم يوم أن كان صادقاً مع الله, فرأى أصنام داهر , وأتباعه الكفرة في كابول , وهي بالذهب محلاة, فقالوا: خذها كنوزاً لك في بيت مال المسلمين, فقال: لا والله! لا يدخل بيت مال المسلمين كنز عُبد من دون الله ولو كان ذهباً, حرقوها بالنار فنسفوها بالنار.. ولذلك يقول إقبال :
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لصاغها حلياً وحاز الكنز والدينارا
فهؤلاء الصادقون مع الله, والمخلصون لله, نصرهم الله, وحفظهم ووقاهم لصدقهم معه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
يا واهب الآمال أنت حفظتني ورعيتني
وعدا الظلوم عليّ كي يجتاحني فمنعتني
فانقاد لي متخشعاً لما رآك نصرتني إنه حفظه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لأوليائه؛ حِفظهم كما يقول ابن رجب : من العدو الظاهر والعدو الباطن من المعاصي والمخالفات.



صلة بن أشيم والأسد


روى أهل التاريخ والسير والرقائق والتراجم بأسانيد صحيحة كالنجوم: أن صلة بن أشيم رضي الله عنه وأرضاه حضر معركة في الشمال مع جيش الإسلام, فلما أظلم الليل عليه خلا بالله عز وجل في ليلة عامرة بالذكر والمناجاة.. ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الحديث القدسي: {أنا جليس من ذكرني }.. فقام يصلي ويدعو, ويناجي ربه ومولاه حتى أظلم عليه الليل, قال أحد أصحابه: فرقيت شجرة من حيث أراه ولا يراني, وإذا بالأسد يخترق الغابة إلى صلة بن أشيم , فيقف بجانبه وهو يصلي لله الواحد الأحد, جعل بينه وبين الله صلات يوم أن تقطعت صلات الذين لا يريدون وجه الله, يوم أن تقطعت وشائجهم وأعراقهم؛ لأنهم أرادوها لغير الله.. فلما انتهى من صلاته نظر إلى الأسد وقال: يا حيدرة! -وحيدرة من أسماء الأسد- إن كنت أمرت بقتلي أو بأكلي فتقدم, وإن كنت لم تؤمر بذلك فاذهب في أرض الله, واتركني أناجي الله. قال: فزأر الأسد زئيراً كاد يخلع قلبي، ثم انطلق, واستمر صلة في صلاته، فلما أصبحنا رأيت من الفتور والكسل ما الله به عليم, ورأيت صلة وجهه كفلقة القمر ليلة أربعة عشر.



الحسن البصري يصف الصادقين

قيل للحسن البصري : ما للصادقين المخلصين وجوههم مضيئة نيرة؟ قال: خلوا بنور الله في الظلام فأكسبهم نوراً من نوره. وبالمقابل الذين لا يصدقون مع الله ولا يريدون وجهه تتساقط أعمالهم أحوج ما يكونون إليها, وتذهب سدى، قال الله تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23].


اخيرا


قال شفي الأصبحي : دخلت على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه فقال: حدثني حديثاً يا شفي سمعته من أبي هريرة . قال: فحدثنه بالنفر الثلاثة -العالم والجواد والشجاع- الذين تسعر بهم النار, لأنهم ما أرادوا وجه الله, قال: فلما انتهيت من حديثي بكى بكاءً طويلاً, ثم مرغ وجهه في التراب, وقال: صدق الله: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16] فنسأل الله ألا يحبط أعمالنا وأعمالكم, وأن يحفظها عنده.



جزء من محاضرة للشيخ عائض القرني
وهذا رابطها http://audio.islamweb.net/audio/inde...id=19285#19739

اخر تعديل كان بواسطة » أبو زارع المدني في يوم » 25/08/2008 عند الساعة » 10:23 AM
اضافة رد مع اقتباس