مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 10/08/2008, 02:24 PM
alhawey alhawey غير متواجد حالياً
ناقد اجتماعي
تاريخ التسجيل: 05/12/2001
المكان: نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية
مشاركات: 2,053
أكاذيب الصيــــــــف!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،


صبحكم / مساكم الله بالخير


يقول أهل الاختصاص بأن موسم الصيف أفضل من الشتاء فيما يتعلق بالنواحي الصحية للإنسان، ومن دون أن ندخل في تفاصيل هذه المعلومة، وليس ببعيد عنها أتذكر حين كنت طالباً في المرحلة الجامعية كان معدل التحصيل العلمي الذي أجنيه في فترة الصيف يفوق وبمراحل مثيله في فصل الشتاء، وعندما أفصحت بذلك لأحد زملائي في الجامعة قال بأن ذلك يحدث معه أيضاً ومع الكثيرين غيره وهو لا يجد غرابة في ذلك كون درجة الحرارة العالية تجعل حركة الدورة الدموية تسير بسرعة كبيرة وبالتالي يصبح مركز التفكير في العقل أكثر نشاطاً، هذه معلومة !..


أُعجبت بتلك المعلومة من دون أن أبحث عن مصدرها أومدى دقتها، لا لشيء سوى أنها راقت لي وسهل علي ربطها مع قضية التحصيل العلمي الجيد، في حين كنت قبل فترة أنصح أحد الأصدقاء المتنبلين ( التنبلة تعني الشعور بكسل شديد) بأن يجرب حمام الجاكوزي البارد كونه يجعل الحركة الدموية في جسم الإنسان تسير بسرعة كبيرة جداً وبالتالي يستعيد البدن نشاطه وعافيته، وهي معلومةٌ سبق وأن سمعتها !!..


أتصور بأن هناك تناقض بين تلك المعلومتين فالحر والبرد يؤديان نفس المفعول، ولكن ما دمت قد اتبعت هواي فكلاهما صحيح بنصه ودقيق بنتائجه، ولا أجد حرجاً في نقلها وإن تكالب علي الأخصائيون..


من هنا كان لزاماً أن لا أكتفي بمجرد تلقي معلومات كتلك وتردديها على أصحابٍ تميزهم سماحة أنفسهم وطولة بالهم، وإنما من الواجب علي أن أُخرِج من بنات أفكاري المدعومة بالتجارب والمواقف معلومةً تنص على الآتي:

" تؤدي درجة الحرارة المرتفعة في فصل الصيف إلى ذوبان مركز الصدق في عقل الإنسان، مما يساهم في كثرة الأكاذيب في هذا الفصل ".

وأنصحك عزيزي القارئ بالإيمان فوراً بصحة ودقة هذه المعلومة، وإلا فإنك سوف تعاني من كثرة الصدمات العصبية حين تكتشف بعد حين أن جل من حولك كانوا يكذبون ويتسذبون وينصبون بل يخرطون ويجحدون، ومجرد الإيمان بها سوف يجعلنا أكثر هدوءاً وروقاناً لتقبل كل كذبةٍ صيفية..


أكاذيب المسئولين في هذا الفصل لا تعد ولا تحصى وقراءة صحيفة يومية كفيل بالوقوف على أكاذيبهم اللذيذة، وأجزم بأنها ستكون لذيذة لكل من يحسن التعامل مع تصريحاتهم ويكذبها فوراً قبل أن يرى نتائجها الهلامية، على الأقل سنشعر بالسعادة حين نرى أن لنا عقولاً مدركة تنبأت بالنتائج قبل حدوثها..


أكاذيب التجار ، وهي واحدة من أكثر أكاذيب الصيف وضوحاً، فالعروض الصيفية تملئ المراكز التجارية والأسواق والمنتزهات ومكاتب السياحة ووكالات الطيران، حتى أصبحنا نجد كل مواطن حاول الاستفادة من هذه العروض يقضي ليله مردداً عباراتٍ لا تقل عن " حراميه نصابين محتالين لا أحد يراقبهم ويردعهم " ..


أكاذيب متبادلة بين أفراد الأسرة الواحدة، فأصبح من المألوف أن يقول الأب لأبنائه بأنه لا يملك المال الكافي ليأخذهم في رحلة سياحية ولو لجلاجل، بينما تجد ثوبه مخصراً من كثر الدراهم في جيوبه!، والابن يخبر والديه بأنه ذاهب إلى أبها للاستمتاع بأجوائها البهية بينما يضع جواز سفره داخل إبريق الشاي الذي سيشرب منه في الحبله ! ..


وما دمنا في الصيف فإن الخطبة والزواجات والأعراس لها نصيب جيد جداً من جملة الأكاذيب، فبدءاً من وصف الأم لابنها الداشر بأنه ولد صالح يذهب للحج مرتين في السنة، لتنخدع به فتاة مسكينة، وانتهاءً بشاب مغلوب على أمره دفع كل ما يملك لفتاة قيل عنها بأنها أطيب النساء وأكثرهن حشمة ونعومة، ليتفاجئ بمسرفةٍ عربجية نتفت دراهمه قبل نتف شعر أبطيها ! ..


تلك ليست نظرة سلبية تعم جميع أفراد المجتمع خلال هذا الفصل الحار من السنة، وإنما هو واقع ملحوظ ومشاهد، فالكذب أصبح سمة يتمتع بها الكثير منا..

نعلم أن نتائج كذب كهذا قد تتفاوت ما بين شتم لمسؤول كاذب وتاجر مخادع ، وطراقٍ على خد إبن فقّاش، وحسرةٍ على وجه أزواج مخدوعين، وصولاً إلى مريض انتقل إلى رحمة الله بفعل كذب مسؤول، ورجل مكسور خسر أمواله بغش تاجر محتال، وفتاة مطلقة في بيت أهلها بسبب كذبة بيضاء..


وإذا كنا ندرك خطورة نتائج الكذب والخداع، وقبل هذا نحن ملتزمون بشريعةٍ إسلاميةٍ تحرم الكذب وتنهى عنه، وإذا كان كلٌ منا يرفض أن يوصف بالكاذب ، إذاً لماذا لا يجد الكثير منا حرجاً حين لا يخلو يومه من الكذب؟!

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار)


ما يحز في أنفسنا هو أن نجد احترام الناس لبعضهم والصدق في تعاملاتهم أمراً ظاهراً في بلدان قد لا تعرف عن لا إله إلا الله محمد رسول الله شيئاً سوى أنها مكتوبة على علم المملكة العربية السعودية، بينما أصبح الخداع والغش سمةٌ لكثير ممن يدين بملة التوحيد..


أخيراً، أجهل حقيقة الدوافع التي تجعل من الكذب وتغييب الحقيقة أمراً محبباً ومرجحاً في كل وقت، ولكن هناك أمر هام جداً أعلمه وتعلمونه، وهو أن معظم فصول السنة عندنا "صيــــــــــف" ..



إن كان هناك من ظواهر تستحق وقوفنا عندها ، فالكذب والخداع برأيي واحد من أبرز تلك الظواهر عطفاً على انتشاره وسوء نتائجه.


الله يصلح حالنا ويرحمنا برحمته.


في أمان الكريم،،،







اضافة رد مع اقتباس