مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #4  
قديم 04/08/2008, 09:58 PM
الحربي2004 الحربي2004 غير متواجد حالياً
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 12/10/2003
المكان: في الارض
مشاركات: 1,246
هذة جزء من الرسالة الاصلية كتبتها الفتاة المنكوبة قبل سنين والحكم لك


إقتباس

مرت على تلك الحادثة اعوام طوال و في ذات يوم جاءني منها مع البريد هذه الرسالة ، و مد يده تحت وسادته و أخرج كتابا ً باليا ً مصفراً فيه ما يأتي :



" لو كان بي أن أكتب إليك لاجدد عهدا ً دارسا ً ، أو ودّاً قديما ً ، ما كتبت سطرا ً ، و لا خططت حرفا ً ، لاني أعتقد ان عهدا ً مثل عهدك الغادر ، و ودّا ً مثل ودك الكاذب ، يستحق أن أحفل به فأذكره ، أو آسف عليه فأطلب تجديده ...



أنك عرفت حين تركتني أن بين جنبي نارا ً تضطرم ، وجنينا ً يضطرب ، تلك للأسف على الماضي ، و ذاك للخوف على المستقبل ، فلم تبال ِ بذلك و فررت مني حتى لا تحمل نفسك مؤونة النظر الى شقاء انت صاحبه ، و لا تكفل يدك مسح دموع أنت مرسلها ، فهل تستطيع بعد ذلك أن أتصور أنك رجل شريف ؟؟ .. لا بل لا أستطيع أن اتصور أنك أنسان ، لانك ما تركت خلة من الخلال المتفرقة في نفوس العجماوت و أوابد الوحوش الا جمعتها قي نفسك و ظهرت بها جميعها في مظهر واحد ...


كذبت علي ّ في دعواك أنك تحبني .. و ما كنت ان تحب إلا نفسك ، و كل ما في الأمر أنك رأيتني سبيلا في أرضائها ، فمررت بي في طريقك اليها ، و لو لا ذلك ما طرقت لي بابا ً ، و لا رأيت لي وجهاً ..


خنتني اذ عاهدتني على الزواج فاخلفت وعدك و ذهبت بنفسك أن تتزوج أمرأة مجرمة ساقطة .. و ما هذه الجريمة و لا تلك السقطة الا من صنعة يدك ، و جريرة نفسك ، و لولاك ما كنت مجرمة و لا ساقطة ، فقد دافعتك جهدي حتى عييت بأمرك فسقطت بين يديك سقوط الطفل الصغير ، بين يدي الجبار الكبير ..


رسقت عفتي .. فأصبحت ذليلة النفس حزينة القلب ، استثقل الحياة و استبطئ الأجل ، و اي لذة في عيش لامرأة لا تسطيع ان تكون زوجة ً لرجل و لا اما ً لولد !! بل لا تستطيع أن تعيش في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية الا و هي خافضة رأسها ظن مسبلة جفنها ، واضعة خدها على كفها ترتعد اوصالها و تذوب احشاءها ، خوفا ً من عبث العابثين و تهكم المتهكمين ..


سلبتني راحتي ، لاني اصبحت مضطرة بعد تلك الحادثة الى الفرار من ذلك القصر الذي كنت متمتعة فيه بعشرة ابي و امي ، تاركة ورائي تلك النعمة الواسعة و ذاك العيش الرغيد الى منزل حقير في حي مهجور لا يعرفه أحد ، و لا يطرق بابه طارق ، لاقضي فيه الصبابة الباقية لي من عمري ..


قتلت أمي و أبي ، فقد علمت انهما ماتا ، و ما احسب موتهما الا حزنا لفقدي و يأسا ً من لقائي ..


قتلتني لان ذلك العيش المر الذي شربته من كأسك ، و الهم الطويل الذي عالجته بسببك قد بلغا مبلغهما من جسمي و نفسي ، فأصبحت في فراش الموت كالذبابة المحترقة تتلاشلا تفسا ً أثر تفس ... و أحسب الله قد صنع لي ، و استجاب دعائي ، و اراد ان ينقلني من دار الموت و الشقاء الى دار الحياة و الهناء ..



فأنت كاذب مخادع و لص قاتل و لا أحسب الله تاركك دون ان يأخذ لي بحقي منك ...


ما كتبت اليك هذا الكتاب لاجدد بك عهدا ً ، او أخطب أليك ودا ً ، فأنت اهون على ً من ذلك ، على انني على باب القبر و في موقف الوداع مع الحياة باجمعها شرها و خيرها .. سعادتها و شقائها .. فلا امل لي في ود و لا متسع لعهد ، و انما كتبت اليك لان لك عندي وديعة و هي فتاتك ، فان كان الذي اذهب الرحمة من قلبك ابقى لك منها رحمة الابوة ، فاقبل اليها و خذها اليك حتى لا يدركها من الشقاء ما ادرك امها من قبل ..


فما اتمتت قراءة الكتاب حتى نظرت اليه فرأيت مدامعه تنحدر على خديه فسألته و ماذا تم له بعد ذلك ؟ قال اني ما قرات هذا الكتاب حتى احسست برعدة تتمشى في جميع اعضائي ، و خيل الي ان صدري يحاول ان ينشق عن قلبي حزنا و جزعا ، فاسرعت الى منزلها و هو هذا المنزل الذي تراني فيه الان ، فرأيتها في هذه الغرفة و على هذا الفراش جثة هامدة لا حراك فيها و رايت فتاتي الى جانبها تبكي بكاءا مرا ، فصعقت لهول ما رأيت ، و تمثلت لي جرائمي في غشيتي كانما هي وحوش ضارية و اساود ملتفة هذا ينشب اظافره و ذاك يحد انيابه ، فما افقت حتى عاهدت الله الا ابرح هذه الغرفة التي سميتها غرفة الاحزان .. حتى اعيش فيها عيشها .. و اموت موتها ...


و ها أنا اليوم اموت راضيا ً مسرورا ، فقد حدثني قلبي بأن الله قد غفر لي سيئاتي بما قاسيت من العناء ، و كابدت من الشقاء ...




اضافة رد مع اقتباس