الكاتب الساخر الإيرلندي جورج برناردشو قرأت له مسرحيته الشهيرة Arms And The Man (الرجل والسلاح) وهي من أعظم المسرحيات تجمع بين طياتها التناقضات البشرية وحب الإنسان للإقتتال وفي نفس الوقت تتناول الحب الرومانسي والحب الواقعي في قالب مسرحي ممتع . هذا الكاتب نشأ في أسرة مسيحية بروتستانتية ، وكان المثل الأعلى للشخصية الدينية عنده هو محمد صلي الله عليه وسلم ، وهو يرى أن النبي لم يدع سلطة دينية سخرها في مأرب ديني ولم يحاول أن يسيطر على قول المؤمنين ، ولا أن يحول بين المؤمن وربه ، ولم يفرض على المسلمين أن يتخذوه وسيلة لله تعالى . وقد قرأ برناردشو القرآن واطلع على الكثير من أقوال النبي صلي الله عليه وسلم ، وكان معجباً بحياة الجهاد للمسلمين ، وقبل عام 1910م حاول أن يكتب مسرحية عن "محمد" لكن الرقابة الانجليزية رفضت .
ويري شو أن حكم محمد للعالم الحديث يجعله ينجح في حل مشكلاته ويحقق السعادة والسلام للبشرية ، كان يعتقد أن الاسلام دين الديمقراطية وحرية الفكر ، وهو دين العقلاء ، وذكر برناردشو أن محمد ليس مخاصما للمسيحية كما يدعي المسيحيين ، وذكر أيضا أنه لم يسجل التاريخ أن رجلا واحدا سوى محمد كان صاحب رسالة وباني أمة ، ومؤسس دولة ، هذه الثلاثة التي قام بها محمد كانت وحدة متلاحمة ، وكان الدين هو القوة التي توحدها على مدي التاريخ . الغريب في الأمر هذه الأقوال لا تصدر من رجل معجب فقط بالاسلام وبشخصية النبي صلي الله عليه وسلم ، بل ذهبت بعض الروايات أن برناردشو قبل وفاته قد أسلم ولكن السلطات البريطانية أخفت الأمر. إن حديثه عن سيدنا محمد يتسم بالإحترام ، يقول الكاتب (إن أعتقد أن رجلا كمحمد في صدق ما ادعاه ودعا إليه لو تسنى له أن يتسلم زمام الحكم المطلق في العالم بأجمعه اليوم لتم النجاح في حكمه ، ولقاده الى النجاح والظفر ، ولحقق له السلام والسعادة المنشودة) ، كان برناردشو يكره أمريكا ويعتبرها سبب كل البلايا التي تحدث للعالم ، قال الفيلسوف الساخر وهو يخاطب أحد الأمريكان منتقداً تمثال الحرية وساخراً من ظلم الأمريكان : إني أرى أنكم تقيمون تماثيل لموتاكم العظام ! وأيضا سخر من جائزة نوبل ، وقال : إني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت ولكنني لا أغفر له أنه أقام هذه الجائزة (وعندما منح جائزة نوبل للأدب رفض أن يتسلمها وسخر منها وقال : إن جائزة نوبل تشبه طوق النجاة الذي يرمى للرجل بعد أن يكون عبر إلى الشط الآخر )


صلاح الهلالي