مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #15  
قديم 06/05/2008, 10:04 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الهنوووف
الهنوووف الهنوووف غير متواجد حالياً
عضو استشاري للمجلس العام
وعضو تحرير مجلة الزعيم
تاريخ التسجيل: 18/01/2005
المكان: زاوية ارى الناس ولايروني
مشاركات: 11,542

بعض من مقاالات الكاتب
نقلتها من تجميع الاخ العزيز



وطن أم جبَّانة؟
يا للسعادة! فقد أفلح نضال ذوي الياقات المنشية والكرافاتات الحريرية، في إرغام المندوب السامي الأمريكي بول بريمر على الرحيل عن بغداد قبل يومين من التاريخ المتفق عليه، طبعا المقصود من هذا الفيلم الهندي هو إجهاض "الاحتفال" الذي كانت الجماعات المسلحة تعده لاستقبال يوم الثلاثين من يونيو، الذي كان محددا لتسليم السلطة للوكلاء العراقيين، وبالتأكيد فإن تلك الجماعات كانت تعد لمهرجان ألعاب نارية يروح ضحيته المئات في ذلك اليوم، ولكن "ما فات شيء"، والجايات أكثر من الرايحات، وحرية التعبير بالتفجير مكفولة على الآخر، والحكومة "العراقية" لن تقصر من جانبها وستستفيد من تراث الحجاج بن يوسف وصدام حسين في مواجهة خصومها المسلحين، وطبعا الأمريكان لن يقصِّروا مع "العلاويين"، وسيساعدونهم "كتّامي"، يعني بشكل غير معلن، وربما ارتدى بعضهم الغترة والعقال لمواصلة معركة "تحديث وتحرير العراق"،.. المشكلة الحقيقية في ما يتعلق بالوضع الجديد في العراق تتعلق بالإعلام: هل حكومة إياد علاوي حكومة عراقية؟ إذا قلت لا، فإنك تتجاهل قرارا دوليا يعترف بها كحكومة، وستصبح من أعداء العلاوية (على وزن أعداء السامية)! إسرائيل نشأت بموجب قرار دولي وعدم الاعتراف بذلك القرار يجعلك من أعداء السامية وقد يؤدي إلى جرجرتك في المحاكم!! وإذا قلت نعم إنها حكومة عراقية فعليك أن تجيب على السؤال: عراقية إزاي وكيف؟ من الذي شكلها ومنحها السلطات؟.. وهل الأراجوز هو البطل، أم الشخص الذي يقوم بتحريك الأراجوز والتحكم في حركاته وسكناته؟ ولكن من حقك إذا كنت ممن يعتبرون حكومة علاوي "عراقية" أن تتساءل ردا على التساؤلات أعلاه: وهل علاوي وجماعته هم فرقة الأراجوز الوحيدة في العالم العربي؟ كم عدد الحكومات العربية التي تحتفظ ب"العصمة" في يدها، وترفض بقوة الأمر الواقع والممارسة الدخول في "بيت الطاعة"؟.. المهم أن العراق سيصبح "جبَّانة هايصة" بمعنى الكلمة، والجبانة هي المقابر والهيصة هي اختلاط الحابل بالنابل،.. سيكون هناك موت بالجملة والقطعة، وفي العراق جماعات مسلحة كثيرة مجهولة الهوية والأجندة، وبعضها غايته الوحيدة تسبيب أكبر قدر ممكن من الوفيات والدمار والخراب، وفيه قراصنة في منتهى الأناقة والقيافة والهيافة، همهم الأساسي نهش ما تبقى في جسم البلاد من لحم، وفيه مرتزقة من كل صنف، بعضهم مستورد من "بلاد بره" البعيدة، ويبدو من حيث المظهر محترما و"خبيرا أجنبيا"، وبعضهم خليط من العناصر المحلية والمستوردة، ولكن مظهرهم أبعد ما يكون عن الأناقة، وهم غالبا ما يكونون ملثمين أو متنكرين،.. وهناك عناصر عراقية تعتقد مخلصة أنها تناضل في سبيل وطن حر، ولكل طائفة جيش ولكل جيش بطون وأفخاذ، ولكل واحدة منها عناصرها المسلحة،.. ولو تم تطبيق الديمقراطية بمنطق تلك الفئات فستنحل المشكلة بسهولة، بأن تقوم دولة طوائف "في ما كان يسمى بالعراق"، ويتمتع كل زعيم بالتهليل والهتاف الذي يريح أعصابه ويرضي غروره وطموحه!! وأنا لست شامتا في العراق لأن وطني ظل يشهد بعض ما يشهده العراق لعقود طويلة، ومرشح للتفتت والفركشة بسبب غرور وطموحات
ملوك الطوائف



الزي أداة لمنع استهبال المرضى
يوم أمس الأربعاء بدأ المجلس الطبي في بريطانيا في مناقشة قضية قد تبدو للبعض ثانوية، في حين أنها في تقديري على قدر كبير من الأهمية، ولا شك أن للأطباء مكانة خاصة في قلوب كل الناس، وهناك من يحب الأطباء وهناك من يكرههم، ولكن الجميع يعرفون أنهم لا يستطيعون الاستغناء عن الأطباء،.. تستطيع أن تعيش عمرا طويلا دون التعامل مع مهندس أو نجار أو بحار أو محاسب أو مدرس أو حتى حلاق، ولكن ابن آدم المعاصر صار يتعامل مع الطبيب قبل أن يكمل ساعة من العمر، أو شهرا على أبعد تقدير!! المجلس الطبي البريطاني يناقش توفير أزياء جديدة للأطباء تشبه الأزياء العسكرية في كونها تعكس "رُتبة" الطبيب، أي ما إذا كان ممارسا عاما أو أخصائيا أو استشاريا، بل وتحدد رتبة الطبيب الاستشاري بين بقية الاستشاريين، بمعنى أن الاستشاري محمد قد يحمل على كتفيه شريطا حريريا واحدا بينما زميله الاستشاري حسنين يحمل شريطين، والأهم من كل ذلك أن الاقتراح يلزم كل طبيب بأن يرتدي شارة تحمل اسمه وتخصصه، لأن المريض كثيرا ما يتلقى علاجا لدى طبيب معين، وقد تسوء حالته فيعجز عن تحديد اسم الطبيب الذي عالجه ليواصل معه العلاج، أو "يشتمه" في الصحف!!!!... وفي عاصمة خليجية عشت فيها لعدة سنوات، وكان لي وقتها من العيال واحد فقط، لم أكن أعرف موقع المستشفيات الحكومية، بل كنا ثلاثتنا نتلقى العلاج في العيادات الخاصة، وذات مرة طلبت عرض زوجتي على أخصائية باطنية وصدر، وقد كان،.. وبعدها بفترة طويلة ذهبنا إلى مركز طبي خاص لعرض ولدي على أخصائي أمراض أطفال، وقد كان،.. وكانت نفس الطبيبة التي تقمصت دور أخصائية الباطنية والصدر في ذلك المركز الطبي.. وكانت شابة.. يعني لو كانت أكبر سنا لقلنا إنها تخصصت في أكثر من مجال، كما يفعل بعض الأطباء الطموحين الذين ينوعون مهاراتهم وقدراتهم، أو يكتشفون أن المجال الذي تخصصوا فيه أولا "غير مقنع" ويختارون تخصصا جديدا.. واجهتها بكل جلافة: ما هو مجال تخصصك على وجه التحديد؟ فقالت: أطفال وباطنية وصدر وجراحة عامة، فقلت لها: أخشى أن أذهب بقطة إلى عيادة بيطرية وأجدك هناك أخصائية أمراض جلدية وتناسلية!! طبعا كانت تلك الطبيبة ممارسة عامة، والممارس العام هو عماد وركيزة الخدمات الطبية لأنه يحمل العبء الأكبر في علاج المرضى، وعليه تقع مسؤولية تحديد نوع المرض وما إذا كان يستوجب عرض المصاب به على شخص أعلى تأهيلا، ولكن بعض "البقالات" الطبية تضفي ألقابا وهمية على الأطباء العاملين بها، مستغلين أن المرضى لا يعرفون - مثلا - الفرق بين أخصائي الأمراض الباطنية، وأخصائي أمراض الجهاز الهضمي، .. في إيطاليا وحدها يوجد نحو أربعين ألف طبيب أسنان مستهبل، أي بلا مؤهلات،.. تلك إيطاليا بأجهزتها الأمنية والمافيا وصوفيا لورين، فكيف يكون الحال عندنا حيث تسير الأمور "بالبركة" (لماذا نستخدم كلمة البركة بما يوحي بأنها تعني السبهللية؟) أعتقد أن استخدام زي مميز لكل فئة وشريحة من الأطباء في مصلحة المرضى، خاصة وأن تعدد الأزياء في المستشفيات الكبيرة يجعلنا لا نستطيع أن نميز بين فني الأشعة والمختبر والطبيب والممرض المتمرس.





لماذا نتغزل بالمخدرات؟
تصلني عبر الهاتف الجوال والبريد الإلكتروني مئات النكات والحكايات الطريفة التي تتميز بالإيجاز والتكثيف، مما يعد طفرة في العقل العربي الذي ظل يمجد الكم على حساب الكيف، وهكذا حاولت المناهج المدرسية إقناعنا بأن "المعلقات" هي أفضل ما قيل من شعر في عصر ما قبل الإسلام، مع أنني قرأت مختارات من الشعر الجاهلي جمعها "المفضل الضبي"، ووجدت فيها متعة لم أجدها في أي من المعلقات .. وهكذا حاول ساستنا وقادتنا إيهامنا بأنهم فهمانون وعالمون ببواطن وظواهر الأمور، بإلقاء خطب من شاكلة المعلقات، وأغنيات أم كلثوم (على الأقل فإن أم كلثوم كانت تطيل أغنياتها تلبية لرغبات المستمعين)،.. ما علينا أعود الى موضوع النكات والطرف، وأقول إن نحو نصفها يتعلق بالمساطيل أي مستخدمي المخدرات، وكافة نكات المساطيل تصورهم على أنهم كائنات لماحة، ذات روح مرحة وبديهة حاضرة، (ثلاث فتيات أوقفن سيارة تاكسي وكان سائقها مسطولا وقلن له عبر نافذة سيارته: ممكن السوق المركزي يا عمو؟ فقال لهن: أوكي، بس لا تتأخروا)، وفي هذا تمجيد مباشر للمخدرات، فالنكات تؤكد أن تعاطي المخدرات يجعل المزاج رائقا، ويزيل الهموم، ويؤدي إلى الفرفشة، صحيح أن بعض تلك النكات توحي بأن المخدرات تذهب العقل (كالمسطول الذي عاد إلى بيته قرابة الفجر فلما فتحت له زوجته الباب انهال عليها بالسباب والشتائم: أين كنت حتى الثالثة صباحا يا قليلة الحياء)، ولكن النكات تصور انعدام العقل عند المسطول على أنه تأكيد على أن المخدرات تجعلك "تنسى"!! وهذا منطق يشبه منطق من تسأله. لماذا تمارس القمار؟، فيقول لك: نتسلى!! تتسلى بنهب نقود الآخرين؟ قد تفقد راتبك كله، وربما سيارتك وربما بيتك،.. وربما (وقد حدث كثيرا) يرغمك الرابحون على كتابة شيكات لهم بالمبالغ التي كسبوها منك ولم تكن متوفرة لديك لحظة اللعب، فتلبي رغباتهم وتكتب شيكات ورصيدك صفر أو فوق الصفر بقليل، وينتهي بك الأمر في السجن.. وتسمي هذا تسلية؟ قرأت أكثر من مرة عن مقامرين في آسيا وأوروبا اضطروا للتنازل عن زوجاتهم لمن طالبوهم بمبالغ كبيرة لم تكن لهم بها طاقة على موائد القمار!! تعطي زوجتك لآخر يتسلى بها ثم تسمي القمار "تسلية"؟ الله يسِل روحك!! وبالمناسبة فإن تعاطي المخدرات أيضا يتم تبريره بـ"التسلية"،.. فعندما تجمعك الظروف بشلة تتعاطى المخدرات، فإنك تتعرض لضغوط "لطيفة": خد لك نفس.. والله ما يصير لك شيء.. جرب.. أنا قدامك أخدت ستة أنفاس، شايف فيني شيء غريب الحين؟ وتأخذ "نفسا" واحدا، فلا يحدث لك شيء، وقد يطمئن قلبك إلى أن الحشيش لا يختلف كثيرا عن السجائر العادية، وهكذا وفي المرة الثانية قد لا تتمنع كثيرا عندما يعرضون عليك شفطة، فتشفط.. ثم تتذكر أن الشفطة الواحدة لم تغير من حالك شيئا فتأخذ شفطة ثانية.. وفي اللقاء الثالث تصل إلى الشفطة الثالثة.. وتحس بأن حالك صار "أفضل" فتقتنع بأن زيادة الجرعة ستجعلك أفضل وأفضل.. وكله تسلية.. وسيسهل إقناعك لاحقا بأن "شمة" واحدة من بودرة الكوكايين تجعلك رائد فضاء.. وتظل تتسلى متنقلا من صنف إلى آخر حتى تصبح مصدر تسلية للآخرين.






كلنا في التخريف سيم سيم
صدر في السودان قبل أكثر من سبعين سنة قانون يمنع إدخال الآلات الكاتبة إلا بموجب تصريح صادر من وزير الداخلية، وكان الغرض من ذلك القانون منع التنظيمات السرية المناهضة للاستعمار الإنجليزي من حيازة ذلك النوع من الطابعات لإصدار منشورات تدعو إلى جلاء الإنجليز من البلاد، وحسب علمي فما زال ذلك القانون ساريا رغم أن معظم مصانع الآلات الكاتبة أغلقت أبوابها بعد ظهور الكمبيوتر، والغريب في الأمر أن بمقدور أي سوداني إدخال أي نوع من الكمبيوترات إلى البلاد... وبما أن الشيء بالشيء يذكر فلا بد من الإشارة هنا إلى أن حكومة صدام حسين لم تسمح للمواطنين العراقيين بامتلاك أجهزة الفاكس إلا في يوليو من عام 2000م، وكان الفاكس وقتها قد أوشك على التقاعد بعد ظهور البريد الإلكتروني! طيب ممكن القول إن السودان والعراق من البلدان "المتخلفة"، ولكن ما قولكم في أن القانون البحري الفرنسي يمنع وجود الأرانب على متن السفن والقوارب، فقد قررت عائلة كيلن الهجرة من منطقة مانشستر الإنجليزية والاستقرار نهائيا في إقليم نورماندي بفرنسا، ووضعت العائلة أمتعتها في سفينة صغيرة ثم صعد أفراد العائلة إلى السفينة وكان الصغير لي كيلن يحمل معه أرنبين، ولكن مسؤولا في الشركة المالكة للسفينة أبلغه بأنه لا يستطيع اصطحاب الأرنبين معه! لماذا؟ لأن هناك قانونا صدر في القرن الخامس عشر يقول إن الأرانب "شؤم ونحس" وإن وجودها على السفن يسبب الكوارث! ولم يكن أمام العائلة من سبيل سوى ترك الأرنبين في مكاتب الشركة ليتم شحنهما إلى فرنسا جوا في تاريخ لاحق على متن طائرة بريطانية لا يؤمن طاقمها بأن الأرانب تجلب النحس! أذكر كيف أن أمي كانت تصرخ مفزوعة كلما رأت حذاء مقلوبا ونعله إلى أعلى، لأن أهلنا النوبيين يعتقدون أن الحذاء المقلوب فأل سيئ، وكنت أسخر أيضا من أهلي الذين يعتقدون أن نثر مخلفات الدجاج على الطريق العام يجلب البركة للدجاج فيبيض ويفرخ أكثر! وذهبت إلى بريطانيا في السبعينات وكنا في زيارة لعائلة في كيمبريدج في يوم شديد المطر وما أن فتح لنا أهل الدار الباب حتى دخلت ومظلتي لا تزال مفتوحة فوق رأسي، فإذا بصاحب الدار يطلب مني في أدب أن أخرج لأطوي المظلة ثم أدخل ثانية، وحسبت بادئ الأمر أن المسألة تتعلق بحرصه على ضمان عدم تساقط الماء الذي في المظلة على سجاد بيته ولكنه شرح لي أن المظلة المفتوحة داخل البيت تجلب سوء الحظ! وعلى مر السنين اكتشفت أن الغربيين المتحضرين، مثلنا أو أكثر منا إيمانا بالخرافات، فالفرنسيون مثلا يعتقدون أن المرأة الحامل التي تسمع نعيق البوم تلد بنتا، وبما أن البوم يعتبر طائر شؤم عند الفرنسيين فمعنى هذه الخرافة أنهم يعتبرون البنت نفسها شؤما!... ويعتقدون أيضا أنه إذا حط العصفور المسمى بالزرزور على كتفك فإن ذلك يعني أنك ستموت قريبا... وبالمقابل فإن أهلنا في شمال السودان يتفاءلون عندما تمشي العناكب فوق أجسامهم لأن ذلك بشارة بأن ملابس جديدة في الطريق إليهم، ولكنني كنت أقتل أي عنكبوت يمشي فوق جسمي فتصيح أمي: ستعيش طول عمرك مبهدل ومُقطّع!





هل نيويورك تستأهل؟
طوال ست سنوات قضاها أكبر أولادي في جامعة نيوزيلندية، كنت ألوم نفسي على أنني أرسلته إلى آخر الدنيا، وكان أكثر ما يشقيني عندما يكون مسافرا إلينا أو إلى نيوزيلندا، فيكون في حالة طيران طوال 21 ساعة تتخللها وقفة في سنغافورة أو هونج كونج أو كوالالمبور لنحو 9 ساعات، وكان لطيران الإمارات رحلة مباشرة من دبي إلى سيدني بأستراليا تستغرق 16 ساعة يكون بعدها على بعد أقل من ساعتين من نيوزيلندا، ولكنه كان أعقل من أن يظل معلقا في الهواء كل تلك المدة، وكان يفضل أن يطلع وينزل في المطارات إلى أن يصل إلى وجهته، وقد كتبت هنا قبل نحو شهر كلاما خلاصته أنني أحسست بأنني صرت في حالة لهاث دائم، وأن حياتي صارت محسوبة بالدقيقة والثانية، مما جعلني في حالة توتر دائم وأنني قررت من ثم أن أجعل إيقاع حياتي أكثر بطئاً، ولو ألبسني ذلك تهمة الكسل التي فبركها الخليجيون على بني وطني،.. وقبل أيام قليلة قامت الخطوط الجوية السنغافورية بتسيير رحلة جوية مباشرة من سنغافورة إلى نيويورك تستغرق 19 ساعة.. يعني 19 مضروبة في ستين يساوي.. صفر معانا الواحد... همممم، 1140 دقيقة، وهي مدة يتزوج خلالها نحو نصف مليون شخص ويولد نحو 867 ألف شخص ويموت مئات الآلاف، ما لزوم كل هذا؟ لماذا أعبر نصف قارة آسيا وكل القارة الإفريقية وأجزاء من أوروبا ثم أجتاز المحيط الأطلسي،.. في قعدة واحدة للوصول إلى نيويورك والبهدلة والشحططة في مطارها لنحو أربع ساعات أخرى ليتأكدوا من أن المسافرين لا يحملون صواريخ في أمعائهم؟ ثم اقرأوا ما أوردته صحيفة الشرق الأوسط عن تلك الرحلة: يفقد كل مسافر خلالها أكثر من 11 مليون خلية من جلده؟ ماذا يتبقى لي بعد أن أفقد كل تلك الخلايا في سبيل الوصول إلى نيويورك!! كان في تلك الرحلة 180 راكبا وكان مجموع "خسائرهم" مليارين من الخلايا الجلدية و180 ألف شعرة!! ما هذا التبذير؟ هل نيويورك تستأهل كل هذه التضحيات؟ تنزل في مطارها وقد فقدت أكثر من 11 مليون خلية من جلدك.. يعني تكاد تكون عاريا رغم ملابسك الأنيقة. هذا ليس كل شيء، فخلال الرحلة من سنغافورة إلى نيويورك يفرز المسافرون 500 مليلتر مكعب من الروائح المختلفة و150 لترا من سوائل العرق، و... الطامة الكبرى أنهم ينتجون 144 لترا من غازات البطن، وما أدراك ما غازات البطن!! كل تلك البلاوي تظل محبوسة داخل الطائرة بمعنى أن كل مسافر يلتقط خلايا جلود الآخرين ويستنشق الغازات والروائح آنفة الذكر، وتخيل لو أن بالطائرة خمسة فقط يعانون من سوء الهضم وواحدا مصابا بالسارس وثالثا مصابا بأنفلونزا الدجاج!.. وقد يحس المسافر بالملل ويضع سماعة على أذنيه لمتابعة برنامج تلفزيوني أو مادة صوتية مسجلة، في هذه الحالة تتضاعف كمية الفيروسات في أذنه 3500 مرة!! هل ستضحكون على أبي الجعافر مرة أخرى لأنه يعترف بأنه يخاف ركوب الطائرات حتى من المنامة إلى الدمام؟ كلنا نعرف أن في العجلة الندامة فلماذا يلهث بنو البشر لتحقيق كل شيء على عجل، حتى صار أكل وجبة كاملة لا يستغرق أكثر من ثلاث دقائق؟




ظالمون أم مظلومون؟
قبل عدة سنوات لاحظت أن زميلا لي في العمل يهمهم ويبرطم، وتبدو عليه علامات الهلع كلما دخل علينا رجل مسن يشغل وظيفة عمالية بسيطة، فاستجمعت جلافتي (والفضول والتطفل في شؤون الآخرين ليس شجاعة!) وسألته عن سر الرعب الذي يسري في أوصاله كلما دخل علينا ذلك العامل فقال: عينه حارة،... هنا استجمعت وقاحتي وسألته: وهل قست درجة حرارة عينه؟ طبعا كنت أقصد: هل لديك دليل على أن عين الرجل حارة ومؤذية؟ فقال لي إن الكثيرين في مكان العمل يعرفون الأمر ويتحصنون بالمعوذتين كلما دخل عليهم مقدما الشاي أو جالبا الأوراق والملفات، ودخلنا في جدل طويل، وكانت وجهة نظري هي أن الرجل قد يكون مظلوما، وأن شخصا ما ألحق به التهمة، كما حدث مع آخرين أبرياء،... وياما سمعت نساء قريباتي عزون إصابة أطفالهن بالحمى أو كسور إلى أن فلانة أو علانة قالت عنهم إنهم أي العيال "حلوين"! المهم أنني كنت أعرف أن ذلك العامل يحب الثرثرة، وأنه مجامل إلى درجة البكش وأنه يمدح أشياء الآخرين، وصادف أن قال إن فلاناً اشترى سيارة تشبه السيف، وكانت سيارة رياضية شكلها أقرب إلى شكل الضفدع، وبعد يومين أو ثلاثة سمعنا أن صاحب السيارة في المستشفى بعد حادث انقلبت فيه سيارته خمس مرات في شارع رئيسي،... قليلون من قالوا إن المصاب جنى على نفسه لأنه كان معروفا بقيادة السيارة بالطريقة الثعبانية بسرعات عالية، ولكن كثيرين ربطوا بين الحادث وما قاله عنها ذلك العامل،... وذات يوم "سايست" الأخير، وبعد لف ودوران أصاب شفتي بالجفاف نصحته أن يكف عن التعليق وإبداء الملاحظات حول الآخرين وملابسهم وممتلكاتهم، كي لا "يتهموك بأنك صاحب عين حارة"، فكانت المفاجأة أن الرجل أكد لي أن عينه حارة بالفعل، ونصحني أن "أعمل حسابي!!"، هنا استنتجت أن الرجل ربما روج لحكاية عينه الحارة لشيء في نفسه، فهناك أناس يعانون مما يسمى بالإنجليزية "أتينشن ديفيسيت"، وترجمتها غير الدقيقة هي "قصور في الاهتمام"، ومعناها الدقيق هو أن المصاب يفعل أشياء كثيرة، بل ربما يؤذي نفسه للفت انتباه الآخرين، بل معروف أن أمهات مصابات بذلك المرض يؤذين عيالهن ويبلغون المستشفيات عن إصابتهم بأمراض من نسج خيالهن ليصبحن موضع انتباه واهتمام الآخرين!! المهم أنني عرفت لاحقا أنه يبتز بعض زملاء العمل بأن يدخل على الواحد منهم ويطلب منه مالا أو خدمة معينة وهو "يُقلِّب" عينيه فينال ما يريد لأن الكثيرين كانوا يحرصون على شراء رضاه! ثم قرأت حكاية أم صبحي الأردنية التي نقلتها بعض صحف الأحد الماضي وأدهشني أنها سردت كيف أنها استخدمت "عينها" لتقطيع ملابس الآخرين، وكيف أن سيدة استأجرت عينها لإيذاء زوجة أخيها فقامت بالمهمة خير قيام فسقط جنين زوجة أخ تلك السيدة، وقالت أم صبحي إن زوجها يخاف منها ولا يرفض لها طلبا، خاصة بعد أن غادر البيت ذات يوم بعد أن تشاجر معها فأصيب بعلة طارئة ألزمته المستشفى،... وسألوها كيف تتعمدين إلحاق الأذى بالآخرين وهي مسلمة فقالت: الأمر ليس بيدي؟ بيد من إذن وأنت تبيعين شرورك لمن يدفع؟ ومن الواضح أن أم صبحي هذه بلطجية وتقوم بتسويق قدراتها الوهمية لترويع الناس ومن بينهم زوجها الغبي لجني مكاسب مادية بمنطق: أعطوني ما أريد أكف عنكم عينيّ!



السرير الذي أحلم به
تحدثت بالأمس عن عقار آر. يو 21 الذي يعالج آثار الإفراط في شرب الخمر، وقلت إنه وبتلك الخاصية، يعتبر خطرا على الصحة لأنه يشجع الناس على تعاطي الخمر ويقول لهم: اشربوا أنتم واتركوا الباقي عليّ! واليوم أحدثكم عن اختراع ياباني جديد ومفيد اسمه "سليب روم"، ويعني "غرفة النوم"!! رجاء لا تتعجل وتهتف بأنك سلفا تملك بدل غرفة النوم، عشرة!! لا يا حبيبي.. هذه غرفة نوم غير شكل، ورغم هذا فقد تكون أقل كلفة من غرفة نومك الحالية، وتتألف الغرفة التي اخترعتها شركة ماتسوشيتا من عناصر يفترض أنها تجعلك تنام خلال نصف ساعة، فالسرير من النوع الذي تستطيع تعديل وضعه، وتبدأ عملية التنويم وأنت في وضع الجلوس على السرير، ويبقى ظهرك ورأسك مسنودين وأمامك شاشة تلفزيونية عريضة تشاهد عليها نهراً يمر وسط غابة،.. وتنساب موسيقى ناعمة يصحبها خرير المياه وشقشقة العصافير، ويستغرق كل ذلك بضع دقائق، تخفت بعدها الإضاءة في الغرفة ومعها الموسيقى تدريجيا، وتختفي الصور من شاشة التلفزيون ولكن صوت جريان المياه يبقى مستمرا بينما يعود السرير إلى وضعه الطبيعي الذي هو وضعية النوم المعتادة،... والمرحلة التالية هي أحلى ما في الموضوع لأنها بداية "الدلع": تبدأ المرتبة في الاهتزاز الخفيف في منطقة أسفل وأعلى الظهر مما يجعل عمودك الفقري في حالة استرخاء، فلا تكون بحاجة إلى استجداء عيالك للقيام بعملية تمسيد (تدليك) لتلك المواضع فيبتزونك باشتراط أن يكون التمسيد لعشر دقائق مقابل موبايل أو سكوتر كهربائي، وشيئا فشيئا تنطفئ الأضواء تماما وتبدأ المرتبة في تفريغ الهواء إيذانا بانتهاء عملية التدليك ويتمدد جسمك أفقيا، في حالة من الاسترخاء، وتنتقل إلى عالم الأحلام،.. وأجمل ما في الموضوع أنك تصحو أيضا بطريقة رومانسية، دون حاجة إلى المنبِّه السخيف الذي يرن بطريقة مزعجة لإيقاظك فتضطر إلى إسكاته بعنف فينكسر وتضطر إلى شراء غيره،.. فعندما يطل الصباح ينبعث ضوء خافت وتظهر على شاشة التلفزيون بحيرة مياهها صافية زرقاء تتماوج في نعومة وتنفتح الستائر أوتوماتيكيا، ويبدأ السرير في الارتفاع التدريجي حتى تصبح نصف جالس،... ويؤكد كل من جرب هذا السرير أنه نام خلال نصف ساعة من رقاده عليه!! ورغم أنني أعاني من مشكلة مزمنة مع النوم، لأنه لا يأتيني عادة إلا بعد نحو ساعتين من إطفاء الأنوار، إلا أنني متأكد من أن غرفة نوم شركة ماتسوشيتا هذه لن تجدي في حالتي، لعدة أسباب أولها أن سعره نحو 25 ألف دولار!! لو اشتريت ذلك السرير - لا قدر الله - وتذكرت أنني دفعت فيه ذلك المبلغ لأصابني الأرق المزمن ولما زار النوم عيني إلا بعد نقلي لقسم العناية الفائقة في المستشفى!! والأمر الآخر هو أن ذلك السرير وبرغم مزاياه العديدة لن ينجح معي لأن ما يطير النوم من عيني هو أنه وبمجرد رقادي على السرير يهجم علي شارون وقارون وفرعون.. تماسيح وعفاريت بشرية حقيقية تطاردني في صحوي ومنامي لتحرمني من الإحساس بالأمان، وتذكرني بأنني عرضة لأهوائهم وبطشهم وكيدهم.. لن أستطيع الاستمتاع بالنوم الهادئ ما لم يتحول الوطن العربي بأكمله إلى شيء يشبه ذلك السرير الياباني .


إلى هونج كونج تفاديا للمغسلة
الفرق بين أبناء وبنات جيلنا وعيالنا، هو أننا بحكم ظروف التنشئة أقوى عودا واستعدادا لتقبل تقلبات وقسوة الظروف الحياتية... مثلا كان علي وعمري نحو 11 سنة أن أغسل ملابسي بنفسي وأن أتعلم كيفية استخدام إبرة الخياطة، ذلك أنني عشت في "داخلية" منذ المرحلة المتوسطة إلى أن أكملت تعليمي الجامعي، وهكذا صرت "أُسطى" في كي الملابس، وتعلمت من كل ذلك أن أعتمد على نفسي في أمور كثيرة، وقبلها كنت أسير إلى المدرسة الابتدائية على قدمي نحو نصف ساعة في الحر والقر بينما يصاب عيالي بحالات من الاضطراب إذا لم تكن في البيت خادمة تجهز لهم كل شيء، بل بلغوا درجة من التنبلة صاروا فيها يصيحون للخادمة: "جيبي مويه"! فشخص لا يكلف نفسه عناء الوصول إلى الثلاجة لتناول حاجته من الماء، لن ينجح في الحياة العملية ما لم تكن لديه كتيبة من الفراشين هذا لفتح الشباك، وذاك لتحضير الشاي، وثالث للضغط على ماوس الكمبيوتر لفتح صفحة جديدة... وقد نشأ ابني البكر في منطقة الخليج التي جاءها وعمره نحو تسعة أشهر ثم سافر إلى نيوزيلندا للدراسة الجامعية، وفي أولى إجازاته عاد ومعه ثلاث حقائب ضخمة، وحسب إخوته أنه جاء لهم بهدايا "متلتلة"، وكان بالفعل يحمل لهم هدايا: أقراص مدمجة (سي دي) وعطور وتحف صغيرة... طيب ماذا في تلك الحقائب؟ قال: ملابسي! ولماذا أتيت بكل ملابسك وأنت عائد إلى هناك مرة أخرى؟ قال: لغسلها وكيها! وحقيقة الأمر أن الحقائب كانت ممتلئة بملابس تستحق الحكم بالإعدام رميا في القمامة، واعترَف بكل صراحة أنه كان يستخدم فقط بنطلونات وقمصان الجينز التي لا تحتاج إلى الغسيل المتكرر أما الملابس الكشخة التي اشتريتها له كي لا يفشلنا أمام الخواجات فقد استخدم كلا منها مرة واحدة ثم وضعها في الحقائب إلى أن عاد بها في الإجازة.. وإنصافا له فقد تعلم خلال السنوات اللاحقة كيفية استخدام الغسالة والمكواة ولم يعد يأتينا في الإجازات إلا بحقيبة صغيرة وبعض الهدايا "اللي عليها القيمة"، وأمثال ولدي الخواجة هذا بـ"الكوم" في كل البلدان العربية، والخليجية منها على وجه الخصوص حيث الظروف المادية أفضل وتسمح بالاستعانة بالخادمات والسائقين، وقد التقيت في عواصم أجنبية بطلاب عرب تدل هيئاتهم على أنهم نجوا من زلازل وبراكين... ملابس متسخة بل ممزقة، ووجوه شاحبة، فتحسب أنهم من مستحقي الزكاة ولكنك تكتشف أن الواحد منهم يتلقى شهريا مبلغا يساوي دخل رب أسرة تتألف من ستة أشخاص، ولكنه ينفق المبلغ بأكمله على الوجبات الجاهزة، ولأنه لم يعتد على غسل ملابسه أو حتى أخذها إلى المغسلة فإنه يتحول إلى شخص "مبهدل" بل مقرف... ولجيل كامل من شبابنا أزف البشرى: قميص واحد يكفي وهو من إنتاج كلية المنسوجات والملابس في جامعة هونج كونج ومن ابتكار وليد داوود (جماعتنا لا يبدعون إلا بعد أن يفارقوننا) وجون زن... قماش مكسو بطبقة رقيقة من ثاني أوكسيد التيتانيوم الذي تتفاعل جزيئاته مع الأوكسجين عند التعرض للشمس ويتولد عن ذلك عامل أكسدة يقوم بتفتيت الأوساخ فلا تحتاج إلى غسل القميص أو البنطلون مدى الحياة! فهيا إلى هونج كونج يا شبابنا الـ"مبهدل".


دافني دفنته ورقصت
ذات مرة قال لي طفل: يا ريت لو أنت أبوي،.. أحزنتني تلك العبارة لأنها كانت تعبيرا عن ضيق الطفل بفظاظة أبيه، أكثر من كونها تعبيرا عن إعجاب بي،.. ثم قرأت في صحيفة إنجليزية ما قالته: دافني واتس بمناسبة وفاة أبيها فرانسيس واتس: وددت لو أرقص فوق قبره،. ولكنني رقصت في البيت، ودافني هذه ليست طفلة بل امرأة في الواحدة والستين، مات أبوها قبل أربع سنوات، وعبرت عن سعادتها بموت أبيها لأنه استعبدها طوال 43 سنة، فمنذ أن بلغت الخامسة عشرة جعلها تعمل في مزرعته التي تتألف من تسعين إيكر (الإيكر يساوي نحو 4000 متر مربع).. تصحو في الخامسة صباحا، وتبدأ بتنظيف حظيرة الأبقار من الروث، ثم تقدم العلف للأبقار، وبعدها تحلب عشرات الأبقار. وتنتهي من مهمة وتنتقل إلى أخرى حتى مغيب الشمس، لتعود إلى غرفة ليست فيها تدفئة، وحمام ليست فيه مياه ساخنة، ولم يحدث قط أن اشترى لها أبوها ملابس جديدة، فكلما تقطعت ملابسها ذهب إلى محلات الملابس المستعملة واشترى لها بنطلونا واحدا وقميصا واحدا. وكان نصيبها من الطعام وجبتين يوميا. ولأن مسؤولين حكوميين كانوا يأتون إلى المزرعة لسبب أو لآخر، فقد كان الأب يقدم ابنته إليهم على أنها "عامل" لديه، وكان يبرز لهم دفاتر توضح أنها تتقاضى الحد الأدنى من الأجر المنصوص عليه قانونا،. ولكنه كان في واقع الأمر يعطيها 12 بنسا في الأسبوع (الإسترليني يساوي 100 بنسا)،.. الأم كاثلين التي ماتت عام 1991 لم تكن تبالي بالمعاملة السيئة التي تلقاها ابنتها، لأنها كانت تعرف أن فرانسيس اختارها زوجة، لأنها قوية البنية وقادرة على القيام بأعباء ثقيلة مثل قيادة الجرارات وتقليب التربة وبناء الحظائر،.. لم يحدث قط أن اشترى الوالدان لدافني لعبة بلاستيكية أو آيسكريم، ولم تسمع بأشياء مثل البيرغر ودجاج كنتاكي والبيتزا إلا بعد وفاة والدها قبل أربع سنوات!! وكانت تحاول أن تسلي نفسها برسم بعض الأشياء على المعدات الزراعية ولكن والدها كان يلزمها بشراء علب الطلاء على نفقتها الخاصة (يعني راتب سنتين لشراء علبة واحدة) ولدى دافني اليوم أموال ثابتة ومنقولة تقدر بالملايين، ولكن امرأة رضعت التعاسة والفقر لا تحس بأي سعادة، لأنها قادرة على امتلاك كل الأشياء التي نشأت محرومة منها.. فحتى بعد أن تركت المزرعة التي تقع في مقاطعة سومرست بإنجلترا، وانتقلت إلى بيت صغير في قرية قريبة، فإن الجيران لاحظوا أن بيتها يبقى مظلما طوال الليل، ولما سألوها عن السر في ذلك قالت: إن إضاءة الشارع تكفيها لرؤية الأشياء حولها، وما زالت دافني تشتري الملابس المستعملة، وعندما يقول لها الجيران: إنها ستترك ملايينها ليستمتع بها آخرون، تقول لهم: إن ذلك لا يضايقها لأنها لا تعرف معنى المتعة والسعادة!! ذكرتني عائلة واتس التعيسة هذه بصديق قال لي إنه عند انتقال العائلة من بيت قديم إلى بيت جديد جميل لاحظ حرص أبيه على نقل أكياس كانت في مخزن مهمل، وكان يتساقط من الأكياس غبار نتن الرائحة، وسأل أباه عن محتوى الأكياس وعرف أنه جراد ظل الوالد يحتفظ به في المخزن لنحو ثلاثين سنة "من باب الاحتياط للزمن"، وكان لذلك الوالد الملايين في البنوك.. ومات ذلك الرجل وتخلص عياله من "بودرة" الجراد وملأوا الأكياس بالملايين التي تركها.






قراءه ممتعه