مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #3  
قديم 24/04/2008, 07:32 AM
السلفية منهجى السلفية منهجى غير متواجد حالياً
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 30/12/2007
مشاركات: 840
أنواع الشرك في الألوهية:

أ - شرك الدعاء

قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُواْ فِى الْفُلْكِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:65].

قال ابن جرير: "يقول تعالى ذكره: فإذا ركب هؤلاء المشركون السفينة في البحر، فخافوا الغرق والهلاك فيه {دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ}، يقول: أخلصوا لله عند الشدة التي نزلت بهم التوحيدَ، وأفردوا له الطاعة، وأذعنوا له بالعبودة، ولم يستغيثوا بآلهتهم وأندادهم ولكن بالله الذي خلقهم. {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ}، يقول: فلما خلّصهم مما كانوا فيه وسلّمهم فصاروا إلى البر إذا هم يجعلون مع الله شريكاً في عبادتهم، ويدعون الآلهة والأوثان معه أرباباً"[1].

وقال تعالى: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مّنَ الظَّـالِمِينَ * وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ} [يونس:106، 107].

قال ابن جرير: "ولا تدع ـ يا محمد ـ من دون معبودك وخالقك شيئاً لا ينفعك في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يضرك في دين ولا دنيا، يعني بذلك الآلهة والأصنام، أي: لا تعبدها راجياً نفعها أو خائفاً ضرها، فإنها لا تنفع ولا تضر، {فَإِن فَعَلْتَ} ذلك فدعوتَها من دون الله {فَإِنَّكَ إِذًا مّنَ الظَّـالِمِينَ}، يقول: من المشركين بالله الظالمين أنفسهم"[2].

وقال سليمان آل الشيخ: "والآية نص في أن دعاء غير الله والاستغاثة به شرك أكبر، ولهذا قال: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس:107]، لأنه المتفرد بالملك والقهر والعطاء والمنع، ولازم ذلك إفراده بتوحيد الإلهية لأنهما متلازمان، وإفراده بسؤال كشف الضر وجلب الخير، لأنه لا يكشف الضر إلا هو، ولا يجلب الخير إلا هو، {مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:4]، فتعيّن أن لا يدعَى لذلك إلا هو، وبطل دعاء مَن سواه ممن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً فضلاً عن غيره، وهذا ضدّ ما عليه عبّاد القبور، فإنهم يعتقدون أن الأولياء والطواغيت الذين يسمونهم المجاذيب ينفعون ويضرون، ويمَسّون بالضر ويكشفونه، وأن لهم التصرف المطلق في الملك"[3].

وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىا يَوْمِ الْقِيَـامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَـافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـافِرِينَ} [الأحقاف:5، 6].

قال سليمان آل الشيخ: "حاصل كلام المفسرين أن الله تعالى حكم بأنه لا أضلّ ممن يدعو من دون الله لا دعاء عبادة ولا دعاء مسألة واستغاثة مَن هذه حالُه، ومعنى الاستفهام فيه إنكار أن يكون في الضُّلاَّل كلِّهم أبلغ ضلالاً ممن عبد غير الله ودعاه حيث يتركون دعاء السميع المجيب القادر على تحصيل كلّ بغية ومرام، ويدعون من دونه من لا يستجيب لهم، ولا قدرة به على استجابة أحد منهم ما دام في الدنيا وإلى أن تقوم القيامة"[4].

وقد قـرّر العلماء أن دعاء المسألة ودعاء العبادة متلازمان، قال سليمان آل الشيخ: "واعلم أن الدعاء نوعان: دعاء عبادة ودعاء مسألة، ويراد به في القرآن هذا تارة، وهذا تارة، ويراد به مجموعهما، وهما متلازمان.

فدعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر، فالمعبود لا بد أن يكون مالكاً للنفع والضر، ولهذا أنكر الله تعالى على من عبد من دونه ما لا يملك ضراً ولا نفعاً كقوله: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [المائدة:76]، وذلك كثير في القرآن، فهو يدعي للنفع والضر دعاء المسألة، ويدعي خوفاً ورجاء دعاء العبادة، فعلم أن النوعين متلازمان، فكل دعاء عبادة مستلزم دعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة، وهذا لو لم يرد في دعاء المسألة بخصوصه من القرآن إلا الآيات التي ذكر فيها دعاء العبادة، فكيف وقد ذكر الله في القرآن في غير موضع، قال تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف:55]، وقال تعالى: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً} [السجدة:16] وغير ذلك"[5].

وقد نص العلماء على أن من صرف شيئاً من نوعَي الدعاء لغير الله فهو مشرك.

قال ابن تيمية: "من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكّل عليهم يدعوهم ويسألهم كفر إجماعاً"[6].

وقال ابن القيم: "ومن أنواعه ـ أي: الشرك ـ طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم"[7].

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "ومن نوع هذا الشرك أن يعتقد الإنسان في غير الله من نجم أو إنسان أو نبي أو صالح أو كاهن أو ساحر أو نبات أو حيوان أو غير ذلك أنه يقدر بذاته على جلب منفعة من دعاه أو استغاث به، أو دفع مضرة"[8].

وقال سليمان آل الشيخ: "فاعلم أن العلماء أجمعوا على أن من صرف شيئاً من نوعي الدعاء لغير الله فهو مشرك ولو قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلى وصام؛ إذ شرط الإسلام مع التلفظ بالشهادتين أن لا يعبد إلا الله، فمن أتى بالشهادتين وعبد غير الله فما أتى بهما حقيقة وإن تلفظ بهما، كاليهود الذين يقولون: لا إله إلا الله وهم مشركون، ومجرّد التلفّظ بهما لا يكفي في الإسلام بدون العمل بمعناهما واعتقاده إجماعاً"[9].
-----------

[1] جامع البيان (10/159).

[2] جامع البيان (6/618).

[3] تيسير العزيز الحميد (237-238).

[4] تيسير العزيز الحميد (239).

[5] تيسير العزيز الحميد (215-216) بتصرف واختصار.

[6] انظر: الإنصاف (27/108) مع المقنع والشرح الكبير.

[7] مدارج السالكين (1/375).

[8] الدرر السنية (4/7).

[9] تيسير العزيز الحميد (227).

ب - شرك الإرادة والإرادة والقصد

قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِى الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود:15، 16].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (من عمل صالحاً التماس الدنيا، صوماً أو صلاة أو تهجداً بالليل لا يعمله إلا لالتماس الدنيا، يقول الله: أوفّيه الذي التمَسَ في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمل التمَاسَ الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين)[1].

وقال ابن القيم: "أما الشرك في الإرادات والنيّات فذلك البحر الذي لا ساحل له وقلّ من ينجو منه، من أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئاً غير التقريب إليه وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيته وإرادته"[2].

وقد سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن معنى قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ} فأجاب بما ملخصه: "ذكر عن السلف من أهل العلم فيها أنواع مما يفعله الناس اليوم ولا يعرفون معناه، فمن ذلك العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجه الله من صدقة وصلاة وإحسان إلى الناس، وترك ظلم ونحو ذلك مما يفعله الإنسان، أو يتركه خالصاً لله لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، إنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله وتنميته، أو حفظ أهله وعياله، أو إدامة النعم عليهم، ولا همّة له في طلب الجنة والهرب من النار، فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة نصيب.

النوع الثاني وهو أكبر من الأول وأخوف: وهو أن يعمل أعمالاً صالحة ونيته رياء الناس لا طلب ثواب الآخرة.

النوع الثالث: أن يعمل أعمالاً صالحة يقصد به مالاً، مثل أن يحج لمالٍ يأخذه لا لله، أو يهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، أو يجاهد لأجل المغنم، فقد ذكر أيضاً هذا النوع في تفسير هذه الآية، وهؤلاء أعقل من الذين قبلهم؛ لأنهم عملوا لمصلحة يحصلونها، والذين قبلهم عملوا من أجل المدح والجلالة في أعين الناس، ولا يحصل لهم طائل، والنوع الأول أعقل من هؤلاء، لأنهم عملوا لله وحده لا شريك له، لكن لم يطلبوا منه الخير الكثير الدائم وهو الجنة، ولم يهربوا من الشر العظيم وهو النار.

النوع الرابع: أن يعمل بطاعة الله مخلصاً في ذلك لله وحده لا شريك له لكنه على عمل يكفّره كفراً يخرجه عن الإسلام، مثل اليهود والنصارى إذا عبدوا الله أو تصدقوا أو صاموا ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، ومثل كثير من هذه الأمة الذين فيهم كفر أو شرك أكبر يخرجهم من الإسلام بالكلية إذا أطاعوا الله طاعة خالصة يريدون بها ثواب الله في الدار الآخرة، لكنهم على أعمال تخرجهم من الإسلام وتمنع قبول أعمالهم.

بقي أن يقال: إذا عمل الرجل الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج ابتغاء وجه الله طالباً ثواب الآخرة، ثم بعد ذلك عمل أعمالاً قاصداً بها الدنيا، مثل أن يحج فرضه لله، ثم يحج بعده لأهل الدنيا، فهو لما غلب عليه منهما"[3].

تنبيه هام:
مما ينبغي التأكيد عليه هنا أنه لا بد من التفريق بين شرك الإرادة المستوجب للشرك الأكبر والخلود في النار، وبين الشرك الأصغر المستوجب لحبوط العمل وإن لم يكن مخرجاً من الملة.

والضابط الفارق في ذلك هو النظر إلى النية والباعث على العمل، فمن كان عمله اتباعاً للهوى مطلقاً وإرادة الدنيا أصلاً كان مشركاً شركاً أكبر، ومن كان الباعث له على العمل حب الله وابتغاء رضوانه والدار الآخرة لكن دخل مع ذلك حب الجاه أو نحو ذلك من أسباب الرياء كان مشركاً شركاً أصغر[4].
-----------


[1] جامع البيان (7/13).

[2] الجواب الكافي (163).

[3] تيسير العزيز الحميد (536-538) باختصار.

[4] ضوابط التكفير للدكتور عبد الله القرني (128).

جـ - شرك الطاعة


قال تعالى: {اتخذُواْ أَحْبَـارَهُمْ وَرُهْبَـانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً واحِداً لاَّ إله إِلاَّ هُوَ سُبْحَـانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:31].

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وتفسيرها الذي لا إشكال فيه هو طاعة العلماء والعباد في معصية الله سبحانه، لا دعاؤهم إياهم، كما فسّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله فقال: لسنا نعبدهم! فذكر له أن عبادتهم طاعتهم في المعصية"[1].

عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال: ((يا عدّي، اطرح عنك هذا الوثن))، وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتَّخَذُواْ أَحْبَـارَهُمْ وَرُهْبَـانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللَّهِ}، قال: ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه))[2].

قال ابن تيمية: "وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحلّ الله يكونون على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنهم بدّلوا دين الله فيتّبعونهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤساهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركاً وإن لم يكونوا يصلّون لهم ويسجدون لهم، فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركاً مثل هؤلاء.

والثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتاً[3]، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما الطاعة في المعروف))[4]، وقال: ((على المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية))[5]" [6].

وقال ابن تيمية أيضاً: "ثم ذلك المحرِّم للحلال والمحلِّل للحرام إن كان مجتهداً قصدُه ابتاع الرسول لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر، وقد اتقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه، بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه، ولكن من علم أن هذا خطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمّه الله، لا سيما إن اتّبع في ذلك هواه ونصره باللسان واليد، مع علمه بأنه مخالف للرسول، فهذا شرك يستحقّ صاحبه العقوبة عليه"[7].

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بيان فوائد حديث عدي رضي الله عنه: "وفيه تغيّر الأحوال إلى هذه الغاية صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال، ويسمونها الولاية، وعبادة الأحبار هي العلم والفقه"[8].

قال سليمان آل الشيخ: "يشير إلى ما يعتقده كثير من الناس فيمن ينتسب إلى الولاية من الضر والنفع والعطاء والمنع، ويسمون ذلك الولاية والسر، ونحو ذلك وهو الشرك.

وقوله: وعبادة الأحبار هي العلم والفقه، أي: هي التي تسمّى اليوم العلم والفقه المؤلَّف على مذاهب الأئمة ونحوهم، فيطيعونهم في كل ما يطيعونك[9]، سواء وافق حكم الله أم خالفه، بل لا يعبؤون بما خالف ذلك من كتاب وسنة، بل يردون كلام الله وكلام رسوله لأقوال من قلَّدوه، ويصرِّحون بأنه لا يحلّ العمل بكتاب ولا سنة، وأنه لا يجوز تلقي العلم والهدى منهما، وإنما الفقه والهدى عندهم هو ما وجدوه في هذه الكتب، بل أعظم من ذلك وأطمّ رمي كثير منهم كلام الله وكلام رسوله بأنه لا يفيد العلم ولا اليقين في باب معرفة أسماء الله وصفاته وتوحيده، ويسمّونها ظواهر لفظية، ويسمّون ما وضعه الفلاسفة المشركون القواطع العقلية، ثم يقدّمونها في باب الأسماء والصفات والتوحيد على ما جاء من عند الله، ثم يرمون من خرج عن عبادة الأحبار والرهبان إلى طاعة رب العالمين وطاعة رسوله وتحكيم ما أنزل الله في موارد النزاع بالبدعة أو الكفر"[10].

-------------


[1] الدرر السنية (2/70).

[2] أخرجه الترمذي في التفسير، باب: ومن سورة التوبة (3095) واللفظ له، وابن جرير في تفسيره، والبيهقي (10/116)، وحسنه ابن تيمية في الإيمان (7/67ـمجموع الفتاوى)، كما حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2471).

[3] كذا العبارة في المجموع وفيها قلب ولعل صوابها: "بتحريم الحرام وتحليل الحلال".

[4] أخرجه البخاري في الأحكام، باب: السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (7145)، ومسلم في الإمارة (1840) من حديث علي رضي الله عنه.

[5] أخرجه البخاري بنحوه في الأحكام، باب: السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (7144) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

[6] مجموع الفتاوى (7/70).

[7] مجموع الفتاوى (7/71).

[8] كتاب التوحيد، ضمن الجامع الفريد (163).


[9] كذا في المطبوع، ولعله تصحيف.

[10] تيسير العزيز الحميد (553).


وله تكملة

مع تفصيل /
ء- شرك المحبة
هــ - شرك الخوف
و - الشرك في التوكل
فتابعونا

اضافة رد مع اقتباس