المستقبل في جيب الأمير (النقد بوابة التطور) .. لا أعرف من قال هذه العبارة، لكن أؤمن بها تماما، كذلك آمنت أن إدارة الهلال (التي قلت عنها في المقال السابق إنها الأكثر وعيا .. من خلال ما سمعت عنها) أنها بالفعل الأكثر وعيا، لما تحمله من أفكار جديدة لصنع رياضة جديدة في الأندية. بالأمس كنت زائر الليل، لرئيس الهلال الأمير عبدالله بن مساعد .. امتد بنا الحوار لما بعد منتصف الليل .
بدأ الحديث حول النقد الذي وجه للإدارة في بطولة الخليج، لم نتفق كثيرا حول ما جاء بالنقد .. بعد ذلك تحدث الأمير الرئيس عبدالله حول رؤيته المستقبلية للنادي، وكيف هو النادي، ولماذا ذهب لأوربا .
يرى الأمير الرئيس أن مركز المعلومات أمر لا بد منه لقراءة المستقبل .. يقول: (أريد أن أعرف بعد ثلاث سنوات ما الذي يحتاجه الفريق) .. ويمثل لكلامه قائلا: (على سبيل المثال، نحن لدينا لاعب مدافع سيعطي الفريق لمدة سنتين، حسن، بعد سنتين ما الذي سيواجهنا، هل لدينا بديل في درجة الناشئين والشباب أم سنحتاج للبحث عن لاعب للتعاقد معه، وإن كنت أحتاج بعد سنتين للاعب في هذا المركز فمن سيكون هذا اللاعب؟! مركز المعلومات الذي سيتم إنشاؤه يلبي هذا الغرض، فهو سيضم كل لاعبي أندية الدرجة الممتازة والأولى مبدئيا، أيضا هذا المركز سيضم معلومات عن لاعبينا، ولن يحتاج المدرب الجديد إلى وقت كبير ليكتشف اللاعبين، فسنضع شريطا 45 دقيقة لكل لاعب "مزاياه وعيوبه" ليتعرف المدرب على فريقه) .
تحدث أيضا عن مسألة التعاقدات، وأنه علينا أن نعرف كيفية عمل شركات التعاقد في كل قارة، وهل هي تعطي معلومات دقيقة عن اللاعب أم لا لنستمر معها .. (لهذا أرسلت بعض من أثق بهم إلى البرازيل، ليروا لاعبين، نصحنا بهم بعض شركات السماسرة، فنحن كونا معلومات عن لاعبي أوربا، وكيف يمكن لنا الوصول لمن نريد منهم .. وكل هذه المعلومات التي جمعناها من أجل الموسم المقبل .. فالإدارة جاءت في وسط الموسم، ولم يتسن لها العمل منذ البداية). تحدث عن رحلته لأوربا، وأكد أنه علينا أن نجنب مشاعرنا، وهل نحب الغرب أم لا، ونتعلم وننصت لما يحدث هناك، (فهم سبقونا وعلينا اللحاق بهم .. ليس عيبا أن تتعلم من عدوك طالما هو يعمل الصواب في جانب ما) .. هكذا قال عن تجربته في الغرب. تحدث عن الاستثمار، وأن العمل في هذا المجال يجعلهم يبدؤون من الصفر .. (فليس هناك عمل تراكمي لنكمل عليه، ولم يعمل أحد على وضع آلية واضحة ومحددة للاستثمار) .
كان جل حديث الأمير الرئيس عن المستقبل .. وللأمانة التاريخية هذه أول مرة ألتقي برئيس ناد عربي يفكر بالمستقبل ويهتم بالمستقبل، ويعنيه كثيرا المستقبل .. فجل من التقيت بهم من رؤساء الأندية يبحثون عما سيفعلون في المباراة المقبلة، والمستقبل لا يعنيه، وبالتأكيد لا يعنون للمستقبل شيئا .
منهج التفكير العلمي يتعلم من الماضي ويقرأ الواقع ويستكشف احتياجاته في المستقبل، حتى لا تلعنه الأجيال القادمة .. وهكذا كان عقل الأمير الرئيس . كان الوقت يسرقنا وهو يتحدث عن الأحلام والمشاريع المنتظرة، والتطور المحتمل .. سألته أعرف أن مثل هذه الأفكار تحتاج لرأس مال، وأخوك يؤكد أن 75% من المبالغ التي وعد أعضاء الشرف أن يؤمنوها لم تصل .. هل يعني هذا أن أحلامك/أحلامنا ستظل معلقة في السماء؟ وهل ستستقيل لو لم يتم تأمين المبلغ المرصود لتبدأ عجلة التطور بالعمل؟! لم يجب .. لكن غمامة حزن بدت مرسومة وواضحة .. لم ألح في السؤال، ربما لأني أعرف كيف يفكر أمثال من يؤمنون بالعمل .. كان الوقت متأخرا .. استأذنته ومضيت .
في الطريق أعدت شريط اللقاء في رأسي، وسألتني: ماذا لو لم يلتزم أعضاء الشرف .. هل يعني هذا أن التطور سيهزم، وستفشل التجربة قبل أن تبدأ؟! أعرف أسباب تخوف أعضاء الشرف الداعمين .. فالعشوائية كانت موغلة في أرجاء الأندية السعودية، لهذا هم يرفضون الدفع ويطالبون الإدارة بتحديد اسم المدرب أو اللاعبين، ليتم التعاقد معهم .. ولكن هل يعلم أعضاء الشرف أن الأمير الرئيس نبه سكرتير النادي بأن طبع 20 ورقة مسودة لخطابات أمر فيه إسراف، وأن عليه أن يكتفي بورقة واحدة مسودة حتى لا تهدر الأوراق، وأن من يهتم بمثل هذه الأمور رغم أن الكثير لا يكترث لها، لا بد أن يهتم بما هو أكبر. أعرف أيضا أسباب توقف دعم الجماهير .. فهم يرون العشوائية وإهدار الأموال على صفقات فاشلة .. ولكن هل تعلم الجماهير أن ما يحدث الآن شيء جديد ومختلف، ويحتاج لالتفاف الجميع حول تجربة جديدة متجهة للتطور. تذكرت أيضا نهاية حديثنا .. حين قلت له .. هناك مثل شعبي يقول: (ما محبة إلا بعد عداوة) .. وبما أنه ليس هناك عداء فسأقول: (ما محبة إلا بعد نقد) .. ضحك وأكد أنه يحترم النقد ويؤمن به، ويعرف أنه طالما يعمل فلا بد أن تحدث أخطاء، وعلى الصحافة أن تمارس نقدها، لتصحح وتنبه . |