*
بثبات يمد فنجان القهوة نحو الضيف .. يصفعه صوت والده الحاد :
" باليمنى يا عديم التربية ...! "
يتجاوز الإهانة و يغيّر وضع الفنجان و يمده للضيف بنظرة اعتذار و انكسار
داخله يردد :
اليسرى شيء قذر ... اليسرى شيء قذر .
ربما عدد حروفها لاتتعدى 15 حرف ولكن لو علم الوالد بمحتواها النفسي لكره نفسه فأنت زرعت في نفسه ان اليسرى شيء قذر والاعظم تأثيرها عليه وممكن بعده لايستطيع حتى الكلام في المجلس او الانطواء وعدم مخالطة ومجالسة اقرانه *
أختين تحت سقف غرفة واحدة , أحاديث ليلة صاخبة و حكايات لا تنتهي , مشاوير مؤجلة و تقارير مفصلة عن آخر الزيارات .. آراء و ضحكات ,, و .. و .. و ...
تُطفئ الإنارة و تضع رأسها على المخدّة , تفكر بأختها ,
" عالمها الخاص .. ما رصيد معرفتي به !
تصفعها الإجابة : صفر !
متى كلمتها عن ذاتها .. أحاديثنا التي لا تنقطع , ضحكنا و مزاحنا لمَ لم يتجاوز الأشياء السطحيّة , لمَ لا يحمل هوية صداقة ؟
من الأقرب لذاتها , أنا أم صديقة طفولتها ؟ "
تغمض عينيها و تنام .. و تبقى عين الأسئلة لا تنام !
من المسؤول عن غرس بذرة صداقة الإخوة ؟ و هل أحدنا بحاجة لمصافحة أخيه بعبارة " كن صديقي " .. !
بالعكس اعتقد ان الغالبية تعيش هذا الصداقة والبقية تعيش هذه السراب فـ ثمة حواجز بين الاخت واختها اهمها علاقتهما مع امهما التي هي ستعكس هذه الصداقه على علاقتهما مع بعض وبالنسبة للذكور الاخوان فهي قليله جدا هذه النسبة وبصراحه اعتقد ان اهم احد اسباب الجفاء بين الاخوان هو التوجهات لديهم فالكل يخرج مع صديقه ولا يعرف مافي نفس اخيه وماذا يريد وهذا عامل سلبي على علاقتهما
*
- شفتِ هذي البنت ؟
- ايش فيها
- تعرف شباب !
- كيف يعني ؟
- عاد مدري ! هذا اللي سمعت
" تعرف شباب " .. و ألف استفهام يدور بذهني عن " تعرف شباب " !
حسناً ! أنا أكتب بمنتديات , أناقش .. أحاور .. أعترض .. أثني .. أمزح , عمر علاقتي بمنتدى قد يتجاوز الثلاث سنوات مع ذات الأشخاص ,
الأيام كوّنت من عجين لقاءاتنا خبز صداقة و أخوّه نلوكه حتى الآن
هل أدخل ضمن قائمة " تعرف شباب " .. !
لا والف لا انتي اشرف من ان يقال هذا الكلام فأين انتي واين نحن وفيما نتناقش ونتكلم وفيما نمزح
هل تجدينها مثل مزح وكلام ونقاش ( تعرف شباب )
*
أسئلة كثيرة يولّدها عبث الحياة .. كلمة إهانة غير محسوبة قد تولّد عقدة تنمو بداخل أي شخص دون قدرة على الحدّ من تأثيرها مهما بلغت درجة الوعي و الإدراك ,
ما زال هناكَ من يعزّز الوضاعة لكل ماهو " أيسر " .. ديننا حثّ على التيامن لكن لم يبصق بأيسرنا فلمَ يُربّى الأبناء على النَهر و كأنه ارتكب عاراً عندما يُقدم بفعلٍ باليسرى ؟
" لا يا فلان .. مدّ الفنجان باليمنى " جملة كهذه ستعلق بذهنه بطريقة مسالمة بدلاً من أن تكون عقدة مرضيّة بسبب " باليمنى يا عديم التربية " .
سبق وان قلت والان اقول من اراد ان يشنق نفسه في دوامة الالم فـ يستخدم هذه الطريقة وسيرى نتائجها على المدى الطويل
تحياتي لك "عظيم الشوق" وشاكر لك الطرح
