كان يخبئ حقيبته المدرسية لحمايتها من رصاص الاحتلال
.فاســـتشــــهد هـو !!
الطالـب ( أبي محمد محمود دراج ) ابن التاسعة كان في منزلهم الجديد الكائن في الطابق الخامس بعمارة الوحيدي بالبيرة وكان يلعب بألعابه المكونة من شاحنة وفي صندوقها قلم رصاص ودب صغير داخل غرفته وعلى سريره الذي ينام عليه كما رايتها بأم عيني وذلك عند الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم الجمعة 2/3/2001 .
وتوجد نافذة بجانب سريره من الناحية الشمالية الشرقية قبالة مستوطنة "بسجوت" وفي هذه الأثناء كان والده منهمكا بدهان نافذة غرفته والطالب بدوره يلهو كبقية الأطفال بألعابه قبالة النافذة وما هي ألا لحظات حتى بدا القصف العشوائي من المستوطنة واخترق رصاص رشاش 500 الجزء الأيمن من النافذة و أصاب الطالب في صدره وهتك الأوعية الدموية في محيط القلب وخرج من ظهره واصاب الفراش الذي كان مرتبا على جانب الغرفة الغربي من خلف الشهيد
طبعا كان الشهيد طالبا في الصف الثالث بمدرسة المغتربين الأساسية بالبيرة وكلما حصل على علامة ممتازة في امتحاناته كان يسارع الى تعليق نتيجته على باب المنزل حتى يراها اخوته وإخوانه ووالده لتكون حافزا لاخوته وكذلك للحصول على الجوائز التحفيزية من أفراد عائلته هذا ما كان يطلبه دائما من والدته فتحية محمد الدباش.
قبل استشهاده بيوم تقول والدته لقد قبلته في عنقه من الجانبين وشممت له رائحة زكيه وغريبة وعدت وكررت قبلاتي له وكانت هذه الرائحة تزداد وكان هو الآخر دائما يقبلني قبل خروجه الى مدرسته وحتى منذ أيام الروضة ويقول "باي يا ماما" وهو اصغر أولادي الخمسة وفي هذا اليوم درسته آيات من سورة النبأ العظيم وحفظها عن حاضر وكان يسألني عن معاني كلماتها و أخرجها له من التفسير.
طبعا كانت والدة الشهيد تحرص اشد الحرص دائما على اختيار "الفرندة الغربة" للجلوس فيها مع الشهيد أثناء تحضير دروسه لاتقاء شر القصف الهمجي الذي يتكرر على الحي وكان الشهيد يخبئ حقيبته المدرسية الجديدة التي ابتاعتها الوالدة له تحت سرير في البرندة لحمايتها من رصاص الاحتلال ولم يتركها يوما في غرفته التي استشهد فيها!.
وتضيف والدته كان الشهيد كلما حدث قصف يخاف وينام في حضني ولا يستطيع الاستمرار في تحضير دروسه لانتا كنا نطفئ الأنوار فور بدء قصف.
وفي يوم استشهاده الجمعة 2/3/2001 نهض الى النوم مبكرا عند الساعة الخامسة صباحا وطلب من والدته الاستحمام قبل ذهابه لحلاقة شعره وطلب من والده الانتظار للذهاب معه عند العصر لقص شعره ولكنه أصر على الذهاب عند الساعة الحادية عشرة ظهرا الى صالون الحلاقة وذهب ثم عاد مسرورا وطلب من والدته شراء ملابس جديدة للعيد ولكنها طلبت منه الانتظار الى يوم السبت وقالت له سآخذك يوم السبت لاشتري لك اجمل الملابس؟
وتقول والدته عند الساعة الثانية عشرة ظهرا طلبت منه إحضار حقيبته المدرسية لأرى واجباته البيتية الأخرى وقال لي:"أخذنا درس عربي جديد عن حمامات معين ".واخرج كتاب اللغة العربية ولكن الغريب في هذه المرة قرأ الدرس بدون أخطاء لوحده علما انه كان في السابق يخطئ أصححه ونسخ الدرس لوحده علما انه كان دائما يطلب مني أن أساعده في نسخ بعض السطور
وقبل ساعة ونصف من استشهاده حضن أخاه الذي يكبره ويدعى سامر وقبله.ويعود اصل عائلته الى قرية خربثا المصباح في محافظة رام الله والبيرة وانتقلت عائلته لتسكن في مدينة البيرة قبل22 سنة ولم تمر عشرة أيام على فرحتهم لانتقالهم للسكن في منزلهم الجديد الذي ابتاعوه في عمارة الوحيدي في حي الجنان بالبيرة الذي يقع في حضن جبل الطويل الذي تعلوه مستوطنه "بسجوت" التي أصبحت موقعا لقصف الأحياء السكنية والأبرياء بالبيرة ليلا ونهارا حتى قتلت هذه الفرحة باستشهاد أبي.
وما نراه أن رصاص الاحتلال اصبح يستهدف ويطارد طلبة المدارس أينما كانوا سواء في مدارسهم او في منازلهم او أثناء سيرهم في الشوارع متوجهين الى مدارسهم او عائدين منها او وهم يرعون الغنم في أحضان الطبيعة…الخ.
وطريقة اسـتشهاد أبي تضيف صورة من صور الإرهاب الرسمي التي تقشعر لها الأبدان ويندي لها الجبين.
نصير الريماوي -جريدة القدس الفلسطينية |