حلقة هذه الليلة – ليلة الاحد 26 رمضان – عرت المذهب الرافضي امام الملايين من المشاهدين في العالم. فبعد ان "تفرعن" التيجاني في الحلقة قبل الماضية دون رادع، كان دواءه اليوم عند الشيخ الفاضل ابي منتصر البلوشي حفظه الله ورعاه، الذي نزل بكامل قواه من بداية الحلقة وعلم الرافضة كيف بامكان اهل السنة كذلك ان يقاطعوا ويردوا، فجعلهم يلتزمون بقواعد النقاش إلى ان اتى الخميس بادلته الدامغة واسئلته التي لم يجب لها جوابا من المتناظرين إلى الآن.
العجيب من الرافضة قولهم بالوحدة الاسلامية وإظهارهم الحرص على اتحاد السنة والشيعة. والواقع يقول خلاف ذلك حيث لا يوجد مسجد لاهل السنة في المدن الايرانية الكبرى، وقد بين المناضل البلوشي صورا للتعذيب والتنكيل الذي يتعرض له اهل السنة في دولة المجوس. فعليه يجب ان تنطلق الوحدة الاسلامية من ايران، وهي تدعي انها تحمل رايتها.
ثم ان تاريخهم كذلك يشهد ضد ما يدعونه، ولعل سقوط الخلافة العباسية واضطهاد المغول تحكي عن تلك السيرة المظلمة لناشطيهم، وقبلهم القرامطة وبعدهم الدولة الصفوية الخبيثة التي ظلت شوكة وحجر عثرة امام التوسع العثماني في الامصار والبلدان الاوروبية. ولسرد كل ما قاموا به في تاريخهم المظلم نحتاج إلى مقالة منفصلو.
نعود إلى الموضوع الرئيس لحلقة الليلة وهي مناقشة ادلتهم في إثبات الإمامة لعلي رضي الله عنهم في القرآن الكريم. فالمعرف إن أصحاب الاهواء والعقائد المنحرفة يحاولون دائما أن يجعلوا القرآن الكريم مستندهم في إثبات عقائدهم الباطلة وأعراضهم الخبيثة، من إغواء عوام المسلمين وإضلالهم عن الحلق، وإخراجهم منه إلى أباطيلهم.
ولأجل ذلك كله نراهم يجدون في البحث عن الآيات التي يتخيلون فيها أنها تخدم عقائدهم تلك، فيؤولونها طبقا لتلك العقائد بكل تعسف وقد رأينا من النجدي – هداه الله – كيف يدخل في آية ويخرج من آية ثانية، ويركب آية على اخرى ويؤولها تأويلا عجيبا.
يقول الدكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله في كتابه "التفسير والمفسرون" 2/11، عند كلامه عن تفرق الشيعة إلى أحزاب شتى تبعا لأهوائهم: "وكان طبعيا وكل حزب من هذه الاحزاب يدعي الاسلام، ويعترف بالقرآن ولو في الجملة، أن يبحث كل عن مستند يستند إليه من القرآن، ويحرص كل الحرص على أن يكون القرآن شاهدا له لا عليه، فما وجده من الآيات القرآنية يمكن ان يكون دليلا على مذهبه تسمك به، وأخذ في إقامة مذهبه على دعامة منه، وما وجده مخالفا لمذهبه حاول بكل ما يستطيع ان يجعله موافقا لا مخالفا وإن أدى هذا كله إلى خروج اللفظ القرآني عن معناه الذي وضع له وسيق من أجله".
والرافضة الذين هم اخبث أصحاب تلك الاهواء والعقائد المنحرفة، فبالرغم من طعنهم في نصوص القرآن الكريم بالتحريف والنقصان – كما بين ذلك الشيخ البلوشي في الحوار – فإن موقفهم من معانيه ايضا قائم على تأويل آياته تبعا لسلطان عقيدتهم وما تمليه عليهم أهواؤهم الرائفة وتفرضه عليهم أغراضهم الخبيثة، من غير النظر إلى وجود علاقة بين الآية وما يؤولونها به، ولا إلى المعنى الصحيح المقصود من الآية المنقول عن سلفنا الصالح، وإنما يهمهم فقط خدمة عقيدتهم وأهوائهم مهما كلفهم ذلك من الثمن بالكذب والاقتراء على أهل البيت الطاهرين البريئين من كل ما ينسب إليهم هؤلاء الروافض.
ونجد ان من اهم طرق منهجهم الخاص في تفسيرهم للقرآن الكريم ما يلي كما بينه مامادو كارامبيري في كتابه "موقف الرافضة من القرآن الكريم":
الطريقة الاولى: التفسير بأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم المروية عن طريقهم فقط. وأما اقوال الرسول صلى الله عليه وسلم المروية عن طريق أهل السنة، من الصحابة الكرام ومن بعدهم ممن ليسوا من ائمة الرافضة، فهي مرفوضة عندهم قطعا فلا يأخذون بها، وقد رأينا ذلك عدة مرات حين قال النجدي – هداه الله – لا تحتج علينا بما في كتبكم.
واوضح من ذلك ما قاله محمد حسين آل كاشف الغطاء في كتابه "أصل الشيعة وأصولها" صز 82، في معرض كلامه عن الأمور التي يفترق بها الشيعة الإمامية عن غيرهم من المسلمين: "منها: أنهم لا يعتبرون من السنة – أعني الأحاديث النبوية – إلا ما صح لهم عن طريق أهل البيت عن جدهم، - يعني ما رواه الصادق عن أبيه زين العابدين، عن الحسين السبط، عن أبيه أمير المؤمنين، عن رسول الله سلام الله عليهم جميعا" إلى أن قال: "أما ما يرويه مثل أبي هريرة، وسمرة بن جندب... ونظرائهم، فليس لهم عند الإمامية من الاعتبار مقدار بعوضة..."
والطريقة الثانية عندهم في تفسير القرآن: هي التفسير بالأقوال المنسوبة إلى ائمتهم، وهي المعول عليها، والعمدة في تفسير القرآن: هي التفسير بالأقوال المنسوبة إلى ائمتهم، وهي المعول عليها، والعمدة في تفسير القرآن عندهم أولا وآخرا في حقيقة الامر؛ لأن الناظر في كتب التفاسير عندهم، وغيرها من كتبهم المسندة يجد أن أغلب الاخبار عندهم – إن لم يكن كلها – تنتهي إلى من يسمونهم ائمة، والنادر القليل الذي يصل منها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب التمويه، والتدليس على عوام المسلمين، لا ليعملوا بها.
يقول الطوسي في مقدمة تفسيره "التبيان في تفسير القرآن" 1/4: "وعلم ان الرواية ظاهرة في اخبار أصحابنا بأن تفسير القرآن لا يجوز إلا بالأثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله، وعن الائمة عليهم السلام الذين قولهم حجة كقول النبي صلى الله عليه وآله".
وكما وضح المشايخ الخميس والدمشقية والبلوشي في المناظرة فإن أهم الاسباب التي دعتهم إلى هذا الاستنباط الباطني الباطل: مسألة الامامة عندهم، فإنها ركن من اركان الإيمان بل هي أفضلها، وأنها من أهم مطالب الدين، فجعلوها كما رأينا كمرتبة النبوة، وإن لا يتم إمان أحد منهم إلا بعد إعترافه بالإمام، والإيمان به، ويعادي أعداءه.
وهذا يجعلنا نعود إلى تردد النجدي – هداه الله – في قوله ان الذي لا يؤمن بالامامة فهو مسلم غير مؤمن، ثم في الليلة التالية تراجع وقال مؤمن بكل شيء إلا الامامة، لما استوضح منه الشيخ الخميس ذلك. وقوله الاول موافق لقول الكليني الذي قال في "اصول الكافي" في كتاب الحجة 10/18 باب معرفة الإمام والرد إليه، عن أبي أذينه، قال: حدثنا غير واحد عن أحدهما عليه السلام قال: لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والائمة كلهم، وإمام زمانه يرد إليه، ثم قال: كيف يعرف الآخر وهو يجهل الاول".
وروى كذلك بسنده عن أبي جعفر قال: "بني الاسلام على خمس: على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والولاية، ولم ينادى بشيئ كما نودي بالولاية".
لا اطيل على القراء ولكن قبل ان اختم هذه المقالة اذكر الشيعة بأن ممثليهم في المناظرة لم يجيبوا على اسئلة اهل السنة. فالتيجاني مشغول في سرد قصة حياته والدعايا لكتابه وتكذيب ما هو معلوم من التشيع بالضرورة. أما النجدي ففالح في سرد احاديث وروايات ضعيفة عند اهل السنة، واتهام مناظريه بانهم وهابية وليسوا سنة، وهو مطالب بدليل على ذلك.
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، ويهدي بمنه وكرمه اخواننا من عوام الشيعة الذين ظلموا من قبل علماء مذهبهم. وكذلك لا ننسى في هذا الدعاء اسود السنة في مناظرات المستقلة بلندن، المشايخ الخميس والدمشقيه والبلوشي فنسأله تعالى باسمائه وصقاته الحسنى ان يوفقهم ويثبتهم على الحق ويظهر على ايديهم معتقد الفرقة الناجية والطائفة المنصورة. |