قلب النية في الصلاة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هناك مسائل يكثر السؤال عنها ممن تفوتهم الصلاة، ويدخلون المسجد بعد انقضائها، وهي مسائل في الإمامة وصحتها بعد الانفراد، وكذا
مسائل في تغيير النية من الفرض إلى النفل وعكسه، ولعلي أذكر هنا بعض القواعد أو الضوابط لهذه المسائل، فأقول مستعيناً بالله
.
أولاً: قلب نية الفريضة إلى نافلة جائز في الصلاة إذا كان ذلك لمسوغ شرعي، كإدراك جماعة أخرى، وذلك كمن صلى لوحده، ثم أقيمت
صلاة جماعة، فله أن يغير نيته إلى النافلة ويتمها ويصلي الفريضة مع الجماعة.
ثانياً: قلب نية النافلة إلى فريضة معينة لا يصح بحال؛ لأن الفرض لا بد فيه من نية تامة، ومثله قلب نية الفريضة إلى فريضة أخرى لا يصح،
وذلك كمن صلى العصر، وفي أثناء الصلاة تذكَّر أنه لم يصلِّ الظهر فلا يجوز له قلب النية، بل يجب عليه إتمام صلاة العصر، ثم يقضي
العصر بعد ذلك، لأنه لابد من أن تكون النية مصاحبة لجميع الفريضة المعينة من أولها.
ثالثاً: قلب النية من الانفراد إلى الإمامة جائز لا بأس به، والأصل في ذلك وما رواه الجماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بت عند
خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي وأقامني عن يمينه"
.
رابعاً: قلب نية المأموم إلى إمام جائز أيضاً، ولا محذور منه، ولذلك يجوز لمن دخل المسجد بعد تسليم الإمام أن يأتم بأحد المأمومين الذين
أدركوا جزءا من الصلاة مع الإمام، ثم قاموا لإتمام ما فاتهم من الصلاة، ويكون المأموم إماماً، وهذا على الصحيح من أقوال العلماء،
ويدل لذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن خزيمة وصححه ابن حبان والحاكم "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي
وحده فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه". فهذا دليل صريح على جواز انتقال المنفرد إلى الإمامة في أثناء صلاة النفل،
والأصل عدم الفرق بين الفرض والنفل إلا بدليل يقتضي التخصيص، وكونه مسبوقاً لا يمنع اقتداء غيره به فيما بقي عليه ليحصل على فضل الجماعة
.
خامساً: إمامة المتنفل للمفترض جائزة أيضاً، ويدل لذلك دلالة صريحة حديث معاذ -رضي الله عنه- في الصحيحين البخاري (700)، ومسلم
(465)، فإنه كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة العشاء، ثم يذهب ويصلي تلك الصلاة بقومه، وفي بعض ألفاظ
الحديث: "هي له تطوّع".
بقيت مسألة الإشارة من المصلي لمن دخل بالانتظار أو نحو ذلك، وهذا لا حرج فيه في الصلاة، خاصة إن كان لمصلحة الفريضة.
د. عبدالله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم |