مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #58  
قديم 02/12/2007, 01:17 AM
عذب الأحساس عذب الأحساس غير متواجد حالياً
زعيــم جديــد
تاريخ التسجيل: 17/04/2006
مشاركات: 17
أحسن الله عزاك وجبر كسرك ومصابك يا هلالي حايلي

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم ...
فقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يخلق الإنسان في كبد وتعب ونصب, وأن يجعل الدنيا دار عناء تكفيرا لذنوب المؤمنين ورفعة لدرجاتهم وعذابا للكافرين وتنبيها للناس أجمعين كي لا يركنوا إلى الدنيا ويطمئنوا إليها بل يتطلعوا و يتشوقوا إلى دار يحيا أهلها فلا يموتون أبداً ويصحون فلا يسقمون أبدا ويشبون فلا يهرمون أبدا وينعمون فلا يبأسون أبدا .
و إن من السنن الكونية وقوع البلاء على المخلوقين اختباراً لهم, وتمحيصاً لذنوبهم, وتمييزاً بين الصادق والكاذب منهم قال تعالي : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) سورة الأنبياء(35)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وقال حديث حسن.



وأكمل الناس إيمانا أشدهم ابتلاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل

فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. أخرجه الإمام أحمد وغيره

واقتضت حكمة الله اختصاص المؤمن غالباً بنزول البلاء تعجيلاً لعقوبته في الدنيا أو رفعاً لمنزلته أما الكافر والمنافق فيعافى ويصرف عنه البلاء. وتؤخر عقوبته في الآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد" رواه مسلم.

والبلاء له صور كثيرة: بلاء في الأهل وفى المال وفى الولد, وفى الدين, وأعظمها ما يبتلى به العبد في دينه.

وقد جمع للنبي كثير من أنواع البلاء فابتلى في أهله, وماله, وولده, ودينه فصبر واحتسب وأحسن الظن بربه ورضي

بحكمه وامتثل الشرع ولم يتجاوز حدوده فصار بحق قدوة يحتذي به لكل مبتلى .



والواجب على العبد حين وقوع البلاء عدة أمور:

(1) أن يتيقن أن هذا من عند الله فيسلم الأمر له.
(2) أن يلتزم الشرع ولا يخالف أمر الله فلا يتسخط ولا يسب الدهر.
(3) أن يتعاطى الأسباب النافعة لد فع البلاء.
(4) أن يستغفر الله ويتوب إليه مما أحدث من الذنوب.

• ومما يؤسف له أن بعض المسلمين ممن ضعف إيمانه إذا نزل به البلاء تسخط و سب الدهر , ولام خالقه في أفعاله

وغابت عنه حكمة الله في قدره واغتر بحسن فعله فوقع في بلاء شر مما نزل به وارتكب جرماً عظيماً.


• وهناك معاني ولطائف إذا تأمل فيها العبد هان عليه البلاء وصبر وآثر العاقبة الحسنة وأبصر الوعد والثواب الجزيل :
أولاً: أن يعلم أن هذا البلاء مكتوب عليه لا محيد عن وقوعه واللائق به أن يتكيف مع هذا الظرف ويتعامل بما يتناسب معه.

ثانياً: أن يعلم أن كثيراً من الخلق مبتلى بنوع من البلاء كل بحسبه و لا يكاد يسلم أحد فالمصيبة عامة , ومن نظر في مصيبة غيره هانت عليه مصيبته.

ثالثاً: أن يذكر مصاب الأمة الإسلامية العظيم بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي انقطع به الوحي وعمت به الفتنه وتفرق بها الأصحاب " كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله "

رابعاً: إن يعلم ما أعد الله لمن صبر في البلاء أول وهلة من الثواب العظيم قال رسول الله " إنما الصبر عند المصيبة الأولى "

خامساً: أنه ربما ابتلاه الله بهذه المصيبة دفعاً لشر وبلاء أعظم مما ابتلاه به , فاختار الله له المصيبة الصغرى وهذا معنى لطيف.

سادساً: أنه فتح له باب عظيم من أبواب العبادة من الصبر والرجاء, وانتظار الفرج فكل ذلك عبادة.

سابعاً:أنه ربما يكون مقصر وليس له كبير عمل فأراد الله أن يرفع منزلته و يكون هذا العمل من أرجى أعماله في دخول الجنة.

ثامناً: قد يكون غافلا معرضاً عن ذكر الله مفرطاً في جنب الله مغتراً بزخرف الدنيا , فأراد الله قصره عن ذلك وإيقاظه من غفلته ورجوعه إلى الرشد.


فإذا استشعر العبد هذه المعاني واللطائف انقلب البلاء في حقه الى نعمة وفتح له باب المناجاة ولذة العبادة , وقوة

الاتصال بربه والرجاء وحسن الظن بالله وغير ذلك من أعمال القلوب ومقامات العبادة ما تعجز العبارة عن وصفة.


قال وهب بن منبه: لا يكون الرجل فقيها كامل الفقه حتى يعد البلاء نعمة ويعد الرخاء مصيبة، وذلك أن صاحب البلاء

ينتظر الرخاء وصاحب الرخاء ينتظر البلاء و قال رسول الله (: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض ) رواه الترمذي


ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى وتسكن الحزن وترفع الهم وتربط على القلب:
(1) الدعاء: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة.

(2) الصلاة: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة رواه أحمد.

(3) الصدقة" وفى الأثر "داوو مرضاكم بالصدقة"

(4) تلاوة القرآن: " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين"ا الإسراء (82)

(5) الدعاء المأثور: [وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ]

وختاما أذكركم بقول الله تعالى ((فأن مع العسر يسرا))

وأسال الله العلي العظيم للأخ هلالي حايلي الصبر والسلوان وان يجبر مصابه وكسره وان يرحم موتانا وموتاه والمسلمين اجمعين وان يرحم امواته ويجعلهم بالفردوس الأعلى من الجنه وان يجعل ماأصابه رفعاً لقدره واعظم لاجره عن رب العالمين

وصلى الله على نبينا محمد


وعلى دروب الخير نلتقي