الموضوع: الزير سالم
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 16/03/2001, 02:32 AM
الكونكورد-7 الكونكورد-7 غير متواجد حالياً
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 30/12/2000
مشاركات: 514
--------------------------بسم الله الرحمن الرحيم----------------
استقطب مسلسل "الزير سالم" الذي عرض في شهر رمضان الماضي اهتماما كبيرا و جذب أعدادا غفيرة من المشاهدين الذين أرادوا مشاهدة بطولات سمعوا عنها الكثير، ومعرفة المزيد عن سيرة بطل شعبي خلده الرواة على مر العصور.
و لكن يمكن القول إن كثيرا من المشاهدين قد "صدموا" حين رأوا بطلهم الشعبي المعروف بالبطولة و قوة البأس والشجاعة وقد تحول في نهاية المسلسل إلى شخص جبان يضعف أمام خصم أقوى منه بأسا، وإلى واش وضيع يشي بأعز أصدقائه ليقتل أمامه، و نذل يقول شعرا قبيحا بامرأة آوته في شيخوخته و حمته من عدوانية زوجها.

و يعود سبب الصدمة إلى حقيقة أن الزير سالم شخصية تاريخية حقيقية، لكنها في الوقت نفسه شخصية أسطورية رسمتها المخيلة الشعبية، والشخصيتان الحقيقية والأسطورية مختلفتان حد التناقض. والأمر نفسه ينطبق على كليب وعلى جساس، فكليب في الرواية التاريخية طاغية مستبد، وجساس بطل وأمير، أما الزير سالم فقاتل دموي أعماه التعصب والقتل وسفك الدماء.

لكن الملحمة الشعبية ترى في كليب ملكا قويا وقع ضحية لجساس الذي اصبح مثالا للغدر.

أما الزير سالم فتصوره المخيلة الشعبية بطلا خاض معارك لا تنتهي للثأر لأخيه لأن أحدا لا يستطيع تلبية طلبه الذي يبدو له عادلا وهو إعادة كليب حيا، وإلا فإبادة البكريين وهو ما يسعى إليه طوال ربعين عاما يقتل فيه بحسب السيرة الشعبية الآلاف. وهذا ما يبرر اعتباره مجرد قاتل دموي لا يشفي غليله غير سفك الدماء ورؤية الجثث.هنا تتحول البطولة إلى دموية والعدل إلى ظلم، و يصبح الوازع الذي يدفع الزير نحو معاركه هو الرغبة في الانتقام وليس تحقيق العدل.

و من الواضح أن ممدوح عدوان تبع الرواية التاريخية التي ترى الزير قاتلا دمويا، و أدار ظهره للرؤية الشعبية التي رأت على مر السنين في الزير نموذجا في شجاعته وإخلاصه وثباته على رأيه. وكانت النتيجة أن أوقع ممدوح عدوان الزير ضحية رغبته في الانتقام، فمع مرور الزمن وتقدمه في السن يفقد قوته وتخونه شجاعته ويتحول إخلاصه وتمسكه برأيه إلى استبدادا يعاني منه كل من حوله.

إن هذا يعني أن الزير وقع ضحية الخصال التي أحبه الوجدان الشعبي من أجلها، وأن عدوان بتتبعه هذا الخط حتى نهايته المنطقية إنما كان يحطم الزير البطل الشعبي والفارس الذي غنى بطولته الرواة عبر مئات السنين.

و يمعن عدوان في تصوير مدى انحدار الزير وانحطاط شخصيته حتى النهاية، وخاصة في الحلقات الأخيرة التي تحول فيها الزير من بطل مغوار إلى شخص متغطرس وجبان ونذل وكاذب؛ متغطرس حين يقتل ابن الحارث بن عباد الذي جاءه رسولا، وهو جبان في مواجهة الموت علي يدي الحارث بن عباد، وليس فس شجاعة كليب الذي طلب من الجرو (هجرس) أن يقتله، وإلى نذل يرشده عن أعز أصدقائه امريء القيس بن أبان، فيذهب إليه الحارث ويقتله أمام عينيه.

أما الدرك الأخلاقي الذي يصل إليه الزير فحين يكتب قصيدة ملفقة عن علاقة مزعومة بينه وبين إحدى قريباته بعد أن آوته في عجزه وشيخوخته، فيطردها زوجها الغيور بعد أن يسمع بالقصيدة، فتذهب ضحية أخيرة من ضحايا الزير.

هذا الانحدار في شخصية الزير كما صوره ممدوح عدوان في المسلسل أدى إلى إصابة كثير من المشاهدين بالصدمة، وهم الذين توقعوا شخصية قوية وشجاعة وعادلة ومخلصة لدم أخيها الذي راح غدرا على يدي غريمه جساس
-------------------------
جمبع الحقوق محفوظه ل ارابيا اون لاين