مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #8  
قديم 04/09/2007, 10:02 PM
مجنون بـ كريستيانو مجنون بـ كريستيانو غير متواجد حالياً
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 27/04/2007
مشاركات: 78
نكمل لكم الحلقة الرابعة من سلسلة الرسل من أولي العزم وهوالسيد المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام:
هو السيد المسيح عيسى بن مريم(البتول) ابنة عمران بن ماثان بن العازر بن اليود بن أختر بن صادوق بن عيازوز بن الياقيم بن إيبود بن رزيائيل بن شالتال بن يوحينا بن برشا بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن احاز بن موثام بن عزريا بن يوارم بن يهفاشاط بن إيشا بن إيبا بن رحيعام بن سليمان عليه السلام.
(رابع الرسل من أولي العزم)و(آخر أنبياء بني إسرائيل) وقد ورد ذكره في القرآن الكريم (عيسى) خمساً وعشرين مرة و(المسيح) احدى عشرة مرة.
قال تعالى:{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ{33} ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{34} إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{35} فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ{36} فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{37} }.
وذكر الإمام ابن كثير في كتابه(البداية والنهاية): لا خلاف أن (مريم) من سلالة (داود) عليه السلام وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم(أربعاً وثلاثين مرة).
وكان أبوها(عمران) صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه. وكانت أمها(حنة) بنت فاقود بن قبيل. من العابدات. وكان (زكريا) عليه السلام. نبي ذلك الزمان. زوج أخت(مريم)-(أشياع) في قول الجمهور. وقيل زوج خالتها (أشياع) فالله أعلم.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <<ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخاً من الشيطان إلا مريم وابنها>>. ثم يقول أبو هريرة: واقرؤا إن شئتم: {وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }.
وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ }.
وقال تعالى:{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ{42} يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ{43} ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ{44} إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ{45} وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ{46} قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ{47} وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ{48} وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{49} وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ{50} إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ{51} }.
وذكر الإمام ابن كثير: يقول تعالى إن الملائكة بشرت(مريم) باصطفاء الله لها من بين سائر نساء عالم زمانها. بأن اختارها لإيجاد ولد منها من غير أب. وبشرت بأن يكون نبياً شريفاً{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ} أي في صغره يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له. وكذلك في كهولته. فدل على أنه يبلغ الكهولة ويدعو إلى الله فيها, وأمرت بكثرة العبادة والقنوت والسجود لتكون أهلاً لهذه الكرامة. ولتقوم بشكر هذه النعمة. فيقال أنها كانت تقوم في الصلاة حتى تفطرت قدماها رضي الله عنا ورحم أمها وأباها.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق- أنبأنا معمر عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :<<حسبك من نساء العالمين بأربع مريم بنت عمران. وآسية امرأة فرعون. وخديجة بنت خويلد. وفاطمة بنت محمد>>. رواه الترمذي وقال: هذا حديث صحيح.
ويذكر شيخنا الصابوني: لما بلغت(مريم) عليها السلام مبلغ النساء وأصبحت في سن الثالثة عشر من العمر. خرجت ذات يوم من الأيام من محرابها. وسارت جهة شرقي بيت المقدس. ترويحاً عن النفس وطلباً للراحة. فبينما هي تسير وقد ابتعدت عن أهلها وقومها. إذ فاجأها شاب وضيء الوجه. حسن الصورة. سوى الخلق. ففزعت واضطربت وخافت على نفسها منه. وارتابت في أمره. لأنه ظهر لها فجأة. فظنت به الظنون. وجعلت تبتعد عنه وهي تخشى أن يهم بها سوءاً في مكان ليس فيه منقذ أو نصير. ثم..
{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً}.
ظنت(مريم) أنه بشر عادي من الرجال. عرض لها في هذا المكان. ولم يكن في خاطرها أنه(ملك كريم).. أرسله الله إليها ليهب لها غلاماً زكياً. يكون له شأن عجيب. ويعطيه الله النبوة والحكمة. وإذا بالملاك هو(جبريل الأمين) عليه السلام.. تمثل لها في صورة إنسان. فأزال الملك فزعها واضطرابها.. وأخبرها بالحقيقة حتى تطمئن على نفسها. ثم نفخ في جيب قميصها(ثوبها) نفحة وصلت إلى رحمها. فحملت بتلك النفخة بالسيد المسيح. عليه أفضل الصلاة والسلام. قال تعالى:
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً{16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً{17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً{18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً{19} }.
يستطرد شيخنا الصابوني فيقول: كان عمر(مريم) حين حملت بـ(عيسى) عليه السلام (13) ثلاث عشرة سنة. وقد اختلف العلماء في مدة الحمل. فقيل أنها كانت ساعة وقيل تسع ساعات. وقيل ثمانية أشهر. وقد ورى الأخير (ابن عباس) والصحيح أنها حملت به حملاً طبيعياً كما تحمل النساء ووضعته كما تضع النساء.
وعندما شاع خبر حملها في بني إسرائيل. لم يدخل على أهل بيت من الهم والحزن كما دخل على بيت(آل زكريا) حتى اتهمها بعض زنادقة بني إسرائيل بابن خالتها(يوسف النجار) الذي كان يتعبد معها في المسجد. واتهمها آخرين بـ(زكريا) عليه السلام.
والمشهور في كثير من الروايات أن ميلاد السيد(المسيح عيسى) عليه الصلاة والسلام كان بيت لحم. وأنها لما هربت وخافت عليه أسرعت به وجاءت إلى بيت المقدس. وقد قص القرآن الكريم علينا قصة ولادته في سورة (مريم).
وخلاصة تلك القصة: أن (مريم) عليها السلام. لما أتمت حملها وهي في بيت لحم. أشتد عليها المخاض فألجأها إلى جذع نخلة يابسة. فاحتضنت الجذع لشدة الوجع. وولدت (عيسى) عليه السلام. فقالت: عند ولادته- لما قاسته من الآلام- والتغرب- ولما خافت من إنكار قومها واتهامهم لها عند رؤيتهم وليدها. قالت: { يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }
فقد تمنت الموت من جهة الدين. إذ خافت أن يظن بها الشر والسوء دينها. وتعيير قومها وعشيرتها. وضعت(مريم البتول) العذراء طفلها- وهزت جذع النخلة التي لا ثمر فيها. فتساقط عليها الرطب الجني الناضج. فأكلت وشربت من النهر الذي أجراه الله لها في مكان لانهر فيه. وكان كل ذلك إكراماً من الله تعالى لها على إيمانها وصلاحها وطاعتها لله عز وجل. وعناية لوليدها (عيسى) عبد الله ورسوله. وكان ميلاد السيد عليه أفضل الصلاة والسلام. يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شهر كانون أول. أي قبل ميلاد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم بما يزيد على (600) عام.
وحملت(مريم) عليها السلام. وليدها الكريم. وأتت به قومها تحمله على يدها فلما شاهدوه. فزعوا لهذا الحدث العظيم والخطب الجسيم. وأخذوا يظنون بها الظنون. كيف يكون لها وليد وهي لم تتزوج بعد؟؟ وزاد هذا الفزع والاضطراب انهم يعرفون قومها وعشيرتها. فهي من بيئة شريفة فاضلة. وأبوها (عمران) من السادة الأشراف. بل لقد كان رئيس العلماء. وصاحب الصلاة فيهم. أسرتها أسرة فضل وشهامة ودين. فكيف تأتي(مريم) بمثل هذه الجريمة النكراء وتقترف عمل الفاحشة؟
وسكتت (مريم). واكتفت بالاشارة إليه. ليجيبهم على اتهاماتهم. أشارت إلى وليدها الرضيع ليتكلم معهم. ويجيبهم على أسئلتهم التي وجهوها إليها.. فليس أدل على طهارتها وبراءتها من أن يتكلم هذا الطفل وهو لم يزل في المهد قال تعالى: { فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً{22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً{23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً{24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً{25}}.
ولما بلغ الطفل من العمر ثمانية أيام حملته أمه (مريم) إلى الهيكل. فختن وسمته(يسوع)يعني(عيسى) كما أمرها (جبريل) عليه السلام حين بشرها به.
ونشأ عليه الصلاة والسلام في كنف أمه بعيدين عن بيت لحم في ربوة مرتفعة ذات استقرار وأمن وماء معين. قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }.
ولرؤيا (يوسف النجار) التي آمر فيها بأخذ (عيسى وأمه) إلى مصر خوفاً من الحاكم الظالم (هيروديس). ولما هلك هذا الطاغية. أمر بالعودة بهما إلى بيت لحم. لزوال الخطر عنه.. وكان عمره عليه الصلاة والسلام (سبع سنين) .
وبعد أن بلغ الـ(ثلاثين عاماً) نزل عليه روح القدس(جبريل) عليه السلام ثم خرج إلى البرية وصام فيها(أربعين يوماً) ونزل عليه الوحي بكتاب الله المقدس(الإنجيل) ومنذ ذلك بدأت رسالته عليه الصلاة والسلام. قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}.
وقام عليه الصلاة والسلام يدعو الناس إلى دين الحق الذي أوحاه الله إليه. في مجتمع يهودي دخلت فيه انحرافات كثيرة. وخرافات وأباطيل. بسبب تمردهم على شريعة(موسى) وتحريفهم لها. وقد أجرى الله على يدي (عيسى) المعجزات الباهرات تصديقاً لنبوته. وتأييداً لرسالته. منها(إبراء الأكمه والأعمى والأبرص. وإحياء الموتى. والإخبار عن المغيبات. وقبل ذلك كلامه في المهد. كل ذلك بإذن الله). قال تعالى:{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي}.
وهذا وقد لقي السيد المسيح عليه الصلاة والسلام. من اليهود تعنتاً واستكباراً. ولبث يجاهر بدعوته, ويجادل المنحرفين من كهنة وكتبة. ويدلهم على الله. ويأمرهم بالاستقامة حتى ضاقوا به ذرعاً. فقرروا التخلص منه.
واجتمع عظماء اليهود وأحبارهم. وتشاوروا في أمره. وقالوا: إنا نخاف أن يفسد علينا ديننا. ويتعبه الناس. فقال رئيسهم: لأن يموت رجل واحد خير من أن يذهب الشعب بأسره. فسعوا به لدى الحاكم الروماني(بيلاطس النبطي) الحاكم باسم (القيصر) وزينوا له دعواهم. وأنه يريد أن يكون ملكاً على اليهود. وعلم عليه الصلاة والسلام بمكرهم. فاختفى. ودخل إلى (بيت المقدس) على حماره وتلقاه أصحابه. فقال: (إن بعضكم ممن يأكل ويشرب معي يسلمني). ثم جعل يوصي أصحابه قائلاًقد بُلّغت الساعة وأنا ذاهب إلى حيث لايمكنكم أن تجيئوا معي. فاحفظوا وصيتي. فسيأتيكم (الفار قليط) تعني باليونانية (أحمد) وهو الذي بشر به يكون معكم نبياً فإذا أتاكم(الفار قليط) بروح الحق والصدق فهو الذي يشهد علي. وإنما كلمتكم بهذا كيما تذكروه إذا أتى حينه: فإني قد قلته لكم. فأما أنا فإني ذاهب إلى من ارسلني فإذا ما أتى روح الحق يهديكم إلى الحق كلية. وينبئكم بالأمور البعيدة ويمدحني. وعن قليل لاتروني .. ثم رفع المسيح عينه إلى السماء وقال: حضرت الساعة.. إني قد مجدتك في الأرض والعمل الذي أمرتني أن أعمله فقد تممته).
وانصرف عليه الصلاة والسلام بعد ذلك مع تلامذته إلى المكان الذي يجتمع فيه معهم. وكان من ضمنهم رجل خائن يقال له (يهوذا الأسخريوطي) أحد الحواررن المنافقين. فلما رآى هذا الخائن الشرط يطلبون المسيح ليقتلوه دلهم عليه مقابل (ثلاثين درهما) فما دخلوا المكان الذي كان فيه المسيح. ألقى الله شبهه على ذلك الخائن(يهوذا الأسخريوطي) فأخذوه وهم يظنونه(عيسى).
فقتلوه وصلبوه. ورفع الله سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام . قال تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ}.
وكان عمره عليه الصلاة والسلام حين رفعه الله(33) سنة فتكون مدة دعوته لبني إسرائيل(ثلاث سنين) لأن بعثته كانت في الثلاثين من عمره صلوات الله وسلامه عليه. هذا وقد ورد في كتاب (حياة وأخلاق الأنبياء) للشيخ أحمد الصباحي عوض الله (ص/ 303) مانصه(قد عاشت مريم بعد رفعه ست سنين كانت حياتها نحو (خمسين سنة) ودفنت ببيت المقدس- وقبرها يزار إلى الآن)) كما ورد في كتاب (قصص الأنبياء) للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير (ص/ 616) مانصه: ((قال: وبلغني أن مريم بقيت بعد عيسى خمس سنين وماتت ولها ثلاث وخمسون سنة. رضي الله عنها وارضاها)). والله تعالى أعلم.
اضافة رد مع اقتباس