مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 20/08/2007, 04:33 PM
أحبك ياسامي9 أحبك ياسامي9 غير متواجد حالياً
في انتظار تفعيل البريد من قبل العضو
تاريخ التسجيل: 10/03/2006
المكان: اختراق العضويات
مشاركات: 2,458
المعصية تنسي العبد نفسه

ومن عقوباتها : أنها تنسي العبد نفسه . وإذا نسى نفسه أهملها وأفسدها وأهلكها. فإن قيل : كيف ينسى العبد نفسه ! وإذا نسى نفسه فأي شيء يذكر ؟ وما معنى نسيانه نفسه ؟

قيل : نعم ينسى نفسه أعظم نسيان , قال تعالى : (( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون )) . سورة الحشر الآية 19.

فلما نسوا ربهم سبحانه نسيهم وأنساهم أنفسهم . كما قال الله تعالى : (( نسوا الله فنسيهم )). سورة التوبة الآية 67.

فعاقب الله من نسيه عقوبتين :

أحداهما: أنه سبحانه نسيه .

والثانية: أنه أنساه نفسه .

ونسيانه سبحانه للعبد إهماله وتركه وتخليه عنه وإضاعته . فالهلاك أدنى إليه من اليد للفم .

وأما إنساؤه نفسه لحظوظها العالية , وأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها وما تكمل به, ينسيه ذلك جميعه فلا يخطره بباله .

ولا يجعله على ذكره , ولا يصرف إليه همته فيرغب فيه , فإنه لا يمر بباله حتى يقصده ويؤثره .

وأيضا فينسيه عيوب نفسه ونقصها وآفاتها, فلا يخطر بباله إزالتها.

وأيضا ينسيه أمراض نفسه وقلبه وآلامها , فلا يخطر بقلبه مداواتها , ولا السعي في إزالة عللها وأمراضها التي تؤول به إلى الفساد والهلاك , فهو مريض مثخن بالمرض , ومرضه مترام به إلى التلف , ولا يشعر بمرضه , ولا يخطر بباله مداواته , وهذا من أعظم العقوبة العامة والخاصة .

فأي عقوبة أعظم من عقوبة من أهمل نفسه وضيعها , ونسى مصالحها وداءها ودواءها , وأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها وحياتها الأبدية في النعيم المقيم ؟ ومن تأمل هذا الموضع تبين له أن أكثر هذا الخلق قد نسوا حقيقة أنفسهم وضيعوها وأضاعوا حظها من الله , وباعوها رخيصة بثمن بخس بيع الغبن , وإنما يظهر لهم هذا عند الموت , ويظهر هذا كل الظهور يوم التغابن , يوم يظهر للعبد أنه غبن في العقد الذي عقده لنفسه في هذه الدار , والتجارة التي أتجر فيها لمعاده , فإن كل أحد يتجر في هذه الدنيا لأخرته .


من كلام ابن القيم الجوزية في كتلبه الداء والدواء
نقلته لكم لعل الله ان ينفع به
اضافة رد مع اقتباس