هل سمعتم بواعظٍ أمريكي !!؟
العداءُ قائمٌ - ما دامت السماوات و الأرض - بين الحق و الباطل و بين العدل و الجور. يؤكد ذلك لنا آلاف السنين و عشرات الملاحم العظام التي رسمت تاريخ البشر من لدن آدم عليه السلام إلى عهدنا هذا.
يخطئ كثيراً من يظن أن القوي سيحترم الضعيف و يعطيه حقوقه و ينسى أن يكلف نفسه عناء قراءة التاريخ الذي رصد لنا أن الشعوب لم تنل استقلالها إلا بدم أبنائها لا بعطف أعدائها عليهم. و بين لنا التاريخ القريب أيضاً أن الذئب لا يهرول عبثاً و أن أنياب الليث إذا بدت لنا فلا تعني أبداً أن الليث تحول بقدرة قادر إلى حملٍ وديع يوزع ابتساماتٍ بلهاء على إخوانه من الغنمِ و الضأن و البقية ممن ألف و تعود أن يؤكل لحمه و يُمص دمه و هو لا يملك إلا صوته فقط.
اليوم يطالعنا بوش – كعادته – بإعلانٍ يضحك الثكلى خلال حديثه في المركز الإسلامي في واشنطن وهو عبارةٌ عن – و أرجو أن لا يضحك أحد - تعيين مبعوثٍ خاصٍ لدى منظمة المؤتمر الإسلامي (!!!) ، وقال – فضَّ الله فاه – إن مبعوثه "سيستمع ويتعلم من الدول الاسلامية وسيتبادل معهم الرؤى والقيم الاميركية"
الرؤى و القيم الأمريكية !!!؟ نحن نعرف جيداً تلك القيم ، أليست هي ذاتها التى ذاق لظاها شعبين مسلمين ممن سترسل مبعوثك ليتبادل معهم رؤاك و قيمك بكل صفاقة. ما ثقل الدم هذا التي ابتليت به الأرض. ألم تقم هذه القيم بقتل أكثر من مليون طفلٍ عراقي عبر حصارٍ ظالمٍ على الشعب العراقي لأكثر من اثني عشرة سنة. كلما أعدت قراءة الخبر في صحيفة الشرق الأوسط انتابتني حالةً من الضحك.
هل هذا الرجل جادٌ فيما يقول : القيم الأمريكية !! يا أخوان هل رأيتم خيبةً أكبر من هذه؟ إذا كنت مصراً على هذه الزيارة التاريخية فاختر موضوعاً غير القيم التي يتمتع بها أسرى جوانتنامو أو التي ذاق حلاوتها حميدان التركي و لا يزال. المواضيع كثيرة جداً اختر منها ما تشاء. تكلم عن الاختلافات بين القهوة الأمريكية و القهوة العربية أو عن الكبسة أو المطازيز و كيفية دمجها مع الكورن فليكس و البانكيك. المواضيع كثيرة و لا أظن أن معدي خطابك ستعييهم الحيلة. لكن قيم و رؤى فهذه شوي واسعة و لا أظن أحداً من محبيك و محبي الحلم الأمريكي – عفوكم بل الكابوس – سيستطيع أن يرقع لفخامتكم.
أنا في واقع الأمر لا ألوم بوش على ما فعل و يفعل ، فهو رجلٌ تحركه نبوءةٌ توراتية و أطماع دنيوية ، يعني حج و بيع مسابح ، لكنني ألوم من يصدقه من بني جلدتنا و كأننا بعد أن أصبحنا في آخر الركب حضارياً فقدنا كذلك القدرة على التمييز بين العدو و الصديق. حتى هؤلاء من صفاقتهم يردونا أن نصدق أنهم يحبون أمريكا لأنها حامية الديموقراطية. و هذه أكبر من كذبة أشعب.
لا بأس ، سنصدقكم فأنتم منا و فينا و تلبسون مثلنا لكن لدي سؤالٌ صغير جداً : لم لم تعمل هذه الديموقراطية في دعم حماس و من قبلها بعقد كامل الإسلاميون في الجزائر و كلاهما أتى بإرادة الشعب؟ آها ... وقف حمار الشيخ في العقبة. أقول لكم أنا لماذا ، لأن أمريكا و الغرب عموماً لا يردون لنا الديموقراطية – التي تحلمون فيها أنتم و إلا حتى هي لا نريدها – بل يريدون لنا ما تهوى أنفسهم و التاريخ القريب من 1980 إلى الآن شاهدٌ على ذلك.
المستقبل لهذا الدين و لأمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم - لا نشك في ذلك طرفة عينٍ - لكننا نرجو أن نكون ممن شرفه الله فأصبح ركناً راسخاً لهذا المستقبل عندما يأتي.
أخوكم.
اخر تعديل كان بواسطة » القاضي في يوم » 29/06/2007 عند الساعة » 12:38 AM |