بداية وبكل صراحة أقول إن الحديث عن رجال الحسبة او الهيئة كما هو معروف اجتماعياً يعتبر من المواضيع الصعبة والسهلة وهذا التناقض حقيقة أتصور انه جاء من واقع فهم كل واحد منا لدور هؤلاء ومدى اهميته في مجتمع حديث ويفترض انه مجتمع مدني ومؤسسي.
والواقع يؤكد ان وجود رجال الحسبة او الهيئة كما نحب ويحبون هم التسمية اصبح من الضرورات بشرط ان يكون لعملهم فلسفة محددة و معروفة للجميع لهم ولنا.
اليوم للفرد تكوينه الفكري والنفسي واحياناً العقائدي خاصة في ظل وجود عناصر غير مسلمة في بلادنا ومن واجب الهيئة ان تتعامل مع هذه الشريحة وفق إطار الداعية للإسلام.
بينما أعمل مع الطفل وفق رؤية تعتمد على إدراك ان هذا الصغير في ادق مراحل البناء وتكوين الاتجاهات نحو الآخر ونحو الدين، ومع المراهق وفق رؤية تحترم كل تكوينه النفسي المتشكك في كل شيء والرافض لكل شيء والمتذمر من كل سلطة دون تحديد، كذلك لابد ان يأخذ رجل الحسبة في إطار عمله الاختلاف بين السلوك والآخر وبين الجنس والآخر.
أعتقد ان هناك توجهاً في تطوير الأداء العملي عند رجل الحسبة وهذا ما نحتاجه الآن اكثر من اي وقت مضى، خاصة وان البعض من رجال الهيئة للأسف تختلط عندهم الأمور الى حد الإساءة للآخرين وهذا اخطر انواع الخطأ؟
نعم هناك أخطاء سلوكية من بعض الشباب من الجنسين في الأماكن العامة خاصة الأسواق متمثلاً في الغزل او إلقاء كلمة لهذه العباءة او تلك.. وحقيقةً هذا السلوك مرفوض ويجب الحد منه بين الشباب ولكن بشكل يحفظ كرامة الشباب إجمالاً.
أعتقد ان رجل الحسبة لو انه امسك بالشاب او الفتاة وبدلاً من نهره او ضربه أو الاتصال بأهله لاستلامه فقط قام بما هو اهم وهو اعطاء هؤلاء الشباب محاضرات دينية ومعلومات عن شباب الأمة الإسلامية ايام الخلفاء الراشدين وعن كفاح الصحابيات في صدر الإسلام.
أعتقد ان على المسؤولين عن رجال الحسبة ان يهتموا بتدريبهم على اسلوب التعامل مع الآخرين وان يكون لدى رجال الحسبة إلمام اكثر بعلم النفس والخصائص النفسية لكل مرحلة عمرية ولكل نوع، وعليهم ان يدركوا عن قناعة ان دورهم ليس سلطوياً بحتاً بل هو مزيج بين السلطة الأمنية والتوعية التربوية والدور الدعوي خاصة وانه كما اسلفت ان مدننا الكبيرة مليئة بغير المسلمين، والإلمام بهذه المسؤوليات او الأبعاد لدور رجل الحسبة في هذا العصر يتطلب ان يكون اعدادهم على اسس علمية واضحة الركائز والأدوار ولا بأس من اعادة النظر في آلية التعيين لرجال الحسبة بحيث يشترط فيهم التأهيل العلمي واللغة الاجنبية مع اخذ دورات في علم النفس وكيفية التعامل مع الشباب على وجه الخصوص.
أعتقد أن على رجال الحسبة ان يشكلوا علاقة اكثر ايجابية مع الشباب وان يشاركوا في الأنشطة الشبابية بشكل أكثر.
ولعل الاهتمام بتأهيل الفكر الاجتماعي عند الشباب المخطئ هو إحدى المهمات الأساسية لرجال الحسبة لأن ذلك الإعداد للأسف مازال ضعيفاً في المنهج المدرسي.
وهذا لن يكون بأسلوب النهر فقط بل ان البرامج المختلفة من مؤسسة الهيئة هي الأداة الأفضل لتحقيق ذلك ولعل ذلك ايضاً يجعل من الهيئات مراكز تأهيل وتربية وليس عقاباً وذلك بإكثار المحاضرات وانشاء مكتبة وخلاف ذلك، والحقيقة ان الهيئة تكون نجحت في مهمتها مع الشاب إن خرج منها وقد استزاد معلومة عن دينه والفكر الإسلامي وخاصة المرتبط بالسلوك الاجتماعي بين الأفراد.