مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 19/06/2002, 12:30 AM
طالب العلم طالب العلم غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 11/10/2001
المكان: الامارات - دبي - ديره
مشاركات: 277
النصيحة الذهبية لمن إنشغل بالأمور الثانوية

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:

أنقل لكم من شريط سلسلة لقاءات مع العلماء وفي هذا اللقاء كان لقاء مع الشيخ صالح الفوزان حفظه الله وراعاه سؤال قد اجاب عليه الشيخ، وبالله التوفيق:

يا فضيلة الشيخ يلاحظ على الشباب في هذه الاونة الاخيرة إهمالهم في تعلم العقيدة ومدارستها ومراجعتها والأهتمام بذلك وإنشغالهم بأمور أخرى، فما توجيه فضيلتكم لهؤلاء الشباب؟

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وسلم على نبينا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين، أما بعد:

فإنني أنصح للشباب ولغيرهم من كل مسلم أن يهتم بالعقيدة أولاً وقبل كل شيء لأن العقيدة هي الأمر الذي تبنى عليه جميع الأعمال قبولاً ورداً، فإذا كانت العقيدة صحيحة موافقة لما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام خصوصاً خاتم الرسل محمداً صلى الله عليه وسلم فإن سائر الأعمال تقبل مع العقيدة الصحيحة إذا كانت هذه الأعمال صادرة عن إيمان خالصة لوجه الله سبحان وتعالى وموافقة لما شرعه الله ورسوله‘ وإذا كانت العقيدة فاسدة أو كانت عقيدة ضالة مبنية على العوائد وتقليد الأباء والأجداد أو كانت عقيدة شركية فإن الأعمال كلها مردودة لا يقبل منها شيء لأنه الله سبحان وتعالى لا يقبل من الأعمال والأقوال والأفعال إلا ما كان خالصاً لوجه الله الكريم وصواباً على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

من كان يريد النجاة بنفسه ويريد قبول أعماله ويريد أن يكون مسلماً حقاً عليه أن يعتني بالعقيدة بأن يعرف العقيدة الصحيحة وما يضادها وما يناقضها وما ينقصها حتى يبني أعماله عليها وذلك لا يكون إلا بتعلمها من أهل العلم وأهل البصيرة، بإن يتلقى عقيدته عن أهل العلم الذين تلقوا عقيدتهم عن سلف هذه الأمة فلابد لكل مسلم أن يهتم بتعلم العقيدة ومعرفتها ومعرفة ما يخالفها وما ينقصها، قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ " [سورة محمد: 19].

وقد ترجم البخاري رحمه الله هذه الاية، فقال فيها: باب العلم قبل القول والعمل وساق هذه الآية الكريم حيث بدأ الله سبحانه وتعالى بالعلم قبل القول والعمل، وقال تعالى: " وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " [سورة العصر]، فرتب السلامة من الخسارة على مسائل أربع:

الأولى والثانية: الإيمان ويعني الإعتقاد الصحيح والعمل الصالح والأقوال الصالحة، وعطف الأعمال الصالحة على الإيمان من باب عطف العام على الخاص، لأن الأعمال داخله في الإيمان وإنما عطفها عليها إهتماماً بها.

الثالثة: وتواصوا بالحق، ويعني ادعوا إلى الله وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ولما اعتنوا بإنفسهم أولاً وعرفوا الطريق دعوا غيرهم إلى ذلك لأن المسلم مكلف بالدعوة إلى الله سبحان وتعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الرابعة: وتواصوا بالصبر، وهو الصبر على ما يلاقونه في سبيل ذلك من التعب والمشقة فلا سعادة للمسلم إلا اذا حقق هذه المسائل الأربع.

أما الأهتمام بالثقافات العامة والأمور الصحفية وأقوال الناس وما يدور في العالم، فهذه إنما يطلع عليها الإنسان بعدما يحقق التوحيد ويحقق العقيدة ويطلع على هذه الأمور من أجل أن يعرف الخير من الشر ومن أجل أن يحذر من ما يدور في الساحة من شرور ودعايات مضللة، ولكن هذا بعدما يتسلح بالعلم ويتسلح بالعقيدة الصحيحة ويتسلح بالإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما يدخل في مجالات الثقافة والأمور الصحفية وأمور السياسة وهو على غير علم بعقيدته وعلى غير علم بأمور دينه فإن هذا لا ينفعه شيء بل هذا يشتغل بما لا فائدة له منه ولا يستطيع أن يميز الحق من الباطل وكثيراً ممن جهلوا العقيدة واعتنوا بهذه الأمور ضلوا وأضلوا ولبسوا على الناس بسبب أنهم ليس عندهم بصيرة وليس عندهم علم يميزون به بين الضار والنافع، وما يؤخذ وما يترك، وكيف تعالج الأمور ولهذا حصل الخلل واللبس عند كثير من الناس لأنهم دخلوا في مجالات الثقافة ومجالات السياسة من غير أن يكون لديهم علم بعقيدتهم وبصيرة من دينهم، فحسبوا الحق باطلاً والباطل حقاً.

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله.