الموضوع: فنجان قهوة
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #4  
قديم 28/02/2007, 10:50 AM
جني نت جني نت غير متواجد حالياً
موقوف
تاريخ التسجيل: 15/12/2006
مشاركات: 1,614
من يحرك الموجة؟



قبل مدة، نشرت إحدى الصحف البريطانية شكوى من محام شاب في الثلاثينات من عمره يقول فيها: “لست متزمتاً ولا متطرفاً، وأكثر ما يثير غضبي هو تلك العظات المملة التي يلقيها دعاة الأخلاق علينا، ويجعلون تعاليمهم فيها كحد الموسى يقطع كل ما يتعداه، وفي كثير من الأحيان يبيحون لأنفسهم حرية نزع صفة الأخلاق عن غيرهم. ولكن يبدو أنني كنت مخطئاً في تصوراتي، فقد دفعني الفضول قبل أيام إلى تصفح المجلات التي تقرأها ابنتي التي لا يزيد عمرها على تسع سنوات، وهي مجلات أطفال بالمناسبة، ومن المفروض أن تكون موجهة للأطفال دون الرابعة عشرة من العمر، فماذا وجدت؟ موضوع الغلاف في إحداها بعنوان: “لا استطيع مقاومة استاذي”، وهو يتحدث عن علاقة مشينة وغير مشروعة بين استاذ وتلميذته الطفلة، وموضوع الغلاف في مجلة أخرى عن فتيات دون الثالثة عشرة يمارسن علاقات غير مشروعة مع أصحاب محلات تجارية في مقابل استعارة فساتين من محلاتهم يظهرن فيها بمظهر لائق أمام زميلاتهن. وفي بريد القراء رسالة من طفلة في الثامنة تقول إنها ضبطت صوراً غير محتشمة لوالدتها في شنطتها، ورزمة من الرسائل العاطفية، وتسأل: كيف أتصرف؟ إلى آخر ما هنالك من مواضيع هي في الواقع للكبار فقط، ولا يجوز أن يطلع عليها الأطفال.
ويسأل المحامي الشاب في رسالته:إلى أين؟ وهل تسير الحضارة الأوروبية إلى المصير نفسه الذي آلت إليه الحضارة الرومانية القديمة عندما انتشرت الإباحية في كل الأوساط، ونخرت مجتمعاتها من الداخل، وأسقطتها قبل أن تسقطها جحافل الغزاة؟
وأثارت رسالة المحامي الشاب ردود فعل واسعة بين القراء، فانهالت الرسائل على الصحيفة، كما تلقى المحامي مئات المكالمات الهاتفية في منزله، وأجرت محطة “أم تي في” التلفزيونية مقابلة معه مهدت لها باستطلاع موسع عن الإباحية في المجتمعات الغربية، جاء فيه أن التحريضات التي تنشرها أجهزة الإعلام البريطانية والفضائيات العالمية جعلت معدل تعرف الفتاة البريطانية إلى الجنس يهبط إلى 13 سنة، وأن هنالك 130 ألف فتاة في بريطانيا دون الخامسة عشرة يراجعن المراكز المختصة ويطلبن النصيحة حول أمور جنسية، وهذا المعدل يزيد ثلاثة أضعاف على مثيله قبل عشر سنوات. وجاء في التحقيق أن المجلات الخاصة بالأطفال والمراهقين في الغرب بدأت تلجأ إلى المواضيع الجنسية لضمان الرواج، ومثال على ذلك فإن مجلة اسمها “بليس” وصلت مبيعاتها إلى 322 ألف نسخة رغم أنه لم يمض على صدورها سوى السنتين، بسبب نشرها مواضيع من النوع الذي يعترض عليه المحامي الشاب، ومنها موضوع موجه للفتيات عنوانه: “أنت في أوج جاذبيتك بين الثانية عشرة والخامسة عشرة”، و”اعطه الحب الحقيقي، واضمني بقاءه إلى جانبك”، و”ما ترغبين في التحدث عنه أكثر من أي شيء آخر، سواء جربته أم لا”، و”عرفت 40 صبياً خلال ثلاثة أشهر”.
وفي المقابلة التي أجرتها “أم تي في” مع ناشري هذه المجلات قال آلي أوليفر، من مجلة “بليس”: “إننا نتعامل مع فئة من العمر محاصرة بالحديث عن الجنس في كل أجهزة الإعلام: وعندما تطرق الحديث إلى دور المجلات الموجهة إلى الأطفال والشباب في خلق النموذج الأخلاقي الذي ينبغي أن يتخذه القراء قدوة لهم، والدفاع عن هذا النموذج، وتجميله في عيون الناس، قال ناشر مجلة “شوجار”، التي توزع 367 ألف نسخة أسبوعيا: “لن نتمكن من تسويق هذا النموذج للشباب، لأننا إن فعلنا ذلك خسرنا القراء، ولن يتيسر لأحد الاطلاع على صورة النموذج الذي ندافع عنه”.
وانتهت الندوة إلى لا شيء، وبقيت صرخات الآباء والمربين مجرد صرخات على أعمدة الصحف.
اضافة رد مع اقتباس