رئيس لجنة الحكام الرئيسية: اتهام حكامنا والتشكيك في نزاهتهم أمر غير مقبول يشدد المراقبون لكرة القدم السعودية على ان اكثر الاسقاطات التحكيمية التي تزايدت في الملاعب المحلية خلال العقد الاخير ربما تضر باداء الكرة في البلاد، في حالة استمرارها على هذا النحو ما لم يتدخل اتحاد كرة القدم المحلي لوضع حد فاصل لما يحدث.
وبالنظر الى الحال الذي يعيشه واقع الحكم السعودي يجد المتابع ان اتجاهات متعددة ساهمت وبشكل فاعل في تراجع ادائه، مما جعله عرضة للتشكيك في نزاهته من قبل مسؤولي الاندية المحلية واعضاء شرفها، ومن قبل بعض النقاد الكرويين ولعل آخر هؤلاء ما قاله عضو شرف نادي الاتحاد السعودي منصور البلوي في أحاديث صحافية متعددة وعبر قنوات فضائية متنوعة بان الحكم السعودي ظافر ابو زنده الذي ادار لقاء فريقه امام الهلال في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين تعمد ان يخرج الاتحاد خاسرا من المباراة. واشار ايضا الى ان ناديه «الاتحاد» يعمل ميدانيا لكسب البطولة في حين انه المح في الوقت ذاته بان مسؤولي الهلال يسعون لخطف البطولات بالعمل من وراء الكواليس وداخل المكاتب.
ويرى بعض مسؤولي الاندية السعودية ومن بينهم عضو شرف نادي الهلال ورئيسه السابق الامير بندر بن محمد ان ما حدث لمستوى الحكم السعودي خلال العقد الاخير من تراجع في الاداء كان بسبب نظام المربع الذهبي في الدوري المحلي حيث تشكل منافساته ضغطا كبيرا على لجنة الحكام الرئيسية وحكامها مما افقدها السيطرة وعدم القدرة على اختيار حكام متميزين واكفاء لادارة مباريات المنافسات المحلية النهائية.
ويبدو ايضا ان الحملات المنظمة التي يشنها بعض مسؤولي الاندية على الذين يديرون المباريات قبل المنافسات بفترة قصيرة لاجل التأثير على قرارات الحكام هي ما توقعهم في اخطاء متعددة ليس قصدا او تعمدا، وانما ارتباكاً وعدم قدرة على اتخاذ القرار المناسب وهو ما يجعل الحكم السعودي عرضة للشتم والاتهام والتشكيك في نزاهته.
ولان حكم كرة القدم يظل عنصرا فاعلا في المنافسات عبر حميع مستوياتها، فان «الشرق الأوسط» حاولت جاهدة استطلاع اراء رئيس لجنة الحكام الرئيسية السعودية عمر الشقير والحكم الدولي عمر المهنا ولاعب وسط فريق الهلال السعودي المعتزل فيصل ابوثنين حيث اكد الشقير ان ما يحدث حاليا امر غير مقبول اطلاقا، ولا يقبله أي شخص، مشددا على ان التشكيك في نزاهة الحكم السعودي بلغ امرا لا يحتمل ويجب على مسؤولي الرياضة السعودية حماية الحكام من هؤلاء.
واضاف: اتهامنا بعدم النزاهة غير مقبول، وطالب مسؤولي الاندية واعضاء الشرف ووسائل الاعلام بان لا يعلقوا اخطاءهم على شماعة التحكيم. وقال: نحن نسعى الى اصلاح اخطائنا ونرفض تماما ما يثار ضدنا واطالب هؤلاء بالنقد الهادف البناء والابتعاد عن التجريح الشخصي.
واشار رئيس لجنة الحكام الرئيسية الى انه من المفترض ان تمنع التصريحات الاستفزازية التي تؤلب الجماهير والاعلام على الحكام.
وقال: حكامنا من افضل الحكام على المستوى الاقليمي والقاري، واعتقد ان الامير سلطان بن فهد ونائبه الامير نواف بن فيصل قدما كل الدعم المادي والمعنوي للحكام لاجل تطوير ادائهم وذلك باقامة معسكرات وايجاد دورات، فضلا عن المتابعة الشخصية من قبل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ونائبه.
وكشف الشقير ان لجنته ستقوم بالتواصل مع الانداية ابتداء من الموسم المقبل، وذلك بعمل زيارات توعية عن التحكيم وتبادل الاراء والاقتراحات والاستفادة من اراء مسؤولي الاندية، موضحا انه يسعى من اجل المزيد من التقارب مع الاعلام بالاجتماع مع منسوبيه قبل انطلاقة الموسم المقبل.
ومن جانبه رأى الحكم الدولي عمر المهنا ان ما يحدث الآن من انتقادات واسعة ليس لمصلحة الحكم السعودي، وليس لصالح كرة القدم السعودية.
وأيد المهنا القرارات التي تصدر بشأن ايقاع العقوبات ضد الحكام في حالة الوقوع في اخطاء قاتلة، مستطردا في الوقت ذاته بقوله ان التشهير غير مطلوب وهو ما يقوم به الاعلام حاليا. ووصف الحكم السعودي ظافر ابو زنده بانه من ابرز الحكام على المستوى المحلي، موضحا ان لديه الخبرة ويملك ثقافة متميزة في المجال الذي يعمل فيه.
واضاف: هناك من يطالب باسناد المباريات النهائية لحكام دوليين، واعتقد ان ذلك ليس امرا مهما، واحب ان اوضح بانه سبق لي ادارة نهائي لكأس الملك وانا حكم في الدرجة الثانية وكذلك فعل الحكم المعتزل محمد فودة، مؤكدا ان الدرجة ليست عائقا لتميز الحكم سواء كان ظافر ابو زنده أو غيره. ورفض المهنا ان يحمل لجنة الحكام الرئيسية ضعف مستوى حكامها، موضحا انهم مهيأون تماما ومن جميع النواحي.
وطالب الرئاسة العامة لرعاية الشباب باصدار تعليمات بمنع مسؤولي الاندية من التصريحات التي لا تخدم كرة القدم السعودية واثارة الجماهير فقط. واضاف: يجب ان لا يقتصر المنع فقط على مسؤولي الاندية واعضاء الشرف بل يجب ان يمتد الى وسائل الاعلام التي تخرج دائما عن الاطار المحدد لها.
واتهم لاعب الهلال المعتزل فيصل ابوثنين مسؤولي الاندية السعودية بالجهل في قوانين الفيفا الخاصة بمجال التحكيم ،مبينا ان هؤلاء الرؤساء بحاجة الى زيادة في الوعي ومعرفة القوانين جيدا ثم يحق لهم بعد ذلك ابداء ارائهم ضد حكام كرة القدم. واضاف: رئيس النادي لا يملك بعد خسارة فريقه سوى انتقاد حكم المباراة واستطيع الجزم بانه لا يفقه في قانون التحكيم بيد انه يسعى لوضعه شماعة فقط.
ورأى ابوثنين ان من اسباب تراجع آداء الحكم السعودي التصريحات الافتعالية والاستفزازية من قبل مسؤولي الاندية حتى ولو كانت بدون مبرر.
وأضاف: الحكم السعودي يعاني من عدم وجود حماية له في ظل الحملات المركزة عليه طوال الاعوام الماضية، واعتقد ان اتحاد كرة القدم السعودي مطالب بحمايته والوقوف امام كل من يهاجم الحكام ومعاقبته بشدة.
وقال: اوكد ان الحكم ا لسعودي يظل متميزا لاسيما انه ينجح خارجيا ويفشل داخليا وكل ذلك يعود الى عدم ثقة الحكم بنفسه داخليا جراء ما يتعرض له من انتقادات وتشكيك في نزاهته.
واستغرب لاعب الهلال السابق من الذين يطالبون بحكام اجانب، مشددا على ان هؤلاء هم من جردوا الحكم المغربي سعيد بلقوله من افضليته حتى وصل الامر الى اتهامه بالرشوة! واشار ابوثنين الى ان الحال ذاته ينطبق على الحكم الاماراتي علي ابو جسيم الذي لاقى انتقادات متعددة ومنظمة بعد مباراة الاتحاد مع الهلال عام 1995 في بطولة النخبة العربية.
وقال ان الاتهامات ستبقى حتى لو استعان الاتحاد السعودي بحكام اجانب، مشددا على ان حماية الحكام السعوديين ومنع التصريحات ستجعل الثقة تعود الى نفوس الذين يديرون منافساتنا المحلية.
ورفض ابوثنين فكرة تطبيق العقوبات ضد الحكام لا سيما انه يأخذ القرار في اقل جزء من الثانية. واضاف: في حالة تطبيقه سيترك الحكام مهمتهم لان العقوبات ستطالهم على اقل الاخطاء. والى ذلك من الاراء نجد ان حكام كرة القدم في السعودية اصبحوا عرضة للمهاترات والتشكيك في نزاهتهم باسباب متنوعة يأتي ابرزها تقصير لجنة الحكام الرئيسية المنبثقة من اتحاد كرة القدم السعودي في اعداد حكامها على الشكل المطلوب سواء كان من الناحية الفنية او النفسية او الميدانية وهو ما يجعل اداءهم متواضعا، فضلا عن انهم غير مهيئين لاتخاذ القرار بسبب التردد واخذهم مواقع غير مناسبة في حالة حدوث الاخطاء.
ومن الاسباب ايضا اعطاء مسؤولي الاندية واعضاء الشرف وكذلك لاعبي الفرق والمدربين ووسائل الاعلام الفرصة في تجريح الحكام ونقدهم بدون مبرر ووصفهم بأسوأ الالقاب مما يؤثر على نفسياتهم ويجعلهم عرضة للوقوع في الاخطاء، كما ان المجاملات التي تحدث في لجنة الحكام عند تكليف اي حكم بادارة المباراة لها دور في ما يحدث من تدهور مستوى الحكام حيث يتم الاختيار على اسس غير منطقية بعيدة كل البعد عن الافضلية في الاداء وجعلها على اساس الصداقات وغيرها فقط.
واخيرا موافقة اللجنة لبعض توجهات الحكام الذين يمتنعون عن ادارة مباريات معينة بحكم انهم يميلون الى ذلك الفريق وبالتالي لا يرغب في قيادة مبارياته، مع العلم بانه في الوقت ذاته يقود لقاءات الفريق المنافس للفريق الذي ينتمي اليه وهو ما يوقع لجنة الحكام الرئيسية في احراجات كبيرة لا سيما في المنافسات النهائية.
ولذلك فان اتحاد كرة القدم السعودي سعى قبل يومين قي اجتماعات عقدها برئاسة الامير نواف بن فيصل نائب الرئيس العام لرعاية الشباب الى وضع ضوابط لا يمكن الخروج عليها من اجل حماية الحكام حيث قرر المجتمعون وضع ضوابط لما يصدر عن منسوبي الاندية في وسائل الاعلام المختلفة وكذلك مراقبة الاخطاء التي تقع خلف اعين الحكام عن طريق الكاميرات التلفزيونية.
ويؤكد نقاد كرويون ان من ابرز الحلول لما يحدث حاليا من انتقادات متتالية لمستوى حكام كرة القدم السعودية هو تكوين لجان متعددة عقب كل مباراة محلية للنظر في مستوى اداء الحكام والعمل على ايضاح الاخطاء التي وقعوا فيها بحضورهم شخصيا وعرض هذه الاخطاء في برامج تلفزيونية اسبوعية يتم لتحليلها بواسطة خبراء في مجال التحكيم معينين من قبل الاتحاد المحلي.
ومن ذلك ايضا محاسبة الحكام على اخطائهم واعلان ذلك عبر وسائل الاعلام المختلفة مع تقدير المتميزين وتكريمهم والعمل على ان تكون العقوبات المفروضة على الحكام متدرجة حسب الاخطاء التي تحدث في المباراة لا سيما التي تغير مجرى المنافسات.
ومن ذلك منع مسؤولي الاندية واعضاء الشرف وكذلك وسائل الاعلام من التشكيك في نزاهة الحكام وتجريحهم قبل وبعد كل مباراة مع اخضاعهم للتحقيق في حالة ثبوت ذلك وايقاع اشد العقوبات عليهم بتطبيق الغرامات المالية ثم الوقف والشطب في حالة استمرارهم في التشهير بالحكام، والاساءة لهم واللمز باسمائهم كما فعل رؤساء اندية سابقون لا سيما الذين تعجز فرقهم عن تحقيق الالقاب ليكون اتهام الحكام هو البديل والسبيل لهم عن الصعود لمنصات التتويج.
وللرفع من كفاءة الحكم السعودي لا بد من اقامة المعسكرات الخارجية في الدول المتطورة في هذا المجال والهدف من ذلك تطوير ادائه والسعي نحو تزويده بآخر المستجدات في قوانين الفيفا ودراسة كيفية التعامل مع القرارات عند اتخاذها واخذ المواقع المناسبة عند وقوع الاخطاء.
وكذلك من الحلول اعطاء الحكام الفرصة في التصريح والدفاع عن انفسهم وابداء ارائهم حيال القرارات التي يتخذونها اثناء المباريات واختيار خبراء سعوديين في هذا المجال وتدعيم ذلك بخبراء اجانب على مستوى كبير من الكفاءة وتكوين لجنة رئيسية منفتحة على الاعلام وتتعامل مع حكامها على اساس الافضلية في الاداء فقط.
ومن ذلك ايضا السعي نحو ايجاد قاعدة صلبة من حكام كرة القدم واخضاعهم لدراسة قوانين الاتحاد الدولي باسلوب علمي وصقلهم ليكونوا نواة قوية وداعمة لكرة القدم السعودية، وان تعمل اللجنة الرئيسية للحكام على البعد عن تبرير الاخطاء من اجل التبرير فقط والسير نحو كشف الاخطاء حتى لو كانت كبيرة ومعالجتها واستئصالها من جذورها.
ومن الحلول المقترحة ابعاد اي حكم يرفض ادارة اي مواجهة معينة بحجة ميله الى ذلك الفريق وغرس الثقة في نفوس الحكام من اجل مستقبل سعودي متميز في هذا المجال. ويؤكد المتابعون انه اذا عولجت الاسباب وطبقت الحلول فان الجماهير السعودية سترى موسما كرويا متميزا.
***************************
المصدر :- جريدة الشرق الأوسط
تقبلوا تحيات أخوكم : الصوت الهلالي |