مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #41  
قديم 19/10/2006, 05:30 AM
تهاني الهلاليه تهاني الهلاليه غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 19/08/2006
المكان: أيِنـَمَـا حـَـلَ الهـَـلآل
مشاركات: 2,944
غزوه حنين


وبهذا الفتح دانت للإسلام جموع العرب، ودخلوا في دين الله أفواجاً. غير أن قبيلتي هوازن وثقيف أخذتهم العزة والأنفة وتجمعوا لحرب المسلمين في مكة، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج لهم في اثني عشر ألف مقاتل (وهو أكثر جنده عليه الصلاة والسلام)، فلما وصل جيش المسلمين إلى وادي حنين كان العدو كامناً في شعابه، فقاموا على المسلمين قومة رجل واحد قبل أن يتمكن المسلمون من تهيئة صفوفهم، فانهزمت مقدمة جيش المسلمين، وكاد جيش المسلمين يتفرق مع كثرة عدده، فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عمه العباس أن ينادي في جيش المسلمين بالثبات، فاجتمعوا واقتتل الفريقان، ولم تمض ساعات حتى انهزم الأعداء هزيمة شديدة.







غزوة الطائف


بعد أن كتب الله النصر للمؤمنين في غزوة حنين، توجه رسول الله صلى الله عليه و سلم في شوال عام 8هـ قاصداً الطائف يريد فتحها، وانتدب لتلك المهمة خالد بن الوليد رضي الله عنه؛ حيث جعله على مقدمة الجيش، وطلب منه أن يسير أولاً لمحاصرتها. وكانت قبيلة ثقيف - وهم أهل الطائف - قد حصنت مواقعها، وأعدت عدتها، وتهيأت للقتال، والدفاع عن أرضها.
ولما وصل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الطائف نزل قريباً من الحصن، وأقام معسكره فيه، فانتهزت ثقيف الفرصة، وأخذت توجه سهامها إلى معسكر المسلمين، فأصابت منهم اثنا عشر رجلاً، كان منهم: عبد الله بن أبى بكر رضي الله عنه الذي استشهد على أثر رمية أصابت منه مقتلاً.
واستمر حصار رسول الله صلى الله عليه و سلم للطائف قرابة أربعين يوماً، تخللها العديد من المناوشات بين المسلمين والمشركين، ورغبة في إضعاف معنويات ثقيف، أخذ المسلمون في تحريق نخلهم، فناشدوا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يدعها لله وللرحم، فاستجاب لهم، ثم نادى منادى رسول الله صلى الله عليه و سلم : "أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر" فخرج منهم بضعة عشر رجلاً، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ودفع كل رجلٍ منهم إلى رجلٍ من المسلمين ليقوم بشأنه واحتياجاته.
ولما طال الحصار، وأصيب عدد من المسلمين استشار الرسول صلى الله عليه و سلم بعض القوم، ثم قرر رفع الحصار والرحيل، فعن عبد الله بن عمرو قال: (حاصر رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئا، فقال: إنا قافلون إن شاء الله، قال أصحابه: نرجع ولم نفتتحه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : اغدوا على القتال، فغدوا عليه فأصابهم جراح، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنا قافلون غدا، فأعجبهم ذلك، فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم ) رواه البخاري ومسلم.
وتروى كتب السير أن بعض الصحابة أتوا رسول الله وقت الحصار، وقالوا: يا نبي الله، ادعُ الله على ثقيف، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (اللهم اهد ثقيفاً وأت بهم). ثم أذن مؤذن رسول الله بالرحيل، فرحل الجيش وهم يقولون: (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون). وهكذا عاد المسلمون من غزوة الطائف، منتصرين وإن لم يفتحوا الحصن، منتصرين بإيمانهم، وثباتهم، وصبرهم، إضافة لما حصل من استسلام بعض أهل الطائف وإسلامهم.
ومما يستفاد من هذه الغزوة سرعة استجابة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، فبعد غزوة حنين مباشرة ساروا مع الرسول صلى الله عليه و سلم إلى الطائف لنشر دعوتهم، ومواجهة المعارضين لها، والواقفين في سبيلها. ويستفاد أيضاً ضرورة الأخذ بالوسائل الحربية، والاستراتيجية، والخطط النافعة، كما فعل الرسول صلى الله عليه و سلم ؛ حيث استخدم المنجنيق، وكان أول ما رمى به في الإسلام. ويستفاد أيضاً ضرورة التشاور وخاصة وقت المحن والشدائد، وعدم التفرد باتخاذ القرار، فالرسول صلى الله عليه و سلم شاور في فك الحصار، وذلك لبيان أهمية هذا المبدأ العظيم مبدأ الشورى. وقبل هذا وذاك نستفيد من أحداث هذه الغزوة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه و سلم من رحمة وشفقة بالآخرين، ولو لم يكونوا مسلمين، لأن مهمته تتمثل في هداية الآخرين وليس النيل منهم والكيد بهم، وفي دعوته صلى الله عليه و سلم لثقيف - وليس الدعاء عليهم - أبلغ دليل على ما ذكرنا. نسأل الله أن يوفقنا للصواب في أعمالنا وأقوالنا، وأن يجعلنا دعاة حق لدينه، والله الموفق، والحمد لله رب العالمين