الهلال.. القمر الغجري
السلام عيكم ورحمة الله بركاته
هذا المقال الرائع والأكثر من رائع للكاتب المغربي القدير والعاشق للكيان الأزرق (محمد بنيس) والذي كتبه في مجلة الزعيم التي صدرت بمناسبة بطولة الأمير فيصل بن فهد العربيه الحادية عشرة للأندية أبطال الكؤوس1421هــ -2000م
صح المقال قديم و مكتوب قبل ست سنوات لاكن لا يفوتكم
زرت السعودية كثيرا.. وفي كل مره أكون قد زرت فيه الهلال كثيرا!! في جنان رياض اللون والاسم والصفاء والتاريخ..وبين كل الدروب..والرياحين..والنسائم أحسست أني معتقل..معتقل من أول حب..تطوقني السلاسل الزرقاء..والجبال الزرقاء..يسيجك في اللاحدود..ولابد أن تحلم بفتنة الأزرق..أخذك..أبرق أطيافا في قلبك ودمك ووجدانك..وعندما شاهدت جماهير الهلال..في الشارع..عبر الأمكنه..في البيوت وعلى الأسمنت وعلى الحيطان..في الملعب..خارجه وداخله..عندما قابلت ربيع الهلال المخطوف من كل الأقدارالأمير عبدالله بن سعد (يرحمه الله). عندما أفتل قلبي وأدخلني مصقلة النجوم الأمير نواف بن محمد..وأسكنني بيوت هلاله المرصوصة بأغصان الزيتون والمرجان الأزرق. عندما أن عرفت صحفيي الحب الهلالي لا تلغي حبة رمل واحدة من شطآن البحار الزرقاء..عندما..استسلم نبضي ورفعت الراية البيضاء..وعندما رفعت رأسي ألفيت الراية الزرقاء..يا الهي..انها امبراطورية الأزرق!.
تحكي شهرزاد..أن الفجر الرياضي لونه بالأزرق فارس قزاحي اسمه عبدالرحمن بن سعيد..وانبهرت..أنه السعودي الوحيد الذي لا يلبس الغترة والعقال..وفرت كل شهرزادات الصباح أنه موقف يعود للجذور وللأصاله وللتاريخ..وتسائلت كم من جهد تكلف بن سعيد حتى يؤسس امبراطورية الحب الزرقاء..كم من جهد كلفه ليحبها كما يحبها.. وليحب كل ريشة عشب على أرض ملعبها..وكل سماء تغطيها؟
أخرجت مفكرتي وكتبت(هـ . ل . ا . ل . ي) وكتبت (س . ع . و . د . ي) نفس عدد الحروف وكأنها مطرزه بنور كل سماء وكل بحار..فعلت ذلك لأني أحسست فعلا أنه يستحيل أن يوجد سعودي غير هلالي!!.
مره في الطائرة..رحلة من الرياض الى الدار البيضاء..كان بجانبي شابان سعوديان يتجاذبان الحديث عن الرياضة وانتقلا للهلال فتدخلت..سائلا..فأجبت..وذكرت أسماء اللاعبين والرؤساء و..و..وأمام تعجبهما أعلنت أنني أتوفر على عضوية نادي الهلال..فقالا أين هي؟ قلت..شقوا صدري..هناك مرتعها في القلب..فالحب ليس في حاجة الى عضوية شرفيه ولا الى عضوية مكتب ولا الى حمل لافتات..حملق كل منهما ف الآخر..فتمتم أحدهما: انها الهلال..قلت سعيدا..لابد من الشرطيه..ولكنها الهلال!!.
قرأت..سيعتزل القيصر الأنيق صالح النعيمه حجزت وكنت في رياض القزاحيات..فقاموا بتكريم المبدع البيكنباوري..وقاموا بتمزيق ضلوعي..كنت وما زلت أعشقه..يكتب..يغازل..يروي كل قصص الفرح بتمريره..يحكي روايات الخيزران بقذفة كسياط الريح..هو شامخ كجبال الهملايا في وجه العواصف المتمرده وفي الوجه الغادر لكل الغزاة..
كان الدعيع يوزع الزئير أمام عرينه..وكان فهد المصيبيح ينير كل فوانيس جداول الملعب..وكان يوسف الثنيان يراوغ أدغال البشر ونسائم الممرات..
والآن امتطى سامي الجابر جواده بزرقة سماء الصحراء..ليلون هضبات الضباب الانجليزيه وليزرع النجمات الهلاليه على بقاعها.
غربة التأريخ العربي علمت بعض المستلبين أن يحبوا مانشستر يونايتد..أو بايرن ميونخ..أو ميلانو وريال مدريد وبرشلونة..ولكن الأزرق علمني الغاء الاستلاب وعشق الهلال..عشق جذوري وحضارتي وثقافتي ولغتي..
وعندما يصرخ هاملت الشكسبيري<<اما أن أكون أو لا أكون..ذلك هو السؤال>> أصرخ أنا..اما أكون هلاليا أو..أكون الهلال..وذلك..فليس هناك سؤال.
شرفني الأمير نواف بن محمد مرة على مائدته..ذهبت بالزي المغربي وبالجلباب والبلغة الأصليين..وكانا باللون الأزرق..يا الهي..ما هذا..كان سموه لا يصدق ما حدث..ونادى كل مدعويه من أمراء وشخيات..كانو يلامسون ثوب جلبابي ويتمعنون النظر في تطريز قميصي..وكنت متيقنا أن انبهارهم كان..باللون الأزرق!!.
الهلال قمر غجري..هويته التنقل والترحال بين القلوب..الهلال..مليار كمان تسع راحة اليد الواحدة..
