مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 07/07/2006, 04:02 PM
القاضي القاضي غير متواجد حالياً
مشرف سابق بمنتدى المجلس العام
تاريخ التسجيل: 02/12/2001
المكان: حيث الأمل
مشاركات: 5,603
عبدالله و شِقُّ الروح الذي مات

التقنية الحديثة غيرت العالم و قربت الحبيب لحبيبه لكنها كذلك تحمل معها أخباراً لا تسر من يسمعها. كثيراً ما أفكر كيف سيكون حالنا بدون وسائل التقنية الحديثة في الاتصالات. هل سنكون أفضل مما نحن عليه الآن أو أن الحياة ستتوقف عن النمو و التغير. لست أدري.

قبل عدة أيام تلقيت مكالمة من صديقٍ قديم جداً. لي مع هذا الصديق قصص و قصص منذ ما يزيد عن الثلاثة عقود. فرقتنا مشاغل الحياة التي لا تنتهي فأصبح في مكانٍ آخر بعيد و في أسلوب حياة متغير. أبتعدنا عن بعضنا البعض لكن ذكرياتي معه حفرت في القلب فلا أستطيع نسيانه.

قال لي بعد السلام و السؤال عن الأخبار ، بصوته الدقيق و أسلوبه المعتاد و كأننا لازلنا صغاراً ، أن عبدالله "يطلبك الحلّ" . آمنت بالله . الله يغفر له و يرحمه.

مع قصر صداقتي مع عبدالله –رحمة الله تعالى عليه - إلا أنها كانت مثيرة جداً ، مثيرة للجدل و الشجن معاً. سافرنا سوياً ، تجادلنا ، اختلفنا كأقصى حد للاختلاف ، تصافينا كأمثل ما يكون الصفاء ، غضبت منه كما لم أغضب من قبل و لا حتى بعد ، و غضب مني غضباً لا أعرف مداه. لكننا كان يكمل أحدنا الآخر. كان لكل منا أحلامه التي ظلت أحلاماً وردية. لا زلت أقرأ بعضها في منتدنا هذا و أبتسم في داخل نفسي أن رويدكم لترو بأم أعينكم قسوة الحياة لتعرفوا أن الأحلام محلها القلب فقط ، لتمزقه و تحيله إلى أشلاء.

تخرجنا من الثانوية ، كنت أسبقه بسنة ، فالتحقت بجامعة البترول ثم قابلته في صيف ذلك العام و هو يتقد حياة. التحق هو في كلية عسكرية في تلك السنة. أصبحنا نتقابل كلما سمحت أوقاتنا لكن العمر يمضي و الحياة تتغير و الأنفس تتبدل.

هاتفني رحمه الله قبل نحو ثمان سنوات، و لم تعجبني لهجته ، فرددت عليه بحدة و تهكم و كان ذلك آخر اتصالٍ بيننا. آخر اتصال بين اثنين كانا يعدان صداقتهما من نموذج عالٍ. لم يتصل بي بعدها و لم أرد أنا اتصاله. هكذا انتهى كل شيء ليتصل بي صديق الطفولة ذاك ليخبرني أن عبدالله "يطلبك الحلّ".

أهٍ ... ما أهونك من حياة ..

رحلت يا عبدالله ولم أقابلك لأعاتبك و تعاتبني كما كنا نفعل من قبل. رحلت و في قلبي عليك حسرة و منك حرقة . رحلت يا عبدالله و أنا أعلم أن قلبك ، مع اختلافي الشديد معك ، أفضل و أبسط من قلب صاحبك.

أواه لو أجدت المحزون أواه ..

رحل عبدالله من هذه الدنيا الوضيعة و أسأل الله أن يكون قبرك أول منازلك في الجنة.

اللهم اغفر لعبدك عبدالله و تجاوز عنه و ابدل سيئاته حسنات.

أنتم يا أحبتي ، لا تصبحوا مثل أخيكم يضيع صاحبه فتموت جزءاً من روحه معه. أسألكم بالله لا تصبحوا مثلي.
اضافة رد مع اقتباس