مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #2  
قديم 28/03/2002, 06:14 AM
شيروكي شيروكي غير متواجد حالياً
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
موازنة :
من خلال هذا العرض تبرز الوجهتان في كفتين متقاربتين .
وإن كانت الوجهة الثانية تبدو راجحة في ضوء الاعتبارات المذكورة ، والتي يصعب إلغاؤها ، أو التقليل من شأنها .
وأما أدلة المنع فهي محل نظر .
*= فقوله تعالى : " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره " .
يمكن أن يقال : إن بإمكان داعي الحق أن يقوم بعمله دون أن يصاحب ذلك شيء من المحظورات كالاستهزاء أو الغناء أو الموسيقى ، أو الإعلانات التجارية غير المشروعة.
وإذا تحقق ذلك لم يكن خوض ثَمَّ ، فلا محذور إذن ، وبمثل هذا يجاب أيضاً عن حديث (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس ... الخ ) .
*= وأما قوله تعالى : " والذين لا يشهدون الزور " .
فإن تلك الوسائل في ذاتها ليست من الزور ؛ لأنها وسائل خير وشر ، ويمكن أن يخصص جزء من الوقت للإصلاح لا يصاحبه زور .
*= وأما القول بأن مشاركة أهل العلم والفضل تصفي الشرعية على الفضائيات فهو محل تأمل .
وربما اختلف ذلك بحسب الأشخاص والأحوال .
وإذا انتهينا إلى ترجيح القول الثاني للاعتبارات المذكورة فإنه لا بد من بعض القيود والشروط هنا .
ومن أهمها في نظري :

(1) أن يكون ظرف الزمان والمكان والحال مناسباً لدعوة الحق ، بحيث يخلو من المحظورات الشرعية البين حظرها كالمعازف ، ووجود النساء المتبرجات ، والدعايات التجارية الماجنة ، والترويج للدين الباطل ... وما أشبه ذلك .

(2) أن يغلب على ظن الداعي أو ا لعالم رجحان جدوى المشاركة ، وذلك بحسب القرائن والملابسات ، كأن يلمس من القائمين على القنوات الرغبة في نشر الفضيلة ، أو يرى منهم عدم قناعة في برامجهم وأنهم يسعون إلى التجديد ، أو يرى في مشاركته تطويراً في الأداء الإعلامي الهابط وتحسين صورته لدى المتلقي ... وهكذا .

(3) أن يكون المشارك ذا أهلية ومقدرة ، سواء في شخصيته ، أو علميته .
أما الضعيف فلا ينبغي له أن ينبري للمشاركة ، وبخاصة إذا كانت المشاركة حواراً مع خصوم الإسلام ؛ لأن ضعفه يضعف الحق الذي يدعو إليه ، فينسب ذلك إلى الإسلام .
وعلى هذا فليس الأمر جائزاً بإطلاق ، كما أنه ليس ممنوعاً بإطلاق .

ولكني أناشد كل مسلم غيور ألا يبالغ في تصخيم المعوقات في طريق فعل الخير ، وأذكره بكلام للإمام ابن تيمية ، ذكره في كتاب الحسبة في مقام أقسام الناس تجاه فعل الخير يقول : " وأقوام ينكلون عن الأمر ( بالمعروف ) والنهي ( عن المنكر ) والقتال الذي يكون به الدين لله ، وتكون كلمة الله هي العليا لئلا يفتنوا وهم سقطوا في ا لفتنة ... وهذه حال كثير من المتدينين يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهي وجهاد يكون به الدين كله لله ، وتكون كلمة الله هي العليا ؛ لئلا يفتنوا بجنس الشهوات ، وهم قد وقعوا في الفتنة التي هي أعظم مما زعموا أنهم فروا منه ، وإنما الواجب عليهم القيام بالواجب وترك المحظور وهما متلازمان " .
هذا مبلغ علمي ، وفوق كل ذي علم عليم ، وإذا كان ثم نقص أو خطأ فأملي في القراء أن يسددوا الخطأ ، ويسدوا النقص .
والله ولي التوفيق .


أ . د عبد الله بن إبراهيم الطريقي
الأستاذ بكلية الشريعة بالرياض .
اضافة رد مع اقتباس