تساؤل عن جدوى موضة التكتلات النسائية الاقتصادية في الخليج
400 سيدة أعمال خليجية يضعن على عاتقهن تعزيز التجارة البينية بين الدول العربية
أبوظبي - عِطاف الشمري:
بأكثر من أربعمائة سيدة أعمال من معظم الدول العربية التئم ملتقى سيدات الأعمال المستثمرات في أبو ظبي يومي السابع والعشرين والثامن والعشرين من أيار- مايو 2006، رافعاً شعاراً واعداً هو «نحو شراكة استثمارية استراتيجية عربية واعدة». وأقيم الملتقى برعاية وتنظيم من مجلس سيدات أعمال أبو ظبي الذي يمثل قطاع العمل النسائي في مجال الاستثمار بالعاصمة الإماراتية.
ويتضح من الشعار المرفوع في الملتقى ومن الكلمة التي ألقتها رئيسة مجلس سيدات أعمال أبو ظبي الدكتورة روضة المطوع أن الغاية من الملتقى تتمثل في تشجيع الاستثمار بين الدول العربية، وتعزيز التجارة البينية العربية التي ما زالت في حدودها الدنيا التي تقارب 7 في المائة.
وقالت المطوع إن الاستثمار العربي المشترك هو الحل للعديد من المشكلات التي تقع في صلبها البطالة وما يترتب عليها من انعكاسات اجتماعية وإنسانية خطيرة.
غلب على الاجتماع طوال فترته الممتدة ليومين طابع استعراض التجارب الاستثمارية الوطنية، إذ تحدثت مندوبات كل من المملكة والإمارات، ومصر ،عن مكامن القوة في اقتصاديات بلدانهن مما يجعلها جاذبة للمال الاستثماري بعامة، والمال «النسائي» بوجه خاص، باعتبار أن الملتقى هو لسيدات الأعمال وليس للاستثمار بصفة عامة.
وإلى جانب ذلك استعرضت بعض المتحدثات أوجه النجاح للمشاريع الاستثمارية التي قام بها اتحاد المستثمرات العربيات، وتحدثت أخريات عن آفاق الشراكة الخليجية العربية في مجال الاستثمار بأنواعه.
والواقع أن اجتماع سيدات الأعمال العربيات المستثمرات في أبو ظبي ليس حدثاً كبيراً في حد ذاته، وإن كان يعقد لأول مرة ويؤسس لسلسلة سنوية من اللقاءات، غير أن ما يلفت النظر هو الانتشار الكبير في السنوات الثلاث الأخيرة لما يمكن تسميته «موضة» التكتلات النسائية ذات الطابع الاقتصادي في دول الخليج عموماً وفي الإمارات على وجه الخصوص. هل هذه الطفرة مرتبطة بالفوائض المالية التي نالت منها المرأة نصيباً طيباً، أم بالانتعاش الاقتصادي الظاهر للعيان، أم بالانفتاح السياسي الذي يبشر بعهد من الديمقراطية الواسعة؟.
ترى المطوع أن انتشار سيدات الأعمال في الإمارات ناجم عن عوامل عدة من أهمها تطور مكانة المرأة في مجال التعليم ودخولها، بالتالي، عالم «البزنس» مسلحة بالعلم والمعرفة، وهنالك عامل آخر لعب دوراً في ذلك، وهو التحول الرقمي وإمكانية تأسيس المشاريع الاقتصادية المربحة من خلال الإنترنت مما أدى إلى تحييد الحواجز الاجتماعية التي كانت تمنع المرأة من تأكيد ذاتها في سوق العمل وتحقيق الإنجازات التي طالما كانت تتوق إليها.
ويوجد في الإمارات العربية المتحدة أكثر من مجلس لسيدات الأعمال، فمجلس سيدات الأعمال في أبو ظبي يمثل النساء المستثمرات في عاصمة الإمارات، أما في الإمارات الأخرى فهنالك مجالس محلية أخرى مثل مجلس سيدات دبي ومجلس سيدات الشارقة، ثم عجمان.
وإلى مايو الماضي لم يكن ثمة رابط توحيدي قوي يجمع بين تلك المجالس، حتى في ظل وجود مجلس سيدات الأعمال بالدولة، وهو الواجهة الاتحادية لتلك التكتلات، وقد شهد الأسبوع الأول من مايو خطوة مهمة تمثلت في تغيير اسم مجلس سيدات الأعمال بالدولة إلى اتحاد مجالس سيدات الأعمال بالدولة، أي أنه تحول إلى مظلة قانونية وتمثيلية لكافة المجالس النسائية في هذا الإطار.
كثيراً ما يكون السؤال مطروحاً حول الغاية الفعلية من تلك المجالس، هل هو مجرد استعراض نسائي مدعوم من الدولة؟ أم أن هنالك أهدافاً استراتيجية يمكن أن تحققها النساء العاملات في «البزنس»؟. في الواقع إن معظم المنتديات ذات الصلة يغلب عليها الطابع الخطابي، وهذا ينطبق على الملتقى الأخير لسيدات الأعمال العربيات المستثمرات. لكن هذا لا يعكس الصورة كاملة، كما تقول د. المطوع، والدليل يكمن في الإنجازات التي حققها مجلس سيدات الأعمال بأبوظبي، ومنها على سبيل المثال:
- إقامة مشروع «مبدعة» الذي يتيح للمرأة إقامة مشروعها الاستثماري من المنزل والحصول على رخصة تسمح لها بممارسة العمل بلا قيود والتحول إلى أسرة منتجة. وقد استفاد من هذا المشروع المئات من خريجات جامعة زايد والكليات التقنية العليا غير الراغبات في العمل خارج المنزل. ويشتمل على 19 نوعاً من الأنشطة التجارية والاستثمارية.
- إطلاق رخصة سيارات الأجرة لمالكات رخص سيارات التاكسي، وقد تم إطلاق المشروع تحت اسم «إماراتية» وهي شركة رأسمالها نسائي بالكامل.
- انتهى المجلس من تقديم بطاقة معتمدة توفر لعضواته خدمات متميزة لدى جهات التسجيل التجاري والمعاملات ذات الصلة مثل وزارة العمل والداخلية والغرفة التجارية والبلدية ودائرة الاقتصاد.
- إنجاز المرحلة الأولى من مركز تنمية قدرات سيدات الأعمال في أبو ظبي. وهو مركز مكون من ثلاث مراحل يرمي إلى تهيئة جيل من النساء القادرات على إدارة مختلف الأعمال الخاصة والمشاريع المربحة.
ولدى كل من مجالس الأعمال الإماراتية قائمة مشابهة من الإنجازات الصغيرة والكبيرة، مما يبعد عنها «تهم» الاستعراض والاجتماع لغرض الاجتماع إلخ. ويمكن القول إن تشجيع الدولة الإماراتية لتلك المجالس ينطلق من أهداف عدة، إلا أن المرجح أن الدولة وجدت في الاقتصاد بوابة مناسبة لدفع المرأة قريباً من الواجهة، ولا يغيبنّ عن بالنا أن أول امرأة تم «توزيرها» في الإمارات هي الشيخة لبنى القاسمي التي أوكلت إليها وزارة الاقتصاد والتخطيط في خطوة وجد فيها المتفائلون أنها تشي بمتتاليات كبيرة ومفرحة. |