الموضوع: الشيـــــن!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 12/03/2002, 01:31 PM
الصمرقع الصمرقع غير متواجد حالياً
رئيس تحرير مجلة الإقلاع
تاريخ التسجيل: 11/10/2001
المكان: الولايات المتحدة الاميركية
مشاركات: 75
الشيـــــن!



صوت ساعته المنبهة التي لا تفيقه الا اذا وضعها في قدر كان كالكابوس الذي هجم على حلمه الجميل...

اعاده حلمه الى ريعان الصبا، قبل ان يتميز الناس تقاسيم وجهة الكالحة تلك التي تجعل (الشين) مرادفاً لاسمه حاليا, كان يتمنى ان يعود الى ايام المتوسطة ومقصف الفسحة الذي كان يروج فيه لانه لم يفهم قول مدرس العلوم بان الاحتكاك يولد الحرارة الا اذا دخل في معمة زحام البحث عن (مناديل ام نص) لانها ارخص شي يمكن ان يتذرع به رغم انه والمناديل طرفي نقيض، ولم يحقق منيته الا الحلم!

وهذه الساعة اللعينة تفسد متعته البسيطة هذه!

خبط القدر بيسراه لان اغلاق المنبه يعني التركيز في البحث عليها وسط القدر وهذا عمل شاق بالنسبة اليه، كما انه سيشغله عن محاولة العودة الى ماكان فيه، فازداد الصوت وابتعدت الساعة وما كانت فيه عن متناول يده.

استمر الرنين وتصاعد الصوت حتى سيطر على فكر عبيد الشين، فكر في ان مواصلة النوم تعني ان يغيب عن دراسته وهو الاسبوع الماضي تعرض لتهديد من المشرف الاكاديمي بان اي ساعة غياب اخرى تعني ان لا يتمكن من الدراسة الفصل المقبل، وعلى الفور تذكر ان ابن خاله صويلح موظف منذ خمس سنوات ولو كان على بند الاجور، لكنه هو في المقابل لا يزال يقتات على والده، فصلب ظهره وهو لا يزال في فراشه الارضي..


اطفأ الساعة بعد ان اقذع في شتمها و مخترعها..
تثاءب بكل قواه، ربما ليعوض رغبته العارمة في مواصلة النوم. ثم تمنى لو كان وزيراً حتى لا يستيقظ الا في الثانية عشر ظهراً.

فكر عبيد ثانية في اي وزارة ستليق به، وبعد ان استعرض الوزارات الثلاث التي يعرف اسماءها، قال في نفسه: " وانا ليش مبلشٍ روحي بالوزارة، ورى ما اصير وزير بدون شنطة".

كان يريد بالتأكيد ان يكون وزيراً بلا حقيبة وزارية!

هكذا يفهم عبيد مهنة الوزير...

سائق .. سفر على حساب الوزارة .. و عمل يبدأ عقب صلاة الظهر.
ويعتقد ان من الظلم انه لم يخرج من بطن امه من سلالة وزراء حتى يتبوأ هذا المنصب الذي لا يليق الا بامثاله.

سرح بفكره ثانية وتذكر انه لا يجيد من الانجليزية الا بضع كلمات ينطقها بلهجة مكسرة ايضاً، وقبل ان يصطدم طموحه الوزاري بعائق المؤهل اللغوي، تذكر الواسطة وعاد لمخاطبة نفسه: "يعني اول شغلة تصير بالديرة، اني اتعين وزير بدون مؤهلات!". واكمل فرحه بهذا المخرج، لكن عودة الساعة الى الرنين بعد مرور عشر دقائق من تنبيهها الاول، قطع عليه متعته هذه ايضاً، وتناهض بتثاقل وكان اول نشاط عملي يقوم فيه ان ركل الساعة بقدمه حتى تطايرت اشلاءً، واردف:" تستاهلين"!


نفض بطانيته ونظر الى غرفته التي امتلأت بالاشرطة والملابس المتسخة واوراق يثبت لناصحيه من زملاءه انه يذاكر بها وهي ممتلأة برسمات بوهيمية، وبيته الشهير الذي يكتبه كلما توفر له قلم :

اذا صفا لك زمانك عل يا ضامي

عجل قبل لا يحوس الطين صافيها



امام المغسلة تأمل عبيد وجهه في مراية زادت وجهه قبحاً بما تناثر عليها من بقايا الاغتسال، فلمح عظمي وجنتيه البارزين الذين شكلا نتوءاً بارزاً.

فكر في تسميته بـ (الشين) وتجاوزها الا الصبى عندما كانت امه تدلله وهو صغير بقولها:

يا زين الشين زيناه!

تمتم في صمت:" الله يهديتس يا اميمتي، ما كان فيه داعي تعطيني امل في شكلي"، وعاد كأنما اراد ان ينهي الموضوع الى حيث الصنبور فحرك محبس الماء فانهمر وغسل وجهه بلا مبالاة، وعندما نظر في المرأة ثانية تذكر محمد الذي كان يغشى جلسة الاصدقاء بين فينة واخرى.

كان محمد حريصاً على دراسته وهو تخرج من الثانوية بتفوق، وواصل تميزه في الجامعة وقبل تخرجه بفصل توفي في حادث سيارة.

لم يكمل عبيد استعداده للخروج فعاد الى فراشه، وهو يردد: " ما نفع الحرص محمد، هذه مات وهو ما شبع نوم"!


اضافة رد مع اقتباس