مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #6  
قديم 13/04/2006, 12:01 PM
صدى الكلمات صدى الكلمات غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 04/11/2002
المكان: في كل حرف من صدى الكلمات
مشاركات: 415

 




درب المراجل الصعيبة بطل هذه القصة خلق وخلق الفقر والعوز معه إذ عاش في وقت على أهله أقسى من الحجر عانى ما عاناه في الحصول على لقمة العيش الحلال وكان همه الوحيد أن يرزقه الله أبناء يخلد ذكره ويحفظ اسمه متى ما فارق الحياة ولكن الله لم يهب تلك الأمنية إلا بعد أن تقدم به السن كثيرا رغم انه تزوج لأكثر من ثلاث مرات في سبيل الحصول على أمنيته الوحيدة التي تحققت له بعد أن كاد يأس من تحققها حيث ولد له ابن اسماه غريب على اسم جده وكبر الأمل عند فالح الغريب وظل يعمل في كل شيء في سبيل توفير اللقمة الحلال لابنه وأسرته واستمر على هذه الأحوال في فصل الشتاء بحارا مع البحارة لاقتناص اللؤلؤ من أعماق البحار وفي فصل الصيف يكون عاملا يعمل بيده في أعمال البناء على سبيل المثال وما مر يوم من الأيام إلا وهو ينظر لغريب نظرة الأمل والرجاء في أن يصبح غريبا في سن يؤهله لحمل المسئولية عن كاهل أبيه ووقع فالح تحت وطأة السنين إذ أصبح لا يستطيع أن يتحمل الأعمال الشاقة في البحر والبناء نتيجة العمر المتقدم ولكنه لم يترك العمل في سبيل الحصول على لقمة العيش الحلال إذ افترش الأرض أمام باب منزله وأوعز لأبنه الصغير أن يجمع له من ليف النخيل ليقوم بفتلها وتمر الأيام ويكبر غريب وفق مجريات الحياة الكونية وينمو جسمه طولا وعرضا ويزداد فرح فالح بابنه ويقول له :



غريب أنا لا بد لي من مغيب


ولا بد من يومن طويلن اتعيبي


اتعب ترى درب المراجل اصعيبه


قبل ايتبين في عوارضك شيبي


ترى الولد ماريته من صحيبه


والذئب ما له صاحبن كود ذئيبي



ويسمع غريب أبيات والده ويحفظها عن ظهر قلب ولكنها تقع في نفسه وقع الحسام إذ يمسي ولا يصبح عن أهله ويختفي وتختفي أخباره وينقلب الفرح لدى فالح إلى حزن وتبيض عيناه لفقدان ابنه الوحيد ويصبح كفيف البصر بين عشية وضحاه ولكن ذلك لم يثنه عن مواصلة عمله إياه وتمر الأيام والسنون وهو لا يعلم عن مصير ابنه الوحيد أي شيء مما أفقده الأمل بعودته بل بحياته وفي لحظة يائسة انقلبت ألآمه وأحزانه إلى سعادة لا يفوقها سعادة إذ عاد الابن من غربته المجهولة التي دامت خمسة عشر سنة ولم يكن عودة عادية فقد عاد مرفوع الرأس لكثرة ماله وضخامة جاهه ووجاهة مما جعل الفرح يتضاعف لدى والده ولكن كيف أصبح غريب من أصحاب رؤوس الأموال والجاه العريض وهو ابن فاتل الليف وبائع الحبال ؟ يقول غريب انه عندما استمع لأبيات والده عرف من خلالها أنه لا بد له من مصاحبة ألافاضل من الرجال وأن عليه أن يعمل عمل شريفا ويوفر له لقمة العيش وانطلق نحو ميناء بلاده الذي كان يرسو بها باخرة أجنبية واتفق مع ربانها أن يعمل على هذه الباخرة كدهان لها عن ملوحة المياة في البحر واستمر مع ربان الباخرة هذه عبر البحار والقارات واطلع على حركة الناس وإعمالهم وتوفر لديه ما توفر من المال خلال المدة التي قضاها على ظهر الباخرة والتي وصلت إلى عامين كاملين عرف من خلالها كيف يتعامل مع الناس مما حدا به أن يعتذر من ربان الباخرة بعدم استمرار يته في العمل ويرضخ ربان الباخرة لرغبة غريب الذي فضل البقاء في أحدى المدن الكبيرة غير العربية ويتعاطى التجارة وتقبل الدنيا عليه من حيث لا يدري .. وينقلب فقره إلى غناء ومكانته المتواضعة إلى جاه ويتذكر أبويه ويعود إليهما وهو أكبر صاحب محلات للاستيراد التجاري في بلاده ويعيش أهله وأقاربه في كنفه فعلا لا تأملا ..
هذه القصة للذين يهربون عن أهلهم ولا يكسبون طائلا من هروبهم سوى طائل الانحطاط الاخلاقي



اخر تعديل كان بواسطة » صدى الكلمات في يوم » 13/04/2006 عند الساعة » 01:10 PM
اضافة رد مع اقتباس