درب المراجل الصعيبة بطل هذه القصة خلق وخلق الفقر والعوز معه إذ عاش في وقت على أهله أقسى من الحجر عانى ما عاناه في الحصول على لقمة العيش الحلال وكان همه الوحيد أن يرزقه الله أبناء يخلد ذكره ويحفظ اسمه متى ما فارق الحياة ولكن الله لم يهب تلك الأمنية إلا بعد أن تقدم به السن كثيرا رغم انه تزوج لأكثر من ثلاث مرات في سبيل الحصول على أمنيته الوحيدة التي تحققت له بعد أن كاد يأس من تحققها حيث ولد له ابن اسماه غريب على اسم جده وكبر الأمل عند فالح الغريب وظل يعمل في كل شيء في سبيل توفير اللقمة الحلال لابنه وأسرته واستمر على هذه الأحوال في فصل الشتاء بحارا مع البحارة لاقتناص اللؤلؤ من أعماق البحار وفي فصل الصيف يكون عاملا يعمل بيده في أعمال البناء على سبيل المثال وما مر يوم من الأيام إلا وهو ينظر لغريب نظرة الأمل والرجاء في أن يصبح غريبا في سن يؤهله لحمل المسئولية عن كاهل أبيه ووقع فالح تحت وطأة السنين إذ أصبح لا يستطيع أن يتحمل الأعمال الشاقة في البحر والبناء نتيجة العمر المتقدم ولكنه لم يترك العمل في سبيل الحصول على لقمة العيش الحلال إذ افترش الأرض أمام باب منزله وأوعز لأبنه الصغير أن يجمع له من ليف النخيل ليقوم بفتلها وتمر الأيام ويكبر غريب وفق مجريات الحياة الكونية وينمو جسمه طولا وعرضا ويزداد فرح فالح بابنه ويقول له : غريب أنا لا بد لي من مغيب
ولا بد من يومن طويلن اتعيبي
اتعب ترى درب المراجل اصعيبه
قبل ايتبين في عوارضك شيبي
ترى الولد ماريته من صحيبه
والذئب ما له صاحبن كود ذئيبي ويسمع غريب أبيات والده ويحفظها عن ظهر قلب ولكنها تقع في نفسه وقع الحسام إذ يمسي ولا يصبح عن أهله ويختفي وتختفي أخباره وينقلب الفرح لدى فالح إلى حزن وتبيض عيناه لفقدان ابنه الوحيد ويصبح كفيف البصر بين عشية وضحاه ولكن ذلك لم يثنه عن مواصلة عمله إياه وتمر الأيام والسنون وهو لا يعلم عن مصير ابنه الوحيد أي شيء مما أفقده الأمل بعودته بل بحياته وفي لحظة يائسة انقلبت ألآمه وأحزانه إلى سعادة لا يفوقها سعادة إذ عاد الابن من غربته المجهولة التي دامت خمسة عشر سنة ولم يكن عودة عادية فقد عاد مرفوع الرأس لكثرة ماله وضخامة جاهه ووجاهة مما جعل الفرح يتضاعف لدى والده ولكن كيف أصبح غريب من أصحاب رؤوس الأموال والجاه العريض وهو ابن فاتل الليف وبائع الحبال ؟ يقول غريب انه عندما استمع لأبيات والده عرف من خلالها أنه لا بد له من مصاحبة ألافاضل من الرجال وأن عليه أن يعمل عمل شريفا ويوفر له لقمة العيش وانطلق نحو ميناء بلاده الذي كان يرسو بها باخرة أجنبية واتفق مع ربانها أن يعمل على هذه الباخرة كدهان لها عن ملوحة المياة في البحر واستمر مع ربان الباخرة هذه عبر البحار والقارات واطلع على حركة الناس وإعمالهم وتوفر لديه ما توفر من المال خلال المدة التي قضاها على ظهر الباخرة والتي وصلت إلى عامين كاملين عرف من خلالها كيف يتعامل مع الناس مما حدا به أن يعتذر من ربان الباخرة بعدم استمرار يته في العمل ويرضخ ربان الباخرة لرغبة غريب الذي فضل البقاء في أحدى المدن الكبيرة غير العربية ويتعاطى التجارة وتقبل الدنيا عليه من حيث لا يدري .. وينقلب فقره إلى غناء ومكانته المتواضعة إلى جاه ويتذكر أبويه ويعود إليهما وهو أكبر صاحب محلات للاستيراد التجاري في بلاده ويعيش أهله وأقاربه في كنفه فعلا لا تأملا .. هذه القصة للذين يهربون عن أهلهم ولا يكسبون طائلا من هروبهم سوى طائل الانحطاط الاخلاقي |
اخر تعديل كان بواسطة » صدى الكلمات في يوم » 13/04/2006 عند الساعة » 01:10 PM |