مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 27/01/2006, 01:13 PM
Mr.GoaL Mr.GoaL غير متواجد حالياً
عضو سابق في إدارة شبكة الزعيم
تاريخ التسجيل: 11/04/2003
المكان: USA
مشاركات: 13,487
هيئة السوق المالية وتحديات 2006

د. محمد أل عباس - كاتب اقتصادي 27/12/1426هـ

نموت عندما يموت فينا الطموح ونخسر فقط عندما تنتهي من بين أيدينا الأماني. نعيش بين الرجاء والخوف لذلك نقرأ المستقبل ونخطط له علنا نخفف من دوامة الخوف التي تلفنا. نتخذ القرارات ويا للعجب لا يمكننا أن نعرف أبدا إن كان القرار الذي اتخذناه صحيحا أم خاطئا. دوما نحكم على القرار من نتائجه وهذا بحد ذاته أسلوب تقييم خاطئ لأننا لا نرى الوجه الآخر للعملة بمعنى أننا لا نعرف كيف ستكون الأمور لو اتخذنا القرار الآخر (لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء). القرارات بشكل عام لا تقيم بالنتائج وإنما بمنهج اتخاذ القرار نفسه. يجب علينا ألا نحاسب أي موقع مسؤولية بالنتائج بل بمدى اتباعه لأساليب ومناهج اتخاذ القرار. النجاح جميل لكنه بالصدفة يصبح مخيفا ويتسرب لنا الشك حول إمكانية تكراره. نعم أعطني مُوفَقا واحدا وخذ مني ألف عالم, ولكننا لا نحاسب الناس عن مدى توفيق الله لهم بل عما كانوا يستطيعون فعله ولم يفعلوه.
هيئة السوق المالية وضعت نفسها ومنذ البداية في موقع اتخاذ القرار وهذا قَدَرُها, تواجه النقد وقلما تجد النصير. قد يكون السوق أفضل أو أسوأ بعد الهيئة لكن وجودها بحد ذاته كان قرارا صائبا والقرارات الصائبة كما قلت بمناهجها وليس بنتائجها. أمام الهيئة قرارات مهمة وتحديات كبيرة وستُقيم خلال عام 2006 على أساس ما أنجزته منها وما حزمت عليه أمرها في هذا الشأن أو ذاك. قد تكون النتائج جيدة وقد تكون, لا قدر الله, أمرا غير محمود وتبقى القدرة على اتخاذ القرار وفق مناهجه هي أساس التقييم. في هذا المقال شيء من هذه التحديات وبالتأكيد لدى الهيئة ما قد يكون الأهم.
هناك سيل جارف من رجال الأعمال الراغبين في الاستفادة من سوق المال يحملون معهم آمالا بشركات ومشاريع جادة وهناك ما دون ذلك. توجد عقبات أمام الجادين منهم وهناك مخاوف من لصوص سوق المال وعلى الهيئة أن توازن بين الخوف والرجاء. لا مفر من تخفيف العقبات أمام رجال الأعمال كافة ولا بد من حماية السوق حتى لا نفاجأ بمناخ على الطريقة السعودية. ستُقيّم الهيئة خلال العام الجديد بناء على ما حققته من خطوات تجاه سوق حرة فعلا وفي الوقت نفسه سوق حقيقية وهذا هو الرجاء في الهيئة, لن تقيّم الهيئة بعدد من عاقبتهم وإن كانت هذه إجراءات تصحيحية ضرورية وممارسة فعلية للمهام ولكن أرجو ألا يكون السؤال عن عدد الشركات التي أضيفت إلى السوق بعد ستة أشهر من الآن أو مع نهاية العام مقارنة بمن عاقبتهم سؤالا محرجا للهيئة. نريد سابك على أكثر من حجم والدوائية في عدة مستويات, نعم لتعميق السوق ولكن من المهم توسعته وتوزيع مخاطره. لا مفر من سوق ثانية لصناعة السوق الحقيقية لكن عقبات التحول إلى شركات مساهمة عقبات كؤودة خاصة بمقاييس الحجم. هناك قرارات حاسمة ننتظر الهيئة في هذا المجال وأعتقد أنها بحاجة إلى شريك.
لم يعد الاقتصاد ولا الأسواق محدودة بمكان وجود المادة الخام أو رأس المال إنما حيث تكون العقول الاستثمارية القادرة على جذب كلا الأمرين إليها. توجد العقول الاستثمارية دوما في السوق النشطة المرنة والمتطورة القادرة على التأقلم مع رغبات المستثمرين. أنا مع ضبط السوق والنظام والهيئة ولكن من المهم معرفة مميزات السوق السعودية والعمل على الاستفادة منها وليس لي عنقها لتصبح صورة كربونية للسوق الأمريكية. توجد ظواهر تميزنا عن غيرنا يتعامى عنها الجميع رغم عمق أثرها والاتجاه العام الذي تشكله من ذلك على سبيل المثال وجود قوائم بما يسمى "الشركات النقية". لابد أن تستجيب هيئة السوق لمثل هذا الاتجاه بوجود مؤشر على الأقل. هناك صعوبات ! نعم لكن دوما توجد حلول. مما يميزنا أيضا وجود كبار المستثمرين القادرين على توجيه السوق أينما يريدون. هم منا ونحن منهم والسوق السعودية تقوم عليهم مهما جادلنا في ذلك وهم من مميزات السوق ومن مشاكله أيضا. كيف نوظف مميزات هذه الظاهرة وكيف نحد من مشاكلها, تحد كبير تواجهه الهيئة. تحتاج الهيئة إلى شراكة كبار المستثمرين وليس عداوتهم. إن حوارا خاصا مع كبار المضاربين سيكون عملا جيدا وتشكيل حلقات نقاش مغلقة معهم, أمر محمود. المهم أن يستوعبوا مسؤولياتهم تجاه الأمة والوطن وأنهم شركاء النجاح ومع الهيئة في خندق واحد. يجب المشاركة في تحجيم الشائعات وعدم صناعتها من باب أولى. السعي وراء مكاسب محدودة والتركيز على المدى القصير فقط استراتيجيات مضرة ولن يستفيد منها أحد. إن ممارسة عملية صناعة السوق بحرفية ومهنية عالية مع تحمل جزء من المخاطر قصيرة الأجل أمر في غاية الأهمية. لإنجاز هذه المهمة الصعبة جدا وإقناع كبار المضاربين تحتاج الهيئة في نظري إلى شراكة البنوك ومؤسسة النقد.
أمام الهيئة أيضا تحد كبير في موضوع الإفصاح. وكما أؤكد دوما أن الإفصاح فن وتقاليد مهمة أعتقد أن الهيئة تحتاج إلى شريك أو شركاء فاعلين في هذه النقطة. لم تقدم هيئة المحاسبين القانونيين ما يشفع لها لتخفيف وطأة الضغط على هيئة السوق المالية وكأن ما يحدث من ممارسات ضد الإفصاح في عالم آخر. التعليم والتثقيف المستمر قضية أساسية ووجود متحدث رسمي لكل شركة يتولى الرد على الاستفسارات وخاصة مع القنوات الإخبارية وتوضيح وجهة نظر الشركة بحرفية ودبلوماسية لا تضر بالسوق قضية في غاية الأهمية ونقلة حقيقية في مسار الإفصاح خاصة عن الأمور ولابد من ضمان جدية الشركات فيها. وتبقى حوكمة الشركات معايير مهمة طال انتظارها ومن المهم فهم أنها معايير ضمان وليست مقاييس أداء ولهذا يجب أن تعكس مستويات ضمان نحن بحاجة إليها وليست مستوردة.
ما كتبته اليوم يمثل فقط وجهة نظر وقد يكون للهيئة أجندة مهام أخرى المهم أن نتقدم للأمام. وكما أشارت "الاقتصادية" في كلمتها قبل نحو ثلاثة أسابيع ليكتب كل منا أجندته ولنراجعها بعد سنة أو ستة أشهر من الآن ماذا حققنا وماذا بقي علينا لكي ننجزه وإلى أين تسير بنا القافلة.
اضافة رد مع اقتباس