مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #3  
قديم 11/02/2002, 11:05 AM
طالب العلم طالب العلم غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 11/10/2001
المكان: الامارات - دبي - ديره
مشاركات: 277
ما يباح من الغيبة

اعلم أن الغيبة تباح لغرضٍ صحيحٍ شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو ستة أسباب:

أحدها : التظلم ، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية وقدرة على إنصافه من ظالمه .
ويقول ظلمني فلان أو فعل بي فلان كذا .

الثاني : الاستعانة على تغيير المنكر ، ورد المعاصي إلى الصواب فيقول لمن يرجو قدرته : فلان يعمل كذا فازجره ، أو نحو ذلك .

الثالث : بأن يقول للمفتي : ظلمني فلان ، أو أبي أو أخي أو زوجي بكذا ، فهل له ذلك ؟ وما طريقي في الخلاص منه ، ورفع ظلمه عني ؟ ونحو ذلك . فهذا جائز للحاجة . والأحوط أن يقول : ما تقول في رجل ، أو زوج ، أو ولد أو والد ، كان من أمره كذا ؟ ولا يعين ذلك . والتعيين جائز : لحديث هند وقولها (( إن أبا سفيان رجل شحيح )) .

الرابع : تحذير المسلمين من الشر . وذلك من وجوه ، منها : جرح المجروحين من الرواة والشهود والمصنفين ، وذلك جائز بالإجماع بل واجب صوناً للشريعة . ومنها : الإخبار بعيبه عند المشاورة في مواصلته ، ومنها : إذا رأيت من يشتري شيئاً معيباً أو عبداً سارقاً أو شارباً و زانياً ، أونحو ذلك تذكره للمشتري إذا لم يعلمه : نصيحة له لا لقصد الايذاء أو الإفساد ، ومنها : إذا رأيت متفقهاً يتردد إلى فاسق أو مبتدع يأخذ عنه علماً ، وخفت عليه ضرره . فعليك نصيحته ببيان حاله قاصداً للنصيحة ، ومنها : أن يكون له ولاية ، ولا يقوم بها على وجهها ، لعدم أهليته ، أو لفسقه ، فيذكره لمن له عليه ولاية ليستدل به أو يعرف حاله فلا يغتر به ويلزمه الاستقامة .

الخامس : أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته ، كالخمر والمصادرة للناس ، وجباية المكوس وتولي الأمور الباطلة . فيجوز ذكره بما يجاهر به ولا يجوز بغيره إلا بسبب آخر .

السادس : التعريف : فإن كان معروفاً بلقب ، كالأعمش والأعرج والأزرق والأعمى والأقطع ونحوها . جاز تعريفه به ويحرم ذكره بها تنقصاً ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى _ انتهى كلامه بحروفه .

فهذه ستة أسبابٍ ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه، ودلائلها من الأحاديث الصحيحة مشهورة. فمن ذلك:

عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (( ائذنوا له، بئش أخو العشيرة؟ )) متفق عليه [خ(6054)، م(2591)].

احتج به البخاري في جواز فيبة أهل الفساد وأهل الريب.

وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً )) رواه البخاري [(6067)].

قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث: هذان الرجلان كانا من المنافقين.

وعن فاطمة بنت قيسٍ رضي الله عنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن أبا الجهم، ومعاوية خطباني؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أما معاوية، فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم، فلا يضع العصا عن عاتقه )) (1) متفق عليه (2) [م(1480)].

وفي روايةٍ لمسلمٍ: (( وأما أبو الجهم فضرابٌ للنساء )) وهو تفسير لرواية: (( لا يضع العصا عن عاتقه )) وقيل: معناه: كثير الأسفار.

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أصاب الناس فيه شدة، فقال عبدالله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبدالله بن أبي، فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع في نفسي مما قالواه شدة حتى أنزل الله تعالى تصديقي: (( إذا جاءك المنافقون )) ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم، ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم. متفق عليه [ خ(4900)، م(2772)].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجلٌ شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم؟ قال: (( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف )) متفق عليه [ خ(5359)، م(1714)].

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
-------------------------------
(1) ما بين منكبه وعنقه.
(2) وليس هو في البخاري.
اضافة رد مع اقتباس